استطاع المؤلف مجدي صابر أن يجد لنفسه في غضون أعوام قليلة مكاناً متميزاً بين كبار مؤلفي الدراما التلفزيونية في مصر. وراح مخرجون كبار كثر يسعون إلى الحصول على سيناريوهات أعمال كتبها، وكذلك الأمر بالنسبة الى النجوم واصحاب شركات الانتاج الفني، على رغم أن أعماله لم تتجاوز الى الآن العشرة، منها: "الماضي يعود الآن" من بطولة عبلة كامل ويوسف شعبان ورانيا فريد شوقي، وإخراج رائد لبيب" و"حارة المحروسة" من بطولة صابرين ومصطفى فهمي وأحمد عبدالعزيز وإخراج مجدي أبو عميرة" و"تمضي الأيام" من بطولة عزت العلايلي وهالة صدقي وإخراج محمود بكري" و"أحلام العمر" من بطولة محمد رياض ونرمين الفقي وعبلة كامل وأحمد خليل وإخراج محمد النقلي" و"المجهول" من بطولة بوسي وأحمد عبدالعزيز وإخراج رباب حسين. وكان آخر أعماله "الرجل الآخر" من بطولة نور الشريف وميرفت أمين وإخراج مجدي أبو عميرة، وعُرض خلال شهر رمضان الماضي وحقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً. "الحياة" التقته اثناء تصوير عمله الجديد "الناس والعيلة" الذي يقوم ببطولته كمال الشناوي وفردوس عبدالحميد ويوسف شعبان، ويخرجه محمد فاضل. كيف كانت بدايتك مع الدراما التلفزيونية؟ - كان حلمي أن أصبح كاتباًَ روائياً وأن أعمل في الصحافة لأنني أعشقها. وبالفعل مارست العمل الصحافي خمسة أعوام، مراسلاً لعدد من الصحف العربية، وكتبت روايات ضمن سلاسل كُتب تصدر في انتظام للشباب في العالم العربي، زادت اصداراتها عن مئة. وبعد مدة جربت الكتابة الدرامية على اعتبار أنها الوسيلة الأكثر انتشاراً وأن التلفزيون نافذة يطل منها الأديب على الملايين، في ظل تدني مستويات توزيع الكتاب في العالم العربي ككل. وكانت البداية كتابة عدد من السهرات المأخوذة عن روايات من تأليفي، وهي مسألة وجدتها سهلة جدا لأن طريقتي في كتابة الرواية وبنائها الدرامي أشبه بالكتابة السينمائية والتلفزيونية، ثم تحولت الى كتابة المسلسلات التلفزيونية. هل هناك فرق بين أن يكتب المؤلف السيناريو والحوار لرواية له أو رواية لأحد كبار الأدباء؟ - بالنسبة إلي أفضل الكتابة لنفسي، أي أن يكون العمل من تأليفي لأنني في الأصل كاتب روائي لا تنقصني الحبكة الروائية أو "الحدوتة" او القضايا التي أناقشها. فالمجتمع يعج بالقضايا المتفجرة التي تحتاج إلى قلم يعيد صياغتها في قالب درامي. ولكن ربما في المستقبل أستعين بقصة لأحد الأدباء الكبار لأكتب لها السيناريو والحوار، وإن كان ثمة من اشترى بعض رواياتي أو أخذها وكتب لها السيناريو والحوار، وهو أمر أسعدني تماماً، ومنها "ليلة مقتل العمدة" و"حالة خاصة جداً". وما مقومات الكاتب الجيد في رأيك؟ - كتابة السيناريو الجيد تحتاج إلى موهبة وحرفة تتكاملان في الكاتب، فضلاً عن ثقافة خاصة به وأفكار وآراء يؤمن بها ويجب أن تظهر على الورق، وإبراز القضايا الساخنة التي يريد مناقشتها في عمله الدرامي، وليس كافياً أن تُقدم "حدوتة"، ولكن من الضروري أن تحتوي هذه "الحدوتة" أو القصة قضايا اجتماعية وافكاراً تجسد اهتمام الكاتب بقضايا مجتمعه. هل أنت مع مقولة أن ثمة أزمة كبيرة في كُتّاب السيناريو؟ - الكتاب المتميزون قلة في مصر وفي العالم كله، وعُملة نادرة. من هنا يسعى أي نجم إلى نص متميز، لكنه قد ينتظر أعواماً ليحصل عليه، وقد يكون معذوراً عندما يختار أفضل الموجود حتى لا يظل في بيته من دون عمل. كم الأعمال الدرامية المطلوبة قد لا يفرز مؤلفين جيدين.. ألست معي في هذا؟ - كثرة الأعمال ستفرز كُتاباً كثيرين سيظهر منهم الجيد والرديء، وعمل كل كاتب هو الذي سيحدد مكانه ومكانته. الجيدون سيستمرون والمؤكد أن الآخرين سيسقطون في الطريق. وفي رأيي أن الكاتب الذي يحرص على اسمه ومكانته لا يبحث عن كمّ ولكن عن نوع، وسيظل دائماً، على رغم كل إغراء مادي ومهما تطلب ذلك من جهد. واعتقد أن ثمة جيلاً جديداً من الكتاب الجدد بدأ يأخذ مكانته على الساحة وبدأت اعماله الجيدة تظهر مثل مصطفى ابراهيم ومحمد الغيطي وطه حسين سالم واسامة غازي. وهناك كثر غيرهم سيثبتون اقدامهم في الأعوام المقبلة على ساحة الدراما. ما رأيك في رقابة التلفزيون الآن؟ - اصبحت منفتحة جداً، وتسمح بمناقشة الكثير من القضايا التي لم يكن مسموحاً بمناقشتها قبلاً، والقائمون على الرقابة الآن منفتحون ومثقفون وعلى مقدار عال من الثقافة. وعندما يحدث خلاف في وجهات النظر، يناقش في جو من الود والرغبة في التواصل. وفي ظل القنوات المفتوحة و"الدش" وحرية الصحافة من الطبيعي أن تخفف الرقابة التلفزيونية قبضتها وتسمح بمناقشة قضايا لم نكن نحلم بظهورها على الشاشة. هل أنت محظوظ في التعامل مع مخرجين جيدين أم أنك تسعى إلى ذلك؟ - النص الجيد يعرف طريقه إلى المخرج الجيد. والمخرج الجيد يبحث دائماً عن النص الجيد. المسألة ليست حظاً فأنت لا يمكنك أن تقنع مخرجاً كبيراً بأن يجاملك ويصور لك أي عمل. فلا مجاملات في هذه النقطة. ما القضايا الي تؤرقك وتتمنى صياغتها في عمل درامي؟ - أنا دائماً مهموم بقضايا المجتمع المصري وأضمنها أعمالي، وأولها المسألة الاخلاقية والبطالة وقضايا الشباب والبحث عن فرصة في عالم أو مجتمع يهرول حولهم ولا يقف عند أحد، وكذلك قضايا التحول الرأسمالي الحاصل في مصر وتأثيره في العمالة التي يتم الاستغناء عنها وارتفاع الاسعار وحدوث فجوة كبيرة جداً بين شرائح المجتمع الى جانب قضايا الفساد الإداري والمالي التي تفشت في شكل غير عادي. وماذا عن ورش السيناريو التي نسمع ونقرأ عنها؟ - يمكن أن تصبح ظاهرة صحية في حال الإعلان عن كل المتعاملين فيها، فينالون حقوقهم المادية والأدبية ويظهرون على الملأ، ولا يتم التعامل معهم في الخفاء. فورش السيناريو نظام معترف به في العالم كله وتظهر أسماء كل العاملين فيه على "تترات" أي عمل، وهي فرصة جيدة لتدريب المواهب الشابة تحت قيادة سيناريست متمكن. أما أن يظل اسلوب ورش السيناريو أو طريقة إدارتها مثلما هو معمول به في مصر، أي حصول الكاتب الكبير على المجد الأدبي والتقويم المادي وحده، فهو ما أرفضه تماماً وأعتبره ظلماً للشباب الذين يعملون في هذه الورش. من هنا أرجو أن تقونن هذه القضية ليضمن من يعملون في هذه الورش من الكتاب الشبان حقوقهم المادية والادبية. كتبت للاطفال مسلسلات عدة منها "غابة الاصدقاء" و"مغامرات زمردة" و"الأمير المغرور". في رأيك ماذا ينقص كتابات الأطفال؟ - ينقص الكتابة للأطفال في مصر عنصر مهم جداً هو التأليف. فأغلب من يكتبون للاطفال يعيدون صياغة اساطير و"حواديت" قديمة استهلكت عشرات المرات، وستجد أن من يبدع قصة جديدة للأطفال بمضمون جديد وأحداث جديدة، هم عملة نادرة في كل المقاييس. وعلى كتاب السيناريو أن يعمدوا الى ابتكار أشكال ومضامين جديدة تراعي تطور العصر والتطور التكنولوجي الحادث الآن في العالم كله.