يبدأ اليوم رئىس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري زيارة الى الولاياتالمتحدة الاميركية هي الاولى لمسؤول عربي رفيع بعد اطلاق مبادرة السلام العربية في قمة بيروت العربية في أواخر آذار مارس الماضي، وبدء العدوان الاسرائىلي ضد السلطة الوطنية الفلسطينية، يلتقي في خلالها غداً الاربعاء الرئىس الاميركي جورج بوش. وعلى رغم ان الزيارة تقررت قبل نحو سبعة اسابيع، فإن تزامنها مع الحرب التي يشنها رئيس الوزراء الاسرائىلي آرييل شارون ضد الفلسطينيين بدعم وغطاء اميركيين بذريعة "مكافحة الارهاب"، سيؤدي الى طغيان الجانب السياسي علىها. أما الجانب الاقتصادي الذي كان في الاساس هدف المحادثات، فسيأخذ حيزاً مهماً أيضاً في الاجتماعات التي سيعقدها الحريري على رأس وفد يضم وزيري المال فؤاد السنيورة والاقتصاد والتجارة باسل فليحان وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وسفير لبنان في واشنطن فريد عبود. وستشمل اجتماعين مع رئىس البنك الدولي جايمس ويلفنسون والمدير العام لصندوق النقد الدولي هورسن كوهلر وسط الشعور بأن دعمهما اجراءات الحكومة لخفض حجم خدمة الدين العام والعجز، يحتاج الى "غمزة" اميركية. وسيلتقي الحريري كبار المسؤولين في الادارة الاميركية والكونغرس الا ان اسئلة عدة طرحت في بيروت عن مدى استعداد واشنطن للتجاوب مع مساعدة لبنان لأن مواقفها الداعمة لاسرائىل تتعارض مع سياسة الحكومة اللبنانية تجاه اوضاع المنطقة والمواجهات الاسرائىلية - الفلسطينية. ويرى الحريري انه من غير الجائز تأجيل الزيارة الى حين اتضاح مدى صدقية واشنطن في تحريك ملف المفاوضات في المنطقة. وشملت الاسئلة عن الزيارة رهان بعض معارضي الحريري لأسباب داخلية على تأجيلها، وصولاً الى التشكيك بها، كما في كل زيارة له الى واشنطن، مع امكان تحويلها الى مادة سياسية لخلاف لاحق، مع رئىس الجمهورية العماد اميل لحود... يمكن اشراك دمشق فيه. وتقول مصادر مقربة من الحريري انه كاشف لحود إضافة الى رئىس المجلس النيابي نبيه بري، بالأمر للاتفاق معهما على طبيعة الزيارة وللحؤول دون أية مناكفة في بيروت حولها، فضلاً عن تنسيقه مع دمشق، في شكل يحول دون استقواء أي فريق عليه في شأن الزيارة، بشركائه في الحكم او بسورية. وعليه يستبعد بعض الوزراء أن تخلّف الزيارة مضاعفات محلية، ويتهيأ الحريري الى مواجهة أجواء ساخنة في واشنطن. وتشير اوساطه الى ان أحد مبررات عدم التأجيل هو عدم اخلاء الساحة لاسرائىل واللوبي الصهيوني الداعم لحرب شارون على الفلسطينيين، والحاجة الى الدفاع عن الموقف اللبناني وثوابته القائمة على التنسيق مع سورية، في أميركا. ونقل عنه قوله: "ان صرف النظر عن الزيارة يمكن ان يفسر من خصومنا في أميركا على اننا غير مقتنعين بموقفنا ولا نستطيع الدفاع عنه، كما ان الاعلام المناوئ لسورية قد يستغل التأجيل للقول ان موقف لبنان مفروض عليه ولا يستطيع ان يجاهر فيه ويتجنب الاحراج". وتابع: "سنكون امام مواجهة لكننا نملك الحجج القوية للدفاع عن موقفنا وثوابته، وليس هناك من يستطيع الضغط علينا لدفعنا الى التنازل، خصوصاً اننا سنطرح على الادارة الاميركية رأينا في استمرار العدوان الاسرائىلي وتداعياته الامنية والسياسية على المنطقة ككل، إضافة الى موقفنا من تحرير مزارع شبعا المحتلة". وأكد "ان وزير الخارجية الاميركي كولن باول سمع كلاماً خطيراً وانتقادات لسياسة بلاده في جولته الأخيرة على بعض دول المنطقة، بسبب انحيازها الى شارون، خصوصاً من دول عربية حليفة لها، ركزت على مساوئ هذا الانحياز على الاستقرار في المنطقة، ما لم تبادر واشنطن الى مراجعة موقفها لوقف تبنيها للمخطط الاسرائىلي. ونحن من جانبنا سندعوها بصراحة الى التخلي عن انحيازها لمصلحة العودة الى المفاوضات".