برزت خلال الأسابيع القليلة الماضية ظاهرة جديدة - قديمة في الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي، تمثلت في عودة "عصابات ارهابية يهودية" تذكر الفلسطينيين بالعصابات القديمة في الاربعينات. فقد أعلنت منظمة سرية من المتطرفين الاسرائيليين امس مسؤوليتها عن انفجار قنبلة زرعت في ملعب مدرسة في القدسالشرقية، كما استهدفت قنبلة ثانية، لم تنفجر، مستوصفاً في الحي نفسه. راجع ص 4 و5 وفيما قررت الحكومة الاسرائيلية المصغرة في اجتماعها امس ترك قضية عودة الدبابات الى رام الله لمحاصرة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات للأجهزة الأمنية، ومنع تنقل الفلسطينيين بين مدنهم وقراهم، قالت مصادر فلسطينية مطلعة ل"الحياة" ان هناك قراراً سياسياً وعسكرياً اسرائيلياً ب"تصفية" أمين سر اللجنة العليا لحركة "فتح" مروان البرغوثي، خلال 48 ساعة. واستأنف الجيش الاسرائيلي عمليات الاغتيال. فقصفت المروحيات سيارة مدنية قتل خلالها ثلاثة فلسطينيين بينهم مهند أبو حلاوة الذي أصيب في محاولة سابقة لاغتيال البرغوثي. العصابات اليهودية جرح امس 11 تلميذاً ومدرس فلسطيني، بانفجار قنبلة زرعت في ملعب مدرسة صور باهر في القدسالشرقية. ونجت مدرسة من مجزرة أكيدة بعد العثور على قنبلتين اخريين وتعطيلهما، وعلى قنبلة رابعة قرب مستوصف في الحي نفسه. وبثت الاذاعة الاسرائيلية ان متحدثاً مجهولاً اتصل هاتفياً بأحد مراسليها وأعلن مسؤولية مجموعة غير معروفة تطلق على نفسها اسم "الانتقام للاطفال" عن الاعتداء. وأكد قائد شرطة القدس ميكي ليفي ان التحقيق سيجرى "بالسرعة نفسها كما لو ان ما حصل عمل ارهابي" استهدف اسرائيليين. وانتقد رئيس بلدية القدس ايهود اولمرت الاعتداء، لكنه لم يوجه الاتهام الى متطرفين اسرائيليين، بل تحدث عن احتمال ان يكون الأمر "استفزازاً" فلسطينياً. وكشفت "بتسليم" كبرى المنظمات الاسرائيلية للدفاع عن حقوق الانسان ان "الهجمات على العرب لا تشكل حالات معزولة ومنفذوها نادراً ما يعاقبون". وفي تصريح الى وكالة "فرانس برس" قال الباحث في "بتسليم" رون دوداي ان "منفذي هذه الاعتداءات التي تعزى الى نواة سرية، لم يعتقلوا وتؤكد الشرطة ان من الصعب جداً إلقاء القبض عليهم". واضاف ان هذا لا يفسر "لماذا لم تعاقب الشرطة والقضاء المستوطنين المسلحين الذين اعتدوا على مرأى من الجميع وأمام آلات وكاميرات التصوير عن اعمال التخريب ضد العرب خصوصاً في منطقة الخليل". وكشف التقرير ان 90 في المئة من ملفات الاعتداءات ضد العرب طويت، وانتقد بدء التحقيقات بعد أكثر من 6 شهور على تقديم الشكاوى. وبثت الاذاعة العبرية مساء أمس ان المطبخ السياسي - الأمني الموسع قرر في جلسة دامت 4 ساعات مواصلة تكثيف العمليات العسكرية ضد الفلسطينيين بما فيها رام الله، ولم يبت طلب رئيس الحكومة اعادة الدبابات لتطويق مقر عرفات، وترك الأمر للاجهزة الأمنية لتتخذ القرار المناسب. واكدت الاذاعة ان رؤساء الاجهزة يميلون الى موقف شارون، أي اعادة الدبابات لتطويق مقر الرئيس الفلسطيني. كما قررت الحكومة منع الفلسطينيين من التنقل بين المدن والقرى الفلسطينية، ونقلت الاذاعة عن وزير الخارجية شمعون بيريز معارضته هذا الاجراء، وقال: "لو كنت أعلم ان الوضع سيصل الى ما وصل اليه لما شاركت في هذه الحكومة، اذ اننا لن نحقق أي هدف". البرغوثي وكشفت مصادر فلسطينية مطلعة ل"الحياة" ان قراراً سياسياً وعسكرياً اسرائيلياً اتخذ ب"تصفية" البرغوثي خلال 48 ساعة، ويتبع ذلك أو يرافقه اقتحام واسع النطاق لمدينة رام الله. وقالت ان تحذيراً وصل الى الفلسطينيين من خلال طرف ثالث اكد لهم ان البرغوثي على رأس قائمة الاغتيالات، وان الاسرائيليين وصفوه "أنه يقف وراء كتائب شهداء الأقصى التي تبنت معظم الهجمات على الجيش الاسرائيلي". وفي الاطار ذاته، اكدت مصادر اسرائيلية ان شارون ينوي توجيه "ضربات شديدة متواصلة تستمر لاسبوعين تلحق بهم الفلسطينيون خسائر فادحة وتقودهم الى الاستسلام" على ان يتم ذلك قبل وصول نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني الى المنطقة. وتشمل الضربات محاصرة مقر عرفات في رام الله من جديد. وكشفت الصحف العبرية امس ان تعليمات "جديدة" صدرت الى الجيش تقضي ب"قتل كل فلسطيني مسلح"، سواء كان مدنياً أو من عناصر الاجهزة الأمنية الفلسطينية. وكتبت صحيفة "يديعوت احرونوت" انه من الآن فصاعداً "لا تستطيع عناصر قوات الأمن الفلسطينية التجول بأمان في المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية". وبلغت انتقادات الصحافة الاسرائيلية أوجها أمس عندما كتبت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها ان "مصير الدولة منوط الى حد كبير بيد أشخاص غير متزنين". فيما أشارت استطلاعات الرأي الاسرائيلية الى ارتفاع نسبة المؤيدين من بين الاسرائيليين لإخلاء بعض أو جميع المستوطنات اليهودية المقامة في الضفة وقطاع غزة الى نحو النصف. وقال البرغوثي ل"الحياة" ان المقاومة الفلسطينية المسلحة وصلت "نقطة اللاعودة" وان الهجمات الفلسطينية ضد أهداف اسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة لن تتوقف وستشهد تصعيداً متزايداً. وفي مقبرة البيرة، حيث شيع آلاف الفلسطينيين ستة شهداء، أماً وأطفالها الثلاثة وطفلين آخرين، اجتمع ممثلو التنظيمات العسكرية الرئيسية الأربعة الذين يمثلون حركات "فتح" و"حماس" و"الجهاد الاسلامي" و"الجبهة الشعبية" لتحرير فلسطين وأعلنوا خلال كلمات ألقيت عن "ترتيب" الأوراق الفلسطينية داخلياً وخارجياً. ودعوا السلطة الى اغلاق ملف الاعتقال السياسي "الى الأبد"، ووقف الاتصال السياسي والأمني مع الحكومة الاسرائيلية. واستأنف شارون سياسة الاغتيالات امس فهاجمت مروحيات سيارة مدنية في رام الله فقتل ثلاثة من ركابها أحدهم مهند أبو حلاوة الذي تتهمه اسرائيل بقتل ثمانية اسرائيليين، وهو من مساعدي البرغوثي. وكان أبو حلاوة نجا من محاولة اغتيال مماثلة في رام الله في آب اغسطس الماضي. اما القتيلان الآخران فهما عمر الصافي وفوزي مراد، من اعضاء فتح.وشنت طائرات "أف 16" غارة على مبنى "القوة 17"، الحرس الشخصي لعرفات، في بيت لحم، كما استهدفت مبنى الأمن الوقائي في غزة، وقتل في الغارات ثلاثة أشخاص.