للمرة الثانية يصطدم متظاهرون مع قوى الأمن اللبنانية قرب السفارة الأميركية في عوكر. تدابير القوى الأمنية كانت كبيرة، نظراً لنوع المتظاهرين أمس وهم أنفسهم الذين حاولوا في المرة السابقة اجتياز حاجز الأمن، عوائق ورجالاً، فحصل صدام تخلله رشق كثيف بالحجارة واطلاق قنابل غاز وخراطيم المياه وسقوط عشرات الجرحى. هدف التظاهرة التي ضمت أكثر من ألفين، لم يختلف عنواناً عن كل التظاهرات التي تنطلق يومياً في لبنان: تضامن مع الشعب الفلسطيني، واستنكار للدعم الأميركي لاسرائىل. دعا اليها "التجمع الوطني للانقاذ" وشارك فيها في شكل أساسي الأحزاب: "الشيوعي" و"الديموقراطي الشعبي" و"التنظيم الشعبي الناصري" و"حركة الشعب" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين". جهد المنظمون قبل انطلاقها من الطريق العامة قرب متجر ABC في ابقاء المتظاهرين خلف شبان مشوا متكاتفين في المقدمة، وضع بعضهم كوفية على كتفيه وبعضهم لثم وجهه بها، "كي لا نعرف" بحسب ما قال أحدهم ل"الحياة". وكان أحد المنظمين يمشي أمامهم ويدعو من يتجاوز المتكاتفين الى السير وراءهم، قائلاً في بعض الأحيان "يا رفيق، ارجعوا "بليز" لوَرا". ويردف آخر قائلاً له: "يا رفيق، رجاء ما تقول "بليز" فنحن نقاطع أميركا". غلب على التظاهرة اللون الأحمر، اذ اضافة الى الأعلام كانت اللافتات التي خطت عليها جمل تندد بأميركا واسرائىل، حمراء أيضاً. لم تكد التظاهرة تنطلق حتى ترك بعضهم أثراً على جدران الطريق تمثل بكتابة شعارات تدعو أميركا الى الرحيل مرفقة بعلم النازية. المتظاهرون الذين حمل عدد قليل منهم صور الرئىس العراقي صدام حسين وأعلاماً عراقية، اضافة طبعاً الى صور رئىس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، لم يهتفوا على الطريق كثيراً، اذ كان هتافهم لفلسطين متقطعاً ومتنوعاً. لكنهم حينما وصلوا الى الساحة التي انتشر في مفارقها على بعد نحو كيلومتر عن مبنى السفارة، مئات الجنود، دبت الحماسة بهم، هرولة وهتافاً. حاول المنظمون اقامة حاجز قبل بلوغهم حاجز القوى الأمنية، لكنه كان هشاً لم يصمد دقيقة واحدة، وكذلك لم يفلح نداء النائب السابق نجاح واكيم بمذياع في اعادتهم الى الوراء. وما كاد متظاهرون يصلون الى عوائق الحديد لازالتها، حتى رمى بضعة متظاهرين من الخلف حجارة على القوى الأمنية. صرخ المنظمون كثيراً على غير المنضبطين ليمنعوهم من رمي الحجارة، لكن المعركة اندلعت وانهمرت الحجارة كالمطر في كل الاتجاهات، اذ كانت متبادلة بين المتظاهرين ورجال الأمن الذين استخدموا أيضاً قنابل مسيلة للدموع، وخراطيم المياه، ورغوة غطت الأرض. وخلال المعركة هتف المتظاهرون "تعا شوف جيشك يا لحود"، وكال كثر منهم شتائم الى القوى الأمنية. استمرت المعركة نحو ساعتين، سقط خلالها عشراتٌ، جرحى ومغمى عليهم، اضافة الى خسائر مادية من تحطم زجاج أبنية ومحال وسيارات. لكن شاباً لبنانياً يحمل الجنسية الأميركية ويشارك في تظاهرة للمرة الأولى في حياته، لم يستطع اخفاء خوفه وألمه. وسأل: "هل علم السفير بوجود المتظاهرين؟". وفي بيروت نظمت "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" وفعاليات المخيمات في بيروت، مسيرة في اتجاه مبنى الأممالمتحدة "اسكوا" شارك فيها عدد من النواب. وألقيت فيها كلمات دانت الانحياز الأميركي لاسرائيل ودعمها لها في ما ترتكبه في حق الفلسطينيين. وسارت مسيرة من مسجد الإمام علي في الطريق الجديدة الى مدافن الشهداء في شاتيلا. وكذلك انتقد خطباء الجمعة الانحياز الأميركي الى اسرائيل داعين الزعماء العرب الى الوقوف الى جانب شعوبهم والقضية الفلسطينية.