تحفظت اسرائيل عن الصلاحيات الممنوحة ل"لجنة تقصي الحقائق" الدولية، ولم تقرر بعد كيف ستتعاطى مع أعضائها، وأعرب رئيس الوزراء ارييل شارون عن قلقه من النتائج التي قد تتوصل اليها، ودعا رئيس الوزراء السابق بنيامين نتانياهو الى تشكيل لجنة تحقيق في عمل الأممالمتحدة التي "تواقحت على اسرائيل من خلال" هذه اللجنة. وفيما أعلنت الولاياتالمتحدة دعمها للجنة، آملة ان تجري "تقويماً شاملاً وموضوعياً" للوضع في مخيم جنين، دافع أنان عن ثلاثة مسؤولين دوليين حملت عليهم اسرائيل واستبعدت امكان اشراكهم في اللجنة، وقال انه مصاب بخيبة أمل لتعرض ممثله الشخصي في الشرق الأوسط تيري رود لارسن للانتقاد "لأنه نقل مشاهداته" في مخيم جنين. في غضون ذلك، رحب الفلسطينيون باللجنة، معلنين انهم سيقدمون لها أي مساعدة تطلبها. الناصرة، نيويورك، واشنطن - "الحياة"، أ ف ب، رويترز - استبقت اسرائيل وصول "لجنة تقصي الحقائق" الدولية في مخيم جنين بالتشكيك بها لأن "اللعبة معروفة سلفاً والفريق سيتهم، في كل الأحوال، اسرائيل بمسؤولية ما حصل". وأفادت تسريبات من مكتب رئيس الحكومة ارييل شارون انه لم يقرر بعد كيف سيتعاطى مع أعضاء اللجنة وان لديه تحفظات عن التشكيلة التي أقرها انان وعن الصلاحيات الممنوحة لها. ونقلت الاذاعة العبرية عن مصادر في تل ابيب قولها ان اسرائيل لم تقل بعد كلمتها الأخيرة، في تلميح الى امكان عدم التعاون مع اللجنة. وعبر شارون عن قلقه من النتائج التي سيتوصل اليها فريق التحقيق الدولي، وأبلغ اعضاء لجنة الخارجية والأمن انه "وافق على فحص ما جرى في جنين ليمنع قراراً أسوأ في مجلس الأمن". وقال مستشاره السياسي داني ايالون ان اسرائيل تمنت على الأمين العام ان يكون الفريق الذي شكله ذا طابع عسكري وليس سياسياً لأن المطلوب منه "فحص عملية عسكرية". وتحدثت الاذاعة عن غضب المسؤولين الاسرائيليين لعدم استشارتهم قبل ان يعين الأمين العام الفريق "وثمة شعور يراود مسؤولين في وزارة الخارجية بأن انان لم يلتزم بما تم الاتفاق عليه مع وزير الخارجية شمعون بيريز وتحديداً صلاحيات الفريق". وزادت ان بيريز سارع الى مهاتفة انان ليسأل عما اذا كان الفريق ينوي تقصي حقائق ما دار في جميع الأراضي الفلسطينية أم سيقتصر عمله على مخيم جنين. وأضافت ان انان اكد ان الفريق "سيفحص فقط ما دار في المخيم وان نتائج الفحص لن يكون لها أي مفعول قضائي". وأفادت ان وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر تحدث الى انان محتجاً على عدم التنسيق مع اسرائيل قبل تعيين اعضاء الفريق وطالبه بأن يكون الجنرال العسكري الاميركي وليام ناش عضواً في الفريق وليس مستشاراً عسكرياً، وان الأمين العام للمنظمة الدولية تجاوب مع هذا الطلب. ودعا رئيس الحكومة السابق بنيامين نتانياهو الحكومة الى عدم التعاون مع اللجنة والمنظمة الدولية عموماً، وقال للاذاعة انه "ينبغي نزع الشرعية عن هذا الفريق والدعوة الى تشكيل لجنة تحقيق في عمل الاممالمتحدة التي أقدمت بوقاحة وبسوء نية على المس باسرائيل من خلال تشكيل الفريق المذكور". لكن على رغم التحفظ الذي أبداه شارون، فإن مصدراً في وزارة الخارجية أعلن ان ليس لدى اسرائيل أي اعتراض على ترؤس الرئيس الفنلندي السابق مارتي اهتيساري اللجنة. وفي المقابل قال نبيل أبو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ان الفلسطينيين "يرحبون" بالفريق. وأضاف: "نأمل ان يبدأ هذا الفريق عمله في أسرع وقت ونحن ملتزمون توفير كل المساعدة الضرورية له وتقديم المعلومات التي في حوزتنا". وستضم اللجنة المفوضة العليا السابقة لشؤون اللاجئين ساداكو اوغاتا، وكورنيليو ساماروغا، الرئيس السابق للجنة الدولية للصليب الاحمر، ومستشاراً عسكرياً هو الجنرال الاميركي السابق وليام ناش، اضافة الى المتخصص في شؤون الشرطة المدنية الايرلندي بيتر فيتزجيرالد اللذين سبق ان عملا مع الاممالمتحدة في البلقان. وقال انان ايضاً ان اعضاء الفريق سيلتقون "هذا الأسبوع في أوروبا" على ان يتوجهوا الى اسرائيل في "أسرع وقت ممكن". في واشنطن، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية ريتشارد باوتشر: "نعتقد انه من المهم دعم مبادرة الأمين العام بالتعاون مع حكومة اسرائيل والسلطة الفلسطينية للحصول على المعلومات الدقيقة حول الوضع في جنين". واضاف: "ننتظر من هذا الفريق ان يجري تقويماً كاملاً وموضوعياً للوقائع"، مذكراً بأن اميركا عبرت دائماً عن قلقها إزاء الوضع الانساني في المخيم. في نيويورك، دافع انان عن ثلاثة مسؤولين في الاممالمتحدة اتهمتهم اسرائيل بالتحيز للفلسطينيين واستبعدتهم من "لجنة تقصي الحقائق". وقال خلال مؤتمر صحافي أعلن فيه تشكيلة اللجنة، انه مصاب بخيبة أمل بسبب تعرض ممثله الشخصي في الشرق الأوسط تيري رود لارسن للانتقاد علناً "لأنه نقل مشاهداته ليس إلا". وذكرت وسائل الاعلام الاسرائيلية الاحد - وهو ما تم نفيه رسمياً في ما بعد - ان السلطات ستقاطع لارسن لأنه أعلن ان عمليات التدمير في مخيم جنين تشهد على "فظاعة تفوق التصور". ولفت انان الى "انه لارسن لم يتهم اسرائيل أبداً بارتكاب مجزرة، حتى انه لم يستخدم تعبير مجزرة". ودافع الأمين العام للامم المتحدة ايضاً عن مفوضة حقوق الانسان في المنظمة الدولية ماري روبنسون ومدير وكالة الاممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين اونروا بيتر هانسن اللذين تعرضا ايضاً لهجوم اسرائيلي. وقال: "ان الثلاثة موظفون دوليون مميزون يعملون بكد ووفقاً لروح شرعة الاممالمتحدة ومن أجل مثل الأممالمتحدة". وأضاف ان "هانسن أنجز مهمته ميدانياً وعبر مع لارسن عن قلقهما للوضع الانساني، انه عملهما". وزاد ان "روبنسون كلفتها اللجنة بالتوجه الى هناك جنين ولم يكن بامكانها الوصول، وعلى حد علمي، فإنها لم تدل بأي تصريح عن الوضع في جنين يمكن ان يسبب صدمة". وأوضح الامين العام للمنظمة الدولية: "لم تكن هناك أي نية البتة" في تسميتهم ضمن الفريق المكلف بتقصي الحقائق. وقال: "لكني أجد انه من المؤسف ان تصدر اعتراضات علنية على تسميتهم في حين ان المسألة لم تطرح أبداً".