نشرت صحف بلغراد في اماكن بارزة من صفحاتها، تنديد سلطات صرب البوسنة، على مستوياتها المختلفة، بما سمته "الأعمال غير المبررة وحملة العنف وإرهاب السكان" التي قامت بها القوات الدولية سفور بقيادة حلف شمال الأطلسي، لتغطية فشل عمليتها لاعتقال رادوفان كاراجيتش. ونقلت صحيفة "بوليتيكا" شبه الرسمية الصادرة في بلغراد، ردود الفعل الصربية على عملية الحلف الأطلسي لاعتقال كاراجيتش. وقال رئيس الجمهوربية الصربية كيان صرب البوسنة ميركو شاروفيتش العضو في الحزب الديموقراطي الصربي الذي كان يتزعمه كاراجيتش ان "سفور بعمليته الأخيرة ضد كاراجيتش تجاوز تفويض مهمته في البوسنة، وتولى واجبات الشرطة الدولية". وأضاف ان "استخدام الجنود الأطلسيين القوة والترهيب واحتجازهم أطفالاً لا تتجاوز اعمارهم الثماني سنوات وانتهاكهم حرمة الكنائس والمدارس، امور تشكل عاراً على المجتمع الدولي الذي يتولى مهمة احلال الوئام والسلام في البوسنة وليس اشاعة الخوف والاضطرابات". وأوضح رئيس صرب البوسنة، ان ما ذكره الحلف الأطلسي في شأن اكتشاف ثلاثة مخابئ للأسلحة، "ليس صحيحاً، وهو مجرد افتراء وتزوير للحقيقة، لتغطية الفشل لا غير". ووصف رئيس حكومة صرب البوسنة ايفان ملاديتش وهو ليس من الحزب الديموقراطي الصربي ولكنه مدعوم من نوابه في البرلمان للاستمرار في السلطة عملية "الأطلسي" لاعتقال كاراجيتش بأنها "أضرت كثيراً بالعلاقة التي كانت بدأت بالتحسن بين صرب البوسنة من جهة وقوات سفور ومحكمة لاهاي من جهة اخرى". ودعا الحلف الى التفكير في النتائج السلبية لمثل هذه العمليات "التي لا ينتج عنها غير الإساءة الى مشاعر السكان الصرب تجاه الوجود الدولي في البوسنة". اما رئيس بلدية منطقة فوتشا التي حصلت فيها العملية الأطلسية نيديلكو بافلوفيتش وهو صربي متشدد من مناصري كاراجيتش فإنه تحدث عن "الانتهاكات المختلفة التي قام بها الجنود الأطلسيون". وأوضح انهم "وضعوا الحواجز في كل مكان وفتشوا العربات وركابها، وانتهكوا حرمة البيوت الخاصة والمباني العامة". وسخر رئيس بلدية منطقة فوتشا من تصريحات المسؤولين الدوليين في البوسنة حول مواصلة عملياتهم لاعتقال كاراجيتش، بقوله: "نصحتهم بوقف مضايقاتهم غير الإنسانية للسكان الذين ينبغي ان يعيشوا بأمان، لأن كاراجيتش سافر الى كاليفورنيا الأميركية للراحة والاستجمام، ولهذا فإن ملاحقتهم له في البوسنة ستكون من نوع القصص التي لا تنتهي". ونقلت صحيفة "بوليتيكا" عن لوكا كاراجيتش، ان شقيقه رادوفان "لن يستسلم ابداً حياً الى محكمة لاهاي، ولن يستطيع الحلف الأطلسي إلقاء القبض عليه". وأضاف انه "حالياً بصحة جيدة وراحة نفسية وفي مكان آمن، وفي الواقع لا توجد لديه اي معاناة او مشكلة، وهو يقضي معظم وقته في كتابة مذكراته وممارسة هوايته في نظم الشعر". مسؤولون دوليون وأفاد السياسي البريطاني بادي اشداون، الذي سيتسلم من النمساوي ولفغانغ بيتريتش منصب المسؤول الدولي الأعلى في البوسنة في ايار مايو المقبل، ان "كل المتهمين بارتكاب جرائم حرب، وفي مقدمهم رادوفان كاراجيتش، سيمثلون بالتأكيد امام محكمة لاهاي". وفي بروكسيل، اعلن الأمين العام للحلف الأطلسي جورج روبرتسون، انه "سيأتي اليوم الذي سيعتقل فيه كاراجيتش". وأشار الى "تألمه لأن وحدات سفور لم تعثر عليه"، ونصح كاراجيتش "بالاستسلام طوعاً كي ينتهي الحصار المضروب عليه". لكن صحيفة "بوليتيكا" ذكرت انه يسود الشعور في بروكسيل، ان عدم اعتقال كاراجيتش "شكّل فضيحة للحلف الأطلسي، نظراً للضجة الإعلامية التي اثارها حول عمليته الأخيرة... ولهذا فإنه يحاول التملص من الفشل بالترويج ان ما قام به كان مجرد تحرك تدريبي، لوضع خطة وافية في ضوء نتائجه لاعتقاله".