بدأت أمس اتصالات ومشاورات بين الدول الاعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك في شأن استقالة الامين العام للمنظمة علي رودريغيز من منصب الامين العام عقب تعيينه رئيساً لشركة النفط الوطنية الفنزويلية، وسط توقعات بأن تجدد الاستقالة النزاع داخل "أوبك" على منصب الامين العام الذي نشب عام 1999 عندما أعلن ريلوانو لقمان النيجيري، الأمين العام في حينها، انه قرر عدم تجديد ولايته للأمانة العامة. أكد وزير الطاقة والمناجم الفنزويلي الفارو سيلفا أن الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز اتخذ قراراً بتعيين الامين العام الحالي لمنظمة "أوبك" علي رودريغيز رئيسياً جديداً لشركة النفط الفنزويلية الحكومية "بتروليوس دي فنزويلا". وقال سيلفا في مقابلة تلفزيونية في كراكاس ان رودريغيز، وهو وزير الطاقة والمناجم السابق، قد قبل المنصب. وسيحل رودريغيز محل خبير الاقتصاد غاستون بارا. ويتوقع ان تفتح استقالة رودريغيز من أمانة المنظمة الصراع مجدداً داخل "أوبك" على تعيين أمين عام للمنظمة، وهو الصراع الذي نشب في اوخر عام 1999 عندما استقال لقمان من المنصب وانتهى بتعيين رودريغيز كحل وسط يرضي جميع الدول الاعضاء في المنظمة. وسعت كل من السعودية وايران في حينها على انتخاب مرشحها للأمانة العامة للمنظمة، وطرحت في حينها فكرة تقاسم السعودية وإيران لولاية الأمين العام للمنظمة بالتناوب لمدة ثلاث سنوات لكل منهما، لكن الفكرة لم تلق ترحيباً واستبعدت من القرار النهائي. وزادت حدة الخلاف على أمانة المنظمة عندما أعلن العراق ترشيح عبدالأمير الانباري لمنصب الامين العام. لكن الرئيس العراقي صدام حسين سحب المرشح العراقي لمصلحة أي فنزويلي يختاره الرئيس الفنزويلي للمنصب اثناء زيارة شافيز الى بغداد لدعوته لحضور قمة "أوبك" في كراكاس في أيلول سبتمبر عام 2000. وتوقعت مصادر "أوبك" ان يحصل ذلك مجدداً وان يتم الاتفاق في النهاية على أمين عام يرضي الجميع، مثل وزير الطاقة الجزائري شكيب خليل. والحل الآخر اذا تعثرت عملية اختيار أمين عام، حسب المصادر نفسها، هو تولي رئيس المنظمة الحالي ريلوانو لقمان الامانة العامة بالوكالة مثلما حصل في السابق عندما تولاها وزير النفط الليبي عبدالله البدري ووكل بدوره كبار المسؤولين في المنظمة القيام بالأعمال اليومية. وتوقعت مصادر نفطية خليجية ان تعاود السعودية محاولاتها لترشيح سعودي لمنصب الامين العام ل"أوبك"، فيما يتوقع ان تعلن إيران عن مرشح ايضاً. وقالت المصادر ل"الحياة" أمس ان السعودية لديها كفاءات نفطية دولية وسبق لها ترشيح سليمان الجاسر الحربش عام 1999 لهذا المنصب، الا ان ايران حاولت بدورها الحصول على المنصب الذي ذهب الى فنزويلا. وكانت ايران رشحت عام 1999 محافظها في الامانة العامة حسين كاظمبور اردبيلي لتولي منصب الامين العام. ولفتت المصادر نفسها الى ان مرشحاً من السعودية "أياً كان" سيحصل على موافقة غالبية الاعضاء والتأييد الكامل من وزراء نفط الخليج الذين سبق ان ابدوا دعماً كبيراً لترشيح الحربش لاسباب اعتبروها في حينه في صالح المنظمة والسوق النفطية العالمية. وأعلن مسؤول في "أوبك" في فيينا أمس ان رودريغيز سيتخلى عن منصبه كامين عام للمنظمة لتسلم ادارة "بتروليوس دي فنزويلا". وقال المسؤول طالباً عدم الكشف عن اسمه انه "لا يمكن ان يتسلم المنصبين معاً". وأضاف: "لا اعتقد ان وزراء النفط في أوبك يريدون تكرار الخطأ نفسه الذي ارتكب في السابق مع لقمان"، في اشارة الى ريلوانو لقمان الرئيس الحالي ل"أوبك". وتابع: "هناك فرق كبير بين ادارة شركة نفطية وادارة منظمة دولية، هناك تضارب مصالح"، مضيفاً "ان كل وظيفة من هاتين الوظيفتين تتطلب العمل بدوام كامل ولا يمكن ادارة منظمة من على بعد الاف الكيلومترات من مقرها". وزاد "ان امانة سر أوبك لم تطلع على تعيينه في المنصب الجديد ولا يوجد اي قرار رسمي في هذا الشأن بعد". لكن وزير الطاقة الفنزويلي قال ان رودريغيز سيحتفظ بمنصبه في "أوبك" في حال وافقت المنظمة على ذلك. وكان لقمان تسلم لفترة من الوقت منصب وزير في بلاده ومنصب الامين العام ل"أوبك". وهناك احتمالات عدة بالنسبة للامانة العامة، من بينها تسلم مدير الابحاث في المنظمة الدكتور عدنان شهاب الدين كويتي الامانة العامة بالوكالة كونه الثاني في المنظمة بعد الامين العام. وجرى ذلك في الماضي في الثمانينات عندما تولى الدكتور فاضل الشلبي منصب الامين العام بعدما تعذر على المنظمة تعيين أمين عام جديداً. لكن مصادر من "أوبك" قالت ل"الحياة" ان مثل هذا الاحتمال غير وارد لان شهاب الدين لم يتول منصباً سياسياً قبل تسلم منصبة الحالي في المنظمة، فيما كان الشلبي وكيل وزارة النفط في العراق. وتابعت وزارة النفط في دولة الامارات أمس انباء استقالة رودريغيز. وقال مصدر مسؤول فيها ان مشاورات واتصالات تجري بين دول "أوبك" في شأن هذه الاستقالة "المفاجئة". وقالت مصادر نفطية في أبوظبي انها لا تستطيع سوى "مباركة" هذه الاستقالة إذا كانت في مصلحة فنزويلا وصناعة النفط فيها. ورأى مصدر انه بامكان رودريغيز الجمع بين منصبه أميناً عاماً للمنظمة ومنصبه الجديد كرئيس لشركة النفط الوطنية الفنزويلية. وتسجل دول "أوبك" ارتياحاً للدور الذي لعبه رودريغيز خصوصاً ان فترة ولايته للامانة العامة شهدت تطورات متسارعة هددت أسعار النفط، لكن "أوبك" تمكنت من اجراء تخفيضات انتاجية خلال العام الماضي والسنة الجارية لمنع حدوث تراجع في اسعار النفط. ويتوقع ان يثير احتمال نشوب نزاع جديد في المنظمة على منصب الامين العام الى الضغط على الاسعار عند افتتاح التعامل في اسواق النفط الدولية يوم الاثنين. وكان خام "برنت" للعقود الآجلة تسليم حزيران يونيو اقفل على ارتفاع بسيط يوم الجمعة الماضي مسجلاً 25.83 دولار للبرميل.