سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وزير الاقتصاد السوري يتحدث ل"الحياة" عن كيفية تذليل العقبات أمام الاستثمارات . غسان الرفاعي : الودائع السورية 80 بليون دولار ونسعى إلى القضاء على "البيروقراطية"
قدّر وزير الاقتصاد السوري، الدكتور غسان الرفاعي، في مقابلة أجرتها معه "الحياة"، ودائع السوريين في الخارج بنحو 80 بليون دولار اميركي، لافتاً الى ان الحكومة تبذل جهودها لإزالة "كل العقبات" أمام تدفق الاستثمارات الاجنبية والعربية والوطنية الى البلاد بعد توافر "البيئة الاستثمارية المناسبة" في سورية. في اول لقاء صحافي له بعد تسلمه حقيبة الاقتصاد وتركه منصبه في البنك الدولي، بعد التغيير الحكومي الاخير في كانون الاول ديسمبر الماضي، أقر الدكتور غسان الرفاعي بوجود "مشكلة بيروقراطية" في البلاد، وأشار الى ان توجيهات الرئيس بشار الاسد تركز على "تطوير الاطر البشرية" التي تشكل "احد التحديات الاساسية" امام سورية. وقال إن قراراً صدر بتشكيل "نافذة موحدة" للإستثمار لتسريع عملية الترخيص للمشاريع الاستثمارية، مؤكداً ان "اتجاه الحكومة الواضح لا يقوم على التخصيص، بل على تطوير القطاع العام". وأضاف: "ما يهمني هو الاداء سواء كان خاصاً ام عاماً". وفي ما يأتي نص الحديث: يبدأ الملتقى السادس لرجال الأعمال العرب في دمشق. هل تعتقد ان مناخ الإستثمار أصبح جاهزاً في سورية؟ - بالتأكيد. لو كان لدينا شك لما دعينا هذا الحشد الكبير من المستثمرين، ذلك ان الأعوام الماضية شهدت انجازات كبيرة في مناخ الاستثمار وتحسينه. وكلنا يعرف القانون رقم 10 الذي فتح الباب امام الإستثمارات العربية والاجنبية في سورية. لقد كان انجازاً كبيراً شاركت مؤسسات دولية كثيرة في النظر اليه وفحص جوانبه الايجابية والسلبية. كان هذا القانون المفتاح الاول والباب الذي دخلت منه بعض الإستثمارات ولو كانت خجولة في اول الامر. وتم تعديله اخيراً ليعطي فرصة اكبر للمستثمرين العرب والأجانب كي يستثمروا في سورية، بحيث تم توسيع نطاقه ليشمل خدمات ومشاريع زراعية. كما انه أعطى حقوقاً جديدة، مثل حق ملكية اراضي أي مشروع، الأمر الذي لم يكن موجوداً في القانون السابق. وهذا تحسن كبير. لكن هناك عقبات تتعلق بتأخر الترخيص للمشاريع؟ - هناك توجيه من الرئيس بشار الاسد وعمل عليه وبسرعة قصوى لإنشاء النافذة الواحدة لتسهيل امر المستثمر وتسريع القرار في شأن استثمار معين وتفعيله. هذا كله ضمن توجيه مباشر من الدكتور الاسد الذي رأى ان لتفعيل دورالاستثمار العربي والأجنبي وتقويته في سورية دوراً مهماً وفعالاً في تحريك الاقتصاد في شكل عام. هذا التوجه واضح لكل منا ويجب ان نعمل جميعاً كأفراد وليس كقانون لمساعدة المستثمر واعطائه حقه وتوفير المناخ المناسب لذلك. كما طلبنا من مؤسسات دولية مساعدتنا. من "البنك الدولي" و"صندوق النقد الدولي"؟ - لا، سيأتي بعد ايام وفد من احدى مؤسسات البنك التي كان لي شرف ادارتها في فترة معينة الى سورية للتعاون في مسح جديد لمناخ الاستثمار ومساعدتنا في إزالة العقبات ومساعدتنا في تثبيت مبدأ النافذة الواحدة. على رغم وجود القوانين والتشريعات القانونية لتشجيع الاستثمار، الا ان هناك مشكلة في مجيء الاستثمارات سواء العربية او الاجنبية الى سورية. هناك من يتحدث عن بيروقراطية او عقبات غير مباشرة تحول دون ذلك؟ - هذا سؤال مهم وجيد. لا يمكن القول انه ليست هناك عقبات. هناك عقبات، لكن هناك ارادة وتوجه لتذليل هذه العقبات. واتفقت مع المستثمرين على رفع الامور الصعبة الى مستوى الوزير. اي، لم نعد نقبل بأن نترك الادارة تتصرف بالمسموح والممنوع والتفسير. فاذا كانت هناك عقبات يرى المستثمر انها عقبة ادارية وليست قانونية، فأهلاً وسهلاً في مكتبي في اي يوم كان. وجهت هذا الكلام عندما كنت في زياراتي المتعددة الى الخارج، حيث حرصت على لقاء المغتربين لاننا نعطيهم اولوية، لاجراء حوارات مفتوحة وصريحة حول الاستثمار. كانت هناك اسئلة لم يكن من السهل الإجابة عليها، فجاوبت عليها خطياً وفردياً. لذلك نحن بصدد ان نفعل على الارض هذا العمل. فالعقبات موجودة، اسألني عن أي دولة ليست فيها عقبات. كل دولة فيها عقبات، لكن الا تعتقدون ان هناك مشكلة اذا كانت كل عقبة ادارية تواجه اي مستثمر لا تُحل الا من الوزير؟ الا تجدون ان هناك مشكلة بيروقراطية؟ - حلها بالتوجيه. حلها بأن نضع ونركز الاهتمام. صحيح انه اذا كان كل امر يُرفع للوزير، فانه امر لا يحتمل. لكن اريد ان اركز على الامور الصعبة التي من شأنها ان توقف عمل الاستثمار وليس الأمور الصغيرة. أي أمر أساسي من شأنه يوقف عمل الاستثمار او يجعل صاحبه يعيد النظر في الاستثمار، من واجبي او من واجب زملائي ان يعرفوا فيه ويعالجوه. لكن يجب عدم رفع كل صغيرة وكبيرة الى الوزير. هذا غير مقبول. في الوقت نفسه، يجب ان نوجه ونركز ونحاول ان نعيد تهيئة الطاقم الاداري وهذا الطبيعي. هناك توجيه من الرئيس الاسد بوجوب تحديث الاطر الادارية. في التغيير الحكومي الاخير الذي حصل في كانون الاول ديسمبر الماضي، تشكل فريق اقتصادي بعقلية اصلاحية ومنفتحة. لكن ذلك أظهر فجوة كبيرة بين الوزراء والجسم البيروقراطي او الجسم الاداري الذي ينفذ القرارات. كيف يمكن ردم الهوة؟ - تجاوزها لا يحصل غداً او بعد غد. نتكلم عن الانسان لا نتكلم عن ماله. نتكلم عن الانسان وقدرة الانسان وتهيئة الانسان والعامل البشري. لذلك فإن تحديث الكوادر وتهيئتها سيكون بالنسبة لنا مبدأً جوهرياً واساسياً وكلنا نعمل عليه في الوزارات. هناك عمل دؤوب ولكن طبيعي لتحديث هذه البيروقراطية وتغييرها وتسهيلها وهذا امر ليس بالسهل. لا أحب ان أظهر بمظهر الواثق بان هذا سيحصل غداً. فهذا لن يحصل غداً، بل خلال فترة زمنية: إعداد الانسان، إعداد البشر. يجب ان يبدأ كل ذلك بمرحلة التعليم، وينتهي بالتهيئة الفنية. أصدر رئيس الوزراء محمد مصطفى ميرو قبل اسابيع قراراً يمنع التمديد لأي مدير، لكن بعض المسؤولين طلب الاستثناء لأن الجيل الثاني ليس جاهزاً؟ - البلاغ أمر جيد لأنه يجب اعطاء الفرصة للجيل الجديد والدم الجديد ان يأخذ مركزه وان يأخذ حقه. ربما تتخوف من قدرات أي شخص جديد، لكن عندما يعمل تكتشف ان تصورك كان غلطا كبيرا. اذن، أنت رافض لفكرة الاستثناء؟ - ارفض الاستثناءات الا في حالات قصوى لانه في كل شيء هناك استثناء. الا في الحالات القصوى التي من شأنها اخلال بالعمل وعدم تأديته، لكن من يريد ان يمدد يجب ان يلتزم بأن يكون هناك امر مواز مع هذا التمديد إلا وهو اعداد الخط الثاني. بعد صدور 11 عاماً على قانون الاستثمار لم يأت الكثير من اموال السوريين في الخارج. ما هي تقديراتك لاموال المغتربين؟ - ان الودائع السورية الخاصة الموجودة في الخارج تراوح بين 80 و120 بليون دولار اميركي. انني مقتنع أن قيمتها على الاقل هي 80 بليون دولار. اذا استطعت ان تستقطبها فأنت لست بحاجة لاستثمارات اجنبية. انا طموح جدا لذلك ادعو واتمنى من الصناعي والتاجر والمستثمر السوري في الخارج ان يعيد النظر ايجاباً في أمر استثماره في سورية. ماذا عن العقبات؟ - هناك عقبات في بلده ونحن نعد ان نتعامل مع العقبات سوية لأن الأمر لا يتعلق فقط بوزارة الاقتصاد ووزارة المال يجب ان تكون هناك قناعة بأن هناك ربحية وهناك مناخ. انا ادعو الناس لكي تربح. وكل شخص يقول فقط تعالوا من مبدأ الوطنية وغيره يحلم. الوطنية موجودة في كل شخص والمحبة للبلد موجودة في كل شخص وانا من المغتربين ومحبتي للبلد لم تتناقص يوما بل ازدادت لبعدي عن البلد. وهذا امر يؤثر. فانا ادعو الاخوان السوريين لأن يعيدوا النظر، لان سورية بحاجة لهم. قيل ان هناك سببين لعدم عودتهم: عقبات الاستثمار وعدم وجود اصلاح سياسي. هل توافقون على ذلك؟ - لست سياسيا. افهم الاصلاح السياسي انفتاحاً سياسياً. اؤكد ان هذا موجود ويحصل ومنها الاصلاحات قرار السماح بالاذاعات والصحف الخاصة. دعنا نبتدأ مما كنا عليه وليس مما يتوقعه الآخرون. يريدون في الخارج ان نبدأ من درجة تسعين، نحن كنا في موقف واصبحنا في موقف، هل موقف اليوم انفتاح او لا؟ انا اقول انفتاح والحمد لله. كلام الرئيس في جولاته واضح وهو: نريد ان نبني جسوراً مع العالم مع التأكيد على الثوابت الوطنية والقومية التي لن تزيح عنها سورية أبداً سواء عوقبنا ام لم نعاقب. سأضرب لك مثالاً: بالتزامن مع قرار السماح بالمصارف الخاصة تم اعتقال المدير العام ل"المصرف التجاري السوري" محمود مثقال. الا تعتقد ان هذا يعطى اشارات متناقضة؟ - لا نتكلم عن شخص معين بل عن واقع وحالة. لماذا نثور عندما يحال أحد مديري المصارف على التفتيش ولا نتعجب عندما يحال مسؤول من اكبر شركة في اميركا "انرون" على التفتيش ويوضعون كبار مسؤوليها في الحبس؟ لا اقول ان العقاب في غير محله مقبول. انه غير مقبول، لكن اذا ثبت ان هناك تقصيراً ليس مهنياً، بل مسلكي لا بد من المحاسبة القانونية. انني لا اتكلم عن عن السيد مثقال الذي هو بريء حتى تثبت ادانته. ونحن ننتظر التحقيق والقانون يسري على الجميع. خلال عملك في "البنك الدولي" ساهمت في برامج انتقال دول أوروبا الشرقية إلى نظام الاقتصاد الحر، هل توافق على التخصيص في سورية؟ - لكل بلد خصوصيته. يجب ان لا نعمم، ولا يمكن ان نعمم. أنا من انصار الاداء الجيد. لا تهمني قضية من يملك. قطاع خاص أو عام. القطاع الخاص يملكه شخص والقطاع العام تملكه الدولة. احب ان اقول واشدد انني من انصار الاداء الجيد والاداء الذي يؤدي إلى ربحية في آخر السنة. وبالنسبة للتخصيص في سورية، أنا رأيت منذ اليوم الأول، وانطباعي الثابت بأن موضوع التخصيص غير مطروح في الوقت الحاضر. لكن ما هو مطروح زيادة فعالية القطاع العام. عن طريق فصل الادارة عن الملكية؟ - نعم فصل الملكية عن الادارة لم تعد مسألة مطروحة للتساؤل، هذا أمر واضح وتم بدء العمل فيه، وسنرى ماذا تكون نتيجته. يمكن أن يتم لاحقاً الاتجاه نحو بيع بعض شركات القطاع العام، أي التخصيص؟ - لا أعلم. لكنها الآن غير مطروحة؟ - اليوم غير مطروحة. لكن ما هو مطروح هو تفعيل وزيادة دور قطاع الاعمال، أي القطاع الخاص، في اخذ دور قيادي من أجل دفع عجلة الاقتصاد. وفي رأيي، ان نجاح القطاع الخاص سيفرض على القطاع العام أمراً محتوماً وهو ضرورة التقدم للنجاح وزيادة القدرة على المنافسة. اعتقد أن المنافسة تظهر الأفضل في الإنسان وفي المؤسسة. بعد صدور قانون المصارف الخاصة. هل هناك خطوات عملية لترخيص مصارف خاصة في البلاد؟ - انني متشجع كثيراً بعد المبادرات التي جاءت من بنوك خاصة عربية وأجنبية. لقد تقدم عدد كبير منها بطلبات اعلان رغبة، لذلك طلبت من حاكم مصرف سورية المركزي أن يبلغها بأنها إذا كانت جادة، فالرجاء إعادة تقديم الطلب حسب المواصفات التي قدمناها في الجرائد والاعلانات. هل هناك شروط معينة؟ - سننظر الى الطلبات بكل شفافية بحيث تتوافر لكل من تقدم بطلب الفرصة نفسها. والمواصفات هي التي ستقدم أحداً على الآخر. اننا نتطلع إلى بنوك تقدم الفرصة لسورية والقطاع الخاص، إضافة إلى الخبرة. نطلب أن تكون مصارف كبيرة من الحجم الذي يجعلها قادرة على فتح فروع في المحافظات وأن لا تكتفي بدمشق مثلاً.