حين كانت المحكمة العسكرية العليا تواصل النظر في قضية متهم فيها 20 من قادة جماعة "الإخوان المسلمين" بالوقوف خلف التظاهرات التي شارك فيها "الإخوان" في الأزهر والجامعات، عقب هجمات أيلول سبتمبر الماضي في الولاياتالمتحدة، كان طلاب الجماعة في جامعة الاسكندرية يتظاهرون مجدداً غير عابئين بما يمكن أن يأتي عليه "رد فعل الحكومة تجاه جماعتهم وقادتهم". لم يكن في تظاهرة امس جديد بالنسبة الى تلك التي اعتاد طلاب "الإخوان" تنظيمها في الجامعات، باستثناء حوار أجروه عبر الهاتف مع زعيم حركة "حماس" الشيخ أحمد ياسين الذي أشاد بإصرارهم على اعلان مساندة الشعب الفلسطيني الذي يواجه الآلة العسكرية والدعم الاميركي لحكومة ارييل شارون. غير أن التظاهرة عكست أيضاً حقيقة مفادها أن الإجراءات التي تتخذها الحكومات المصرية المتعاقبة ضد "الإخوان" ربما تحد من نشاطهم لفترة، لكنها أبداً لا توقفه. ويتذكر المصريون كيفية مواجهة "الإخوان" ظروفاًَ عصيبة قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة وخلالها، لكنهم مع ذلك حصلوا على 17 مقعداً، ومازالت مرشحتهم في إحدى دوائر محافظة الاسكندرية السيدة جيهان الحلفاوي عاجزة عن الدخول إلى المجلس بعدما حصلت على غالبية الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات، لكن الحكومة عطلت إجراء الانتخابات لاحقاً في تلك الدائرة وحتى الان لم تجر الانتخابات خشية دخول أول مرشحة ل"الإخوان" إلى البرلمان. وظل "الإخوان"، عبر نوابهم في البرلمان وطلابهم في الجامعات وأعضائهم في الأحياء الشعبية في مختلف المحافظات، يطرحون آراء ويطالبون بسياسات مخالفة لتلك التي تعتمدها الحكومة. وهم سارعوا عقب كارثة قطار الصعيد إلى الطلب، عبر نوابهم، من رئيس الوزراء تقديم تقرير إلى مجلس الشعب عن اسباب الكارثة بعد ما اتهموا الحكومة بالتقصير والمسؤولية عنها، وفي الوقت ذاته فإن الجماعة نفسها انتهجت السبيل نفسه عبر بيان حمل كثيراً من العبارات التي كان رجل الشارع العادي يرددها في مقابل الطرح الرسمي الذي كان يركز على تحميل الركاب المسؤولية عن الكارثة ومحاولة ابعاد الاجهزة الرسمية عن تحمل المسؤولية. وكذلك كان سلوك الجماعة في شأن الأوضاع في الأراضي المحتلة، فالتنظيم أصدر بياناً والتظاهرات في الجامعات وزعت فيها منشورات، أوضحت كلها أن الجماعة ترفض السير في مشاريع السلام التي تتبناها الحكومة ويدافع عنها الرئيس حسني مبارك في واشنطن، وتطرح آراء مغايرة تشدد على ضرورة دعم المقاومة الفلسطينية، والمطالبة بإجراءات لمواجهة إسرائيل منها طرد السفير الإسرائيلي من القاهرة وإغلاق مقر سفارة الدولة العبرية في العاصمة المصرية، وفتح باب التبرعات لمساندة الشعب الفلسطيني ومطالبة القمة العربية المقبلة برد حاسم على المواقف الاميركية. واللافت أن تظاهرات "الإخوان" في الأزهر والجامعات ومواقفهم الحادة في البرلمان شهدت انحساراً بعد القبض على غزلان وزملائه. وبدا أن الجماعة احتاجت إلى بعض الوقت حتى تعين بدلاء لهم يتولون من جديد تحريك العناصر وإثبات أن الجماعة مازالت تحظى بالشعبية ولديها القدرة على تحريك عناصرها وقتما تشاء.