أفادت مصادر سياسية اسرائيلية رفيعة المستوى أن رئيس الحكومة ارييل شارون أبلغ المسؤولين الفلسطينيين الثلاثة الذين التقاهم في مكتبه الاربعاء الماضي، أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس أبو مازن ورئيس المجلس التشريعي الفلسطيني أحمد قريع أبو العلاء والمستشار الاقتصادي للرئيس الفلسطيني خالد سلام، ان ما يعرف بوثيقة "بيريز - أبو العلاء" ليست مقبولة بالنسبة اليه، مشدداً على برنامجه الداعي الى تحقيق اتفاق لا حرب أو اتفاق مرحلي طويل الأمد يكون الانتقال منه الى اتفاق دائم رهن تطور العلاقات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. جاء هذا في وقت نقلت الاذاعة العبرية عن مصادر فلسطينية ان وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز وقريع وضعا في واشنطن اللمسات الأخيرة لاتفاق وقف النار ومسودة الاتفاق الذي يقضي باعلان إقامة دولة فلسطينية خلال أسابيع على 42 في المئة من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة على أن يتم إرجاء الحسم في قضيتي القدس واللاجئين الى موعد يتفق عليه الطرفان لاحقاً. من جهته، أعرب بيريز عن ارتياحه الى لقاء شارون والمسؤولين الفلسطينيين وقال للاذاعة العبرية انه لا يمكن اعتبار مضمون اللقاء مفاوضات سياسية انما محاولة للتوصل الى وقف النار. وزاد: "ان النار لا يمكن اطفاؤها بالنار وثمة ضرورة للتقدم بأفق سياسي"، مشيراً الى الخلافات القائمة بينه وبين شارون على طبيعة هذا الأفق. ورأى بيريز ان على اسرائيل ان تقدم اقتراحات لحل النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي للحيلولة دون حدوث شرخ في العلاقات بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي على خلفية مواقفها المتباينة حيال النزاع "لأن من شأن خلاف كهذا ان يسبب في تصدع الجبهة لمحاربة الارهاب ويحول دون نجاح الولاياتالمتحدة في توسيع رقعة هذه الجبهة لتشمل ايضاً محاربة ايران والعراق". وثيقة "بيريز - أبو العلاء" وأفادت صحيفة "هآرتس" في موقع الانترنت الخاص بها ان بيريز عرض على نظيره الأميركي الخطوط الأساسية للورقة التي يعدها وقريع وانها تتضمن أربع مراحل: الأولى اتخاذ خطوات لوقف العنف ثم الاعتراف المتبادل بين اسرائيل ودولة فلسطين والثالثة اجراء مفاوضات بين الدولتين على أربع مسائل هي الحدود والمستوطنات والقدس واللاجئون، وآخرها تطبيق هذه المراحل. وربطت مصادر صحافية اسرائيلية بين لقاء شارون والمسؤولين الفلسطينيين الثلاثة وبين زيارته المرتقبة لواشنطن أواسط الاسبوع المقبل ورأى بعضها ان شارون يعي ان الرئيس جورج بوش يريد الاستماع من شارون الى رؤيته في سبل تهدئة الأوضاع تمهيداً لتطبيق تفاهمات "تينيت" وتوصيات "ميتشل". وكانت القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي ذكرت ان مسؤولين أميركيين نصحوا شارون بأن يأتي ببرنامج عمل الى واشنطن يكون الرئيس الأميركي قادراً على دعمه وان "برنامجاً" كهذا فقط من شأنه اجهاض المبادرة الفرنسية الأخيرة أو الدعوة الايطالية لعقد مؤتمر في بروكسيل يتناول النزاع في الشرق الأوسط. وقال مراقبون اسرائيليون ان اللقاء الذي بادر شارون لعقده جاء لاعتبارات تكتيكية تؤكدها الشروط التعجيزية التي كررها رئيس الحكومة على مسامع ضيوفه وان أبرز هذه الاعتبارات الذهاب الى واشنطن كمن يملك مشروعاً سياسياً لا يستثني مواصلة عزل الرئيس الفلسطيني ولا يتعارض مع طلبه المتوقع من بوش مقاطعة الرئيس الفلسطيني واجراء حوار مع من تعتبرهم اسرائيل معتدلين أو خلفاء مفترضين لعرفات، اضافة الى رغبة شارون في استعادة شعبيته في أوساط الاسرائيليين من خلال الزعم ان المبادرات السياسية لحل النزاع ليست حصراً على بيريز أو أقطاب "العمل". وعلى رغم الكشف عن "اللقاء السري" في مكتب شارون، امتنع الناطق بلسانه عن التعقيب عليه واكتفى بنفي خبر لقاء نجل رئيس الحكومة عومري شارون بالرئيس الفلسطيني في مقره في رام الله الثلثاء الماضي. وسارع قريبون من شارون لم يفصحوا عن هويتهم الى نفي صفة السياسي عن اللقاء المذكور وأنه تناول فقط سبل وقف النار وأعمال العنف. جاء هذا النفي تعقيباً على أقوال وزير الثقافة والاعلام الفلسطيني ياسر عبد ربه لاذاعة "صوت فلسطين" امس ان اللقاء تناول مسائل سياسية رغم ترتيلة شارون المعهودة انه لن يجري أي مفاوضات كهذه تحت وقع النار. وزاد ان الاجتماع لم يأت بأي تقدم حيال تمسك شارون بمواقفه المتشددة. ونقلت الاذاعة العبرية عن مصادر فلسطينية قولها ان اللقاء تم بمعرفة الرئيس الفلسطيني ومصادقته وأنه استدعى على عجل قريع من عمان ليشارك في اللقاء. وأضافت ان المسؤولين الثلاثة غادروا مكتب شارون بعد نحو أربع ساعات وتوجهوا فوراً الى مقر الرئيس الفلسطيني لاطلاعه على مضمونه "ما يؤكد رفض الفلسطينيين المحاولات الاسرائيلية اقامة محور الثقافي على الرئيس الفلسطيني". مطالب الجانبين وحسب الاذاعة استمع المسؤولون الفلسطينيون للمرة الأولى مباشرة من شارون الى المطالب الاسرائيلية بعدما عرضوا مطالبهم الرئيسية وهي وقف عمليات الاغتيالات ورفع الطوق الأمني ووقف توغل جيش الاحتلال الى المناطق الخاضعة لسيادة السلطة ومنح الرئيس الفلسطيني حرية التنقل. ورد شارون على المطالب بمطالب تعجيزية تمثلت بقيام السلطة باعتقال المطلوبين واصدار الرئيس الفلسطيني أوامره لأجهزته الأمنية باعتقال قتلة وزير السياحة رحبعام زئيفي ومن يقف وراءهم. وطالب شارون السلطة بنزع أسلحة جميع التنظيمات الفلسطينية وجميع الأسلحة غير القانونية وتدميرها والعمل الجدي على احباط العمليات العدائية وأخيراً وقف التحريض. ونفى مكتب شارون ان يكون مسؤول جهاز الاستخبارات شاباك سابقاً مع سي غينوسار هو الذي رتّب اللقاء بين شارون والمسؤولين الفلسطينيين. وأصر موقع الانترنت التابع لصحيفة "يديعوت احرونوت" ان لقاء جمع عرفات بنجل رئيس الحكومة الاسرائيلية. ونقل عن مصادر فلسطينية انه تناول مسألة منح الفلسطينيين تسهيلات ورفع الحصار المفروض عليهم وان الرجلين بحثا ايضاً في لائحة المطلوبين التي قدمتها اسرائيل للسلطة. وزاد الموقع ان عومري شارون أوضح للرئيس الفلسطيني ان اسرائيل لن تمسه شخصياً، كما تطرقا الى امكان السماح للرئيس الفلسطيني بمغادرة رام الله للمشاركة في القمة العربية في بيروت أواخر الشهر المقبل.