يلجأ بعض الشبان السوريين في سبيل مواجهة عدم موافقة الأهل على زواجهم ممن يرغبون أو في حال أخرى للهروب من تكاليف الزواج وغلاء المهور الى زواج "الخطيفة" بهروب الفتاة مع من تحب والزواج منه. ويشكل زواج الخطيفة أيضاً الحل الناجع لمشكلة اختلاف الأديان بين العريس والعروس والذي يقابل عادة برفض الأهل والمجتمع. وتشكل المتطلبات المادية لأهل الشابة مشكلة كبيرة تواجه العريس. حيث يقوم الأهل بإرهاق العريس الشاب بالطلبات كالبيت والسيارة والمهر رغبة منهم إما في "تطفيش" العريس إذا لم تعجبهم مواصفاته، واما في الحصول على ضمانات لراحة ابنتهم واستقرارها. وفي كلتا الحالين يجد الشاب نفسه في موقف لا يحسد عليه خصوصاً مع الضائقة الاقتصادية التي تكبل أيدي الشبان وخصوصاً ممن ينتمون الى الطبقة الاجتماعية المتوسطة التي لا مجال فيها لمساعدة الأب ذي الدخل المحدود لابنه في تكاليف الزواج. تروي الشابة سعاد موسى 20 عاماً قصة زواجها قائلة: "خطبت ابن خالتي الذي أحببته كثيراً والذي وافق عليه أبي ولكن أمي لم توافق لاختلافها مع خالتي ولرغبتها في تزويجي من رجل ثري من أجل تأمين مستقبلي بحسب رأيها. استمرت أمي في اثارة المشكلات بيني وبين خطيبي كي نتخلى عن بعضنا حتى قررنا ان نتزوج خطيفة. وهكذا مر علي ابن خالتي ليلاً و"كللنا" بعيداً من أهلي وعشنا نحو سنة من دون رؤيتهم. حاول اقربائي في ما بعد ان يوفقوا بيني وبين أهلي فصفح عني أبي أما أمي فلم تفعل". أما في حال اختلاف الدين بين العروسين، فإن نتائج زواج الخطيفة غالباً ما تكون مأسوية. يروي تمام ديب قصة مأساته قائلاً: "أحببت صديقتي في الجامعة كثيراً. لكن اختلاف الدين كان عائقاً فهي تنتمي الى الطائفة المسيحية. ولم يتقبل أهلي أو أهلها الموضوع. فاتفقت انا واياها على الهرب والزواج بعيداً. بعد أيام، استيقظنا صباحاً على قرع الباب، وإذ بأخيها الصغير الذي يبلغ من العمر اثني عشر عاماً، يدخل مسرعاً الى داخل البيت ويفرغ بندقيته التي كان يحملها بجسد أخته. كان أهلها طبعاً هم من حرضوه. لن أنسى هذا المشهد ما حييت ولن أغفر لهم. طبعاً لم يحاكم أخوها كما يجب لأنه حدث وأدخل سجن الأحداث. وتدرج جريمته في اطار جرائم الشرف". وكثيراً ما يسبب زواج الخطيفة في هذه الحال القطيعة بين عائلة الشاب وعائلة الشابة على أقل تقدير. وغالباً ما يقابل بمقاطعة المجتمع بكافة شرائحه للمتزوجين بهذه الطريقة. يقول سليم بدر: "تزوجت منذ خمس سنوات من فتاة كان هناك اختلاف بيني وبينها في الدين. وما زلنا حتى الآن في حال قطيعة مع أهلي وأهلها وبخاصة مع أخي الذي سبق وهددني بالقتل. وما زال المجتمع ينظر الينا باستهجان ويتحاشى جميع من حولنا وحتى جيراننا الاختلاط بنا وكأننا من عالم آخر". وقد يكون القتل مصير زواج الخطيفة حتى مع عدم وجود اختلاف في الدين. يروي عماد القاسم قصة أخته قائلاً: "كانت أختي الوحيدة. أعجبت بابن الجيران الذي تقدم لخطبتها ولكن أهلي لم يوافقوا عليه. وحاولوا دفعها لتنساه بكافة السبل بالشتيمة أحياناً وبالضرب أحياناً أخرى. وفي أحد الأيام استيقظنا ولم نجد أختي في البيت، تزوجت أختي وحملت وعادت بعد سنة الى البيت ليستقبلها أخي الكبير بطعنها بسكين طعنات كثيرة مزهقاً حياتها وحياة جنينها". وأصبح مألوفاً لدى البعض ان يكون زواج الخطيفة بين الشباب بموافقة الأهل وذلك للتهرب من تكاليف الخطبة والزواج وحفلة العرس وغيرها. يقول سلام رستم: "أحببت فتاة وخطبتها أنا وأهلي من أهلها. لكن حالتي المادية لم تكن تسمح بأن أقيم حفلة كبيرة وعرساً بعدها، الأمر الذي يكلف الكثير من المال. لذا اتفقت أنا واياها واخبرنا أهلنا اننا "سنخطف". وبالفعل اتفقت مع أصدقائي لمساعدتي وتزوجنا من دون حفلة ومن دون علم الأقارب". ويقوم فقراء البدو من الشباب في سورية بخطف البنت إذا كانت ترغب بالشاب. فيقال "فلانة خطفت فلان"، ولا يقال "فلان خطف فلانة". ولا يكون الخطف الا للفتاة العازبة. ويتوجب بعدها ان يرضي العريس أهل العروس بمبلغ من المال. وفيما يعتبر زواج الخطيفة حلاً لدى بعض الشبان، تشكل "الخطيفة" عادة شعبية طبيعية للزواج لدى الشركس في سورية، حيث يقوم الشاب بخطف الفتاة للزواج منها على رغم موافقة الأهل. فتلك عادة متبعة عندهم منذ القديم وما زالت مستمرة حتى الآن.