حمل نائب الرئيس الإيراني للشؤون الحقوقية والبرلمانية محمد علي أبطحي على "الازدواجية الأميركية في التعاطي مع ظاهرة الإرهاب"، واعتبر سياسة واشنطن مسؤولة عن تعزيز هذه الظاهرة. وجدد دعم إيران ل"حزب الله" اللبناني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، واصفاً رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون بأنه "على رأس قائمة أكبر الإرهابيين في العالم". وكشف أبطحي في حديث ل"الحياة" عن محادثات إيرانية - ليبية لتحديد مصير الإمام موسى الصدر ورفيقيه والتي "قطعت أشواطاً مهمة"، لكنه طالب طرابلس بمزيد من التعاون. وهنا نص الحديث: لنبدأ بمرحلة ما بعد أفغانستان، هناك حديث في الأوساط الأميركية عن إمكان ضرب العراق أو السودان أو الصومال، فما هو موقفكم؟ - نعتقد بأن هناك اجماعاً دولياً ضد الإرهاب تحقق على اثر أحداث 11 أيلول سبتمبر، وهذه فرصة تاريخية، لكن للأسف فإن سياسة الولاياتالمتحدة تحركت لتحل مشاكلها وحدها مع هذه الظاهرة، ولم تعمل تحت لواء الأممالمتحدة. ونرى أن جذور تطور الإرهاب تكمن في التعامل المزدوج معه، وهذه الازدواجية تتجسد في موقف الإدارة الأميركية من إسرائيل المسموح لها بحيازة أسلحة الدمار الشامل، ونقض حقوق الإنسان وعدم الاهتمام بالديموقراطية. ونعتقد بأن الإدارة الأميركية تعمل لإضاعة هذه الفرصة التاريخية في مكافحة الإرهاب عبر ازدواجيتها، وإذا ضربت أي بلد آخر غير أفغانستان، فإن ذلك سيترك آثاراً سلبية في أنحاء العالم وسيؤدي إلى نتيجة معاكسة مفادها أن واشنطن لا تريد مكافحة الإرهاب. ونحن ندين أي تعرض أميركي لأي بلد، ونطلب من الدول الأخرى ايلاء أهمية أكبر للقوانين الدولية، وان لا تعطي ذريعة للآخرين. هل تقصد العراق تحديداً؟ - نعم، إذ لا ينبغي اعطاء الذريعة للذين يريدون ضرب الدول الإسلامية. لكن بعضهم يرى أن معارضتكم هذه غير حازمة في مواجهة محاولة الإدارة الأميركية ضرب العراق. - نحن نرفض جادين أي تعرض لأي بلد إسلامي. ولا نمازح أحداً في ذلك، واعتقد أن لبقية الدول الإسلامية الموقف نفسه. وماذا عن خلافاتكم مع الإدارة الأميركية التي تصفكم بأنكم تدعمون الإرهاب، وهذا ما كررته مستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس في حديث إلى "الحياة"، حملت فيه على دعمكم "حزب الله" اللبناني؟ - إن تأييد "حزب الله" ليس قضية إيرانية، بل ان العالم الإسلامي والمفكرين في العالم لديهم الرؤية نفسها إلى هذا الحزب الذي يدافع عن أرضه ويواجه الاحتلال، وهذا في كل قوانين العالم عمل مقدس، وليس ارهاباً... إن "حزب الله" مثل الشعب اللبناني في المقاومة للاحتلال، وكان موفقاً. وان توجيه الإدارة الأميركية التهمة بالإرهاب إليه يُظهر للعالم كله ان الأميركيين لا يريدون مكافحة الإرهاب. ونؤكد ان الذي يحتل أراضي الآخرين أي الحكومة الإسرائيلية هو الإرهابي. وهنا تصح المقولة المعروفة ان مركز اتخاذ القرار الأميركي ليس في واشنطن بل في تل أبيب عبر اللوبي الصهيوني. هل يعني موقفكم هذا زيادة التوتر في العلاقة بينكم وبين واشنطن؟ - لدينا انتقادات للإدارة الأميركية أكثر بكثير من انتقاداتها لنا. نحن نخطط سياستنا باستقلالية تامة، ولا نأخذ في الاعتبار إذا كانت مفرحة أو محزنة للإدارة الأميركية أو غيرها، ولا اعتقد بأننا سنواجه مشاكل في المستقبل بسبب اعتمادنا على هذه الاستقلالية. هل يعني هذا أنكم مطمئنون إلى عدم تعرضكم لضربة أو ضغوط أميركية؟ - تجربتنا التاريخية مع الأميركيين لا تسمح لنا بمثل هذا الاطمئنان، إذ أن الإدارة الأميركية مارست أعمالاً عدوانية ضدنا منذ الثورة الإسلامية 1979 وهذه الإدارة لا تدرك واقع إيران وشعبها. وهل هناك مطالب أميركية محددة؟ - الإدارة الأميركية تعرف موقفنا في الدفاع عن المقاومة وليس هناك مجال لكي تطلب منا شيئاً في هذا الشأن. وماذا عن حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"؟ - نعتقد بالقيم الداعية إلى الدفاع عن الأرض، ولهذا نعتبر أي طرف يمارس حق الدفاع عن أرضه ضد الاحتلال إنما يمارس عملاً قيّماً. نقل عن الرئيس جورج بوش قوله إنه لو كان مكان رئيس وزراء إسرائيل ارييل شارون لفعل ما يفعله ضد الشعب الفلسطيني، فكيف ترون إلى مواقفه من أزمة الشرق الأوسط؟ - نتمنى على الإدارة الأميركية والمسؤولين الأميركيين أن يكونوا قد أدركوا واقع العالم ليعرفوا أن مثل هذه المواقف تسبب لهم الضرر بالدرجة الأولى. ماذا عن مستقبل الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان، وقلقكم منه؟ - ما فهمناه أن الأميركيين لا يريدون البقاء في أفغانستان على المدى الطويل، ومن الطبيعي أن وجود القوى الأجنبية في أي بلد مستقل أمر مضر ومرفوض. ونعتبر ان الشعب الافغاني عانى الكثير من الفقر والضغوط، وينبغي اعطاؤه الفرصة كي يقرر مصيره من دون تدخل خارجي، ويعيد اعمار بلاده. لاحظنا اخيراً توتراً في علاقتكم مع بريطانيا، حيث قال رئيس وزرائها توني بلير انكم دولة داعمة للارهاب؟ - نحن نؤمن بسياسة ازالة التوتر، ونتخذ سياساتنا بشكل مستقل وبما يحقق مصالحنا، ولا نتصور ان نواجه ازمة معينة مع طرف ما، نظراً إلى سياستنا الحكيمة التي اتخذناها بشأن افغانستان. كيف تنظرون الى مستقبل الوضع المتفجر في فلسطين في ظل سياسة شارون؟ - لا نعلّق اي آمال على الاميركيين او على شارون بالنسبة الى الوضع في فلسطين، لانهم لا يريدون ادراك حقائق المنطقة والعالم الاسلامي، فشارون مجرم حرب هكذا عرفه العالم وهو على رأس قائمة اكبر الارهابيين في العالم، ونرى ان الشعب الفلسطيني اختار طريق الانتفاضة والمقاومة بعد سنوات من الانتظار لنتائج المفاوضات. هل تؤيدون عمليات التفجير الاستشهادية ضد الاحتلال الاسرائيلي؟ - اعتقد بأن الحق الطبيعي لكل الشعوب هو السعي الى تحرير اراضيها بكل الوسائل. كيف تنظرون الى اجراءات السلطة الفلسطينية ضد حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي"؟ - الاولوية هي لصدّ العدوان الصهيوني فإسرائيل اثبتت انها غير ملتزمة تطبيق اي اتفاق، وتواصل سياستها القمعية، ولهذا فإن جميع الجهود يجب ان تنصبّ على صدّ العدوان وتثبيت الوحدة بين الفلسطينيين. نعود الى نتائج الحرب في افغانستان، ماذا يعني لكم سقوط حكم "طالبان"؟ - الحرب لم تكن دينية، اذ ان اطرافها أي الادارة الاميركية وطالبان والقاعدة لا يمثلون الاسلام او المسيحية. اذ ان احداً في العالم الاسلامي لم يُنصّب "طالبان" ممثلاً عنه، وكذلك فإن أحداً في العالم المسيحي لم يُنصّب الادارة الاميركية ممثلاً عنه. ونعتقد بأن "طالبان" وفكرها المتخلّف لم تكن يوماً ممثلاً للاسلام والعالم الاسلامي. ولهذا علينا عدم الاحساس بأي نوع من الاحباط لان الفكر الذي انهار ليس فكراً اسلامياً. والعالم اليوم مستعد لسماع صوت الاسلام الحضاري كما يدعو اليه الرئيس محمد خاتمي أي الدين الذي يقرّ بالقيم الانسانية والديموقراطية. اسمح لي بالانتقال الى موضوع آخر تتولى متابعته شخصياً ممثلاً خاتمي، وهو موضوع الامام موسى الصدر ورفيقيه، الى اين وصلتم مع الطرف الليبي لحل هذه القضية؟ - الامام الصدر شخصية فكرية وثقافية كبيرة في العالم الاسلامي وعلى كل دولة وكل شخصية فكرية متابعة قضيته. اجرينا محادثات مع الحكومة الليبية كي تساعدنا في حل هذه القضية. ولا مانع لدينا من ان تحاول دول اخرى متابعتها. وما نتيجة محادثاتكم مع الطرف الليبي؟ - قطعنا اشواطاً مهمة، واتوقع شخصياً من الحكومة الليبية ان تتعاون معنا بشكل اكبر من السابق، فتعاونها حتى الآن كان جيداً لكننا نتوقع اكثر من ذلك حتى لا تبقى هذه القضية واحدة من مشاكل العالم الاسلامي. وهل تعرفون شيئاً عن مصير الصدر؟ - نسعى للوصول الى نتيجة نهائية ونتمنى ان نحقق ذلك في اسرع وقت ممكن، وان تصل الجهود الى نقاط مشتركة. يقال ان ليبيا كانت تلقي مسؤولية خطف الصدر على عاتق احد الفصائل الفلسطينية أي مجموعة ابو نضال؟ - نتابع قضية الصدر بكل ابعادها، ونسعى للوصول سريعاً الى نتيجة نهائية وعندها سنعلن كل التفاصيل اذ ان الوقت غير موات حالياً. ونتوقع تعاوناً اكبر من الجانب الليبي حتى نصل الى نتائج . هل انت متفائل شخصياً استناداً الى ما اجريته من محادثات؟ - نعم انا متفائل في إمكان تحديد مصير الإمام الصدر. نعرف انكم زرتم دمشق مع مسؤول ليبي لبحث هذه القضية، لماذا دمشق؟ - قلت ان متابعة هذه القضية واجب كل الدول، ومنها لبنان وسورية وايران، ولكن هذه المتابعة لا تتم عبر لجنة مشتركة، ونحن نسعى مع الطرف الليبي الى حل القضية، واذا ما بذلت سورية او لبنان جهوداً فإننا نرحّب بذلك لأن الأمر يعنيهما أيضاً. لكننا لا نوافق على تشكيل لجنة مشتركة.