حقق مسلسل "حواري وقصور" من تأليف محمد الغيطي وبطولة نبيل الحلفاوي وفردوس عبد الحميد ويوسف شعبان ورانيا فريد شوقي وإخراج أحمد خضر الذي عرضه التلفزيون المصري أخيراً نجاحاً كبيراً على المستويين الجماهيري والنقدي. وعقد الكثير من الندوات التي ناقشت العمل الذي دار حول أحداث الربع الأول من القرن الماضي، مركزاً على ثورة 1919 بقيادة الزعيم الوطني سعد زغلول. "الحياة" حاورت مؤلف العمل محمد الغيطي. قدمت عملين تاريخيين هما "الأقدار" و"حواري وقصور"، هل استهوتك الكتابة في التاريخ؟ - توجد مقولات كثيرة منها أن الأمة التي لا تعرف تاريخها لا يمكن أن تعرف حاضرها أو مستقبلها، كما توجد مقولة للإمام محمد عبده ملخصها أن قراءة التاريخ واجب من الواجبات الدينية وركن من أركان اليقين فلا بد من تحصيله. أحيانا يتم تناول شخصية أو فترة زمنية واحدة بأقلام اكثر من مؤلف، الأمر الذي قد يشتت الجمهور؟ - المسألة تختلف في المعالجة، والقدرة على الخوض في شتى التفاصيل تجعل عملك الذي يتماس مع آخر، مختلفاً، وهناك شخصيات تستحق اكثر من عمل مثل كيلوباترا التي نفذ عنها عملان في الغرب، غير أن تاريخنا الفرعوني مظلوم ونحن مقلون فيه، في الوقت الذي نهتم فيه بتاريخنا العربي الاسلامي في صورة كبيرة، والمؤلف كما قيل يدخل مغارة التاريخ مفلساً لكنه يخرج بلآلئ. هل تسعى أو تتمنى تقديم شخصية تاريخية معينة؟ - أحمد عرابي وخيانة اصدقائه له، وكذلك قصة الملكة حتشبسوت. قدمت عملين عن روايتين لنجيب محفوظ ومحمد جلال واعمال اخرى. ما الفارق بين أن تكتب عملاً عن رواية لأديب آخر، وعملاً من تأليفك؟ - من المؤكد، عندما تكتب سيناريو عن قصة ما، يكون هناك شيء تريد أن تقدمه من خلالها، ونحن لا يوجد لدينا وعي بهذه المسألة. فالعمل الفني عندما يخرج الى الشاشة منسوب الى السيناريست الذي يقوم بإيجاد شخصيات وخطوط واحداث جديدة، ولولاه لظل العمل بين دفتي كتاب لقراء لن يتجاوز عددهم المئات، والدليل أن بعض الأدباء الذين حاولوا كتابة السيناريو ظهرت تجاربهم في صورة سيئة لأن موهبتهم ضعيفة في السرد اللغوي والوصف، في حين أن السيناريو موهبة وصنعة. ما أدوات السيناريست الجيد من وجهة نظرك؟ - لا بد وأن يكون مثقفاً، لتعطيه الثقافة العمق، ولا شك في أن الأعمال التي شارك فيها مثقفون وكتاب عظام أمثال عبدالرحمن الشرقاوي ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وصلاح جاهين وغيرهم تختلف عن أعمال من كانت حرفتهم كتابة السيناريو. كما يجب ألا يخضع كاتب السيناريو للمادة أو النجوم، ولا بد من أن يكون لكل عمل فني رسالة، لأن الفن أداة من أدوات النهوض بالمجتمع. لماذا لا يتجاوز عدد المؤلفين الجيدين عدد أصابع اليد الواحدة؟ - يوجد البعض من الكبار يحاربون الصغار لكي لا يفقدون أماكنهم حتى لو ادى ذلك الى طرد الوجوه الجديدة. وللأسف فإن جهات الانتاج لها الجاهز، ولا تبحث عن المضمون قدر بحثها عن الاسماء. واستسهال جهات الانتاج وإصرار هذه الاسماء على تنفس كل الاكسجين جعل المناخ العام خانقاً وقصف المواهب مبكراً من خلال الإحباط الذي يسيطر عليها، لذلك تجد أن الاسماء الموجودة منذ ثلاثين عاماً هي نفسها الموجودة حالياً. ألست معي في أن الشباب لم يحققوا المرجو منهم؟ - أصبحت الفكرة تشبه صراع الثيران، أنتظر أن يموت لأرفع يدي وهذه كارثة حقيقية لم تحدث قبلاً. ان الكبير يعد كبيراً بإبداعه، وهناك اسماء حفرت طريقها بشق الانفس، ولكنها لا تحظى بالاحتفاء الاعلامي نفسه الذي يحظى به من يسمون بالكبار على رغم أن إبداعهم قد يكون أفضل بكثير. هل أن عدد الساعات المطلوب ملؤها درامياً للشاشة قد يدفع المؤلفين الى الاستسهال؟ - المسألة ليست لها علاقة بعدد الساعات، فالملتزم يكون ملتزماً سواء قدم سهرة، أو سباعية، أو مسلسلاً من ثلاثين حلقة، ولكن تكون علاقتها بالمبدع نفسه، ولو أن كاتباً شعر بأن هناك مشهداً ليس له داع وتركه يُعد خائناً. هل أفادك عملك الصحافي في الكتابة الدرامية؟ - كثيراً، إذ إن أسلوب التحضير في الصحافة أفادني في أن أكون أكثر انجازاً وعمقاً وسرعة، وعندما اكتب مسلسلاً أنفذه كتحقيق بعد ان أجمع البيانات من شتى المصادر.