حاول مسؤولون إسرائيليون التقليل من الانتقادات الأميركية الأخيرة للتصعيد العسكري ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبدت إسرائيل قلقة من الموقف الأوروبي، فسارع رئيس حكومتها ارييل شارون إلى اجراء اتصالات مع عدد من الزعماء الأوروبيين في محاولة لتعديل لهجة البيان الختامي لرؤساء الاتحاد المجتمعين في برشلونة. ونقلت الإذاعة العبرية عن اتصالات هاتفية أجراها شارون أمس مع رؤساء حكومات بريطانيا واسبانيا والنروج "أوضح لهم خلالها أن الهدف الأساسي الذي تسعى إسرائيل إلى تحقيقه هو التوصل إلى اتفاق لوقف النار مع الفلسطينيين". وزادت انه استعرض على مسامعهم آخر التطورات الأمنية، مشيراً إلى أن إسرائيل تكبدت منذ زيارة المبعوث الأميركي انتوني زيني السابقة للمنطقة 104 و642 جريحاً، من دون أن يتطرق إلى ما تكبده الفلسطينيون. وتابعت الإذاعة ان رؤساء الوزراء الأوروبيين الذين تحادث معهم شارون استفسروا عن موقفه من السماح للرئيس الفلسطيني مغادرة رام الله للمشاركة في القمة العربية في بيروت، فأبلغهم أنها "رهن التطورات على أرض الواقع"، متهماً الرئيس الفلسطيني بأنه يرغب في الوصول إلى العاصمة اللبنانية "فيما مستوى الأعمال الإرهابية مرتفع، إذ يريد أن يظهر كمحارب جاء من ساحة المعركة". وأنهت الإذاعة ان شارون أكد لنظرائه ان إسرائيل لا تنوي البقاء في المناطق الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية، وان جيش الاحتلال انسحب من معظم الأراضي التي اجتاحها. وقالت مصادر قريبة من شارون انه أبلغ نظراءه بأن من شأن قرارات معادية لإسرائيل في قمة الاتحاد أن تؤدي إلى تصعيد العمليات الإرهابية ضد إسرائيل. إلى ذلك، كررت مصادر سياسية رفيعة في تل أبيب موقف إسرائيل الرافض مباشرة مفاوضات سياسية مع الفلسطينيين قبل وقف النار، وقالت إن المفاوضات ستقتصر على "استحقاقات تينيت"، ووقف النار قبل الشروع بتنفيذ "توصيات ميتشل". وتابعت، حسبما نقلت الإذاعة العبرية عنها، ان الفلسطينيين لن يوقفوا النار خلال زيارة زيني "بل سيسعون إلى تأجيج اللهب لتحقيق مكاسب سياسية خلال المفاوضات". وحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن وراء نية الفلسطينيين هذه دافعين أساسيين: محاولة التشويش على مساعي الولاياتالمتحدة لتجنيد تأييد عربي لتوجيه ضربة إلى العراق، وضمان الحصول على دعم سياسي ومالي من القمة العربية الوشيكة. وأعلن أول من أمس أن شارون سيحضر الاجتماع الأول بين الطاقمين الإسرائيلي والفلسطيني حول وقف النار، وانه شكل هيئة توجيه لهذا الطاقم بزعامته وعضوية وزيري الدفاع والخارجية بنيامين بن اليعيزر وشمعون بيريز على أن يرأس الأخير الطاقم. من جهته، استبعد وزير البيئة تساهي هنغبي أن ينجح زيني في تحقيق اتفاق لوقف النار "لأن الرئيس الفلسطيني لم يغيّر جلده". وتابع ان ايفاد زيني إلى المنطقة يندرج أساساً في إطار جولة نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني و"سعيه إلى تليين مواقف الدول العربية المعارضة لتوجيه ضربة إلى العراق". وزاد، مهدداً، بأن إسرائيل سترد بكل قوة على أي عملية فلسطينية "لأن التزامنا الأساسي ليس لزيني ولا لبوش، إنما لأمن مواطنينا". وقال الوزير بلا حقيبة داني نافيه إن أي اتفاق لوقف النار لن يصمد أكثر من 24 ساعة "والحل الأمثل هو إعادة احتلال مناطق السلطة الفلسطينية، لوقت محدد، تمكننا من القضاء على الإرهاب، ثم نستأنف المفاوضات السياسية من نقطة أفضل". وتابع انه يؤيد منع الرئيس الفلسطيني من مغادرة مناطق السلطة للمشاركة في القمة العربية "كي لا يجعل من زيارته لبيروت مسيرة مظفرة".