ماذا عن المعارضات العربية؟ سواء في بلدان الهامش الديموقراطي الصغير، أو في البلدان الأخرى؟ ماذا فعلت لانقاذ ودعم الشعب الفلسطيني وانتفاضته العادلة، مادياً ومعنوياً، لترغم بلدانها على الخجل على الأقل؟ أين التظاهرات، والإضراب عن الطعام، وجمع التبرعات؟ بل أين التطوّع لدعم الانتفاضة بشتى الوسائل، بما فيها مقاطعة البضائع الأميركية، وطرد شركاتها وصولاً الى العصيان المدني السلمي، وإلقاء الحجارة على السفارات الأميركية والبريطانية على الأقل، أو كتابة شعار على جدار الخوف؟ والأحزاب والتجمعات والأحلاف أكثر من الفطر مع بداية الخريف. كل يغنّي على موّاله، ويدّعي ما يشاء، على أمل ان يسمع وينزل ضيفاً، باستثناء قلّة من الأصلاء من السيوف القومية والوطنية المشهورة دوماً ضد الظلم والعبودية، وفي مقدمتهم رياض الترك والدكتور دليلة والنائبان سيف والحمصي وغيرهم، في حين بقي الانتهازيون الذين يزعمون المعارضة، وينطقون باسمها أحياناً، يسرحون ويمرحون أمام الابتسامات. الوطنيون الشرفاء وحدهم يدفعون ضريبة الدفاع عن الوطن. واذا كانت بعض الأنظمة مريضة مرضاً مزمناً فالمعارضات العربية مع استثناءات صغيرة في عدة أقطار مريضة بمرضي النرجسية وإلغاء الآخر والاستزلام. وهي ترفض أي تجديد يلخص أخطاء الماضي القاتلة، ويستطيع تجاوزها في جرأة ووضوح، من دون محاولة تبريرها، ورش المساحيق على الوجوه الكالحة. وحدها الممارسة النضالية في الشارع ضد المخطط الأميركي الشاروني تطهّر المعارضات من شوائبها وأمراضها، لا الجلوس في صف النظارة. تعلّموا من أصغر طفل فلسطيني، في ساحة الكفاح اليومية، أعاد للشعوب المضطهدة ثقتها بنفسها لتحقيق النصر والتحرر أمام أكبر آلة إجرام عسكرية. الانسان وحده يقرر مصير النضال والحروب، وليس السلاح والمال. وحده يحقق النصر في فلسطين، وينهي العدوان المستمر على العراق الشقيق. الديموقراطية واحترام الرأي الآخر، وفرضهما على الحكام والشعوب، لا يتحققان بالاستجداء، وتبديل الوجوه والأقنعة، تماشياً مع خرافة العولمة والنظام الأميركي الصهيوني الجديد، بل بالصدق مع الذات ومع الآخرين. فلنبصق الحصى من أفواهنا قبل ان تخنقنا، ولنجابه متحدّين الثعلب الصهيوني المستأسد بحراب الغرب كله وبعض الحكام. لترتفع راية واحدة، فلسطين، فلسطين حرّة مستقلّة، ولجم العدوان المستمرّ على العراق بموقف شعبي عربي موحّد. سورية - جريس الهامس محام