لا يبدو ان المحادثات التي أجراها وزير الداخلية الجزائري السيد يزيد زرهوني حققت اختراقاً في الملفات العالقة بين البلدين. إذ اكتفى البيان المشترك بتأكيد ان الجارين سيواصلان سياسة التشاور، مما يعني رغبتهما في عدم تصعيد الخلافات في شأن ملف الصحراء الغربية. وصدر أمس موقف لافت للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة أكد فيه ان الجزائر ليست لها أطماع لا في المغرب ولا في الصحراء. أكد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، أمس، ان الجزائر "ليس لها اطماع لا في الصحراء الغربية ولا في المغرب الشقيق، وإنما تطالب فقط بتطبيق الشرعية على الجميع". وأوضح بوتفليقة، في كلمة ألقاها في افتتاح مؤتمر قمة المنظمات غير الحكومية لدول الجنوب في قصر الأمم في نادي الصنوبر قرب العاصمة، أن بلاده "لا يمكنها ان تتواطأ مع الشقيق ضد الشعوب الاخرى". وجاء هذا الموقف بعد يوم فقط من الزيارة الرسمية التي قام بها وزير الداخلية الجزائري السيد يزيد زرهوني للمغرب ونقله رسالة شفوية من بوتفليقة الى الملك محمد السادس تتعلق بالعلاقات بين البلدين في ضوء تطورات ملف النزاع في الصحراء الغربية. وأكد بوتفليقة ان "الجزائر والمغرب كل منهما يكمل بعضه بعضاً"، مشيرا إلى أن "ما تريده الجزائر هو ان يتم تخطي الازمة حتى لا تترك آلاماً في الضمائر". وابدى استعداده لتحسين العلاقة مع جيران الجزائر "خصوصاً مع المملكة المغربية وترك قضية الصحراء الغربية للأمم المتحدة ومبادئها". وفي رسالة مباشرة إلى المسؤولين المغاربة، قال الرئيس الجزائري: "ينبغي على الاشقاء ان يفهموا ان سياسة الجزائر ليست مبنية على الاحقاد"، وانما "ترمي الى بناء مستقبل لا تهزه الحلول المبتورة، وان يختار الشعب الصحراوي ما يرديه". وترجّح أوساط سياسية أن يكون زرهوني نقل إلى المسؤولين المغاربة رسالة جزائرية تدعو الى "فصل مسار تسوية الملفات العالقة بين البلدين وملف إحياء إتحاد المغرب العربي عن ملف الصحراء الغربية على أساس ان الملف الأخير من إختصاص الأممالمتحدة". وتعتبر الرباط ان الخلاف على الصحراء الغربية هو خلاف بين الجزائر والمغرب، ولذلك ترهن تطور العلاقة بين البلدين على المستوى الثنائي أو المتعدد الأطراف، مثلما هو الحال بالنسبة الى الإتحاد المغاربي، بتسوية قضية الصحراء. وتعتقد الجزائر، في المقابل، بان الأممالمتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية تعدان المنظمتين الأكثر تأهيلاً وتمثيلاً لمعالجة ملف الصحراء الذي يقول الجزائريون انه في الأساس موضوع "تصفية إستعمار". وفي اعقاب زيارة زرهوني للمغرب، الجمعة، صدر "بيان مشترك" عبّر فيه البلدان عن "ارتياحهما لسُنّتي الحوار والتشاور القائمتين والمتواصلتين" بين الجارين، واتفقا "على مواصلة اتصالات دائمة بغية تنشيط وترقية تعاون مثمر". وذكر البيان ان محادثات زرهوني ونظيره المغربي السيد إدريس جطو "تمحورت حول المسائل ذات الاهتمام المشترك لا سيما تلك المتعلقة بمجال اختصاص وزارتيهما ومنها ميادين الجماعات المحلية والحماية المدنية والأمن". وأوضح انهما عرضا "مختلف جوانب التعاون بين الوزارتين والوسائل التي يتعين استخدامها لترقيته وتعزيزه في ضوء التقدم الذي يشهده المجتمعان المغربي والجزائري في منظور التطور المتناسق في اطار الفضاء المغاربي والمحيط الدولي". وفي الرباط، اعتبر مراقبون ان لهجة البيان المشترك المغربي - الجزائري والذي صدر في اعقاب استقبال الملك محمد السادس الوزير زرهوني، تشير الى رغبة البلدين في تجنيب التصعيد في صراعهما في شأن موضوع الصحراء. ولفت هؤلاء الى ان الملك محمد السادس استقبل زرهوني، في حضور جطو وكاتب الدولة السيد فؤاد علي الهمة المهتم بملف الصحراء ومدير ديوان العاهل المغربي السيد رشدي الشرايبي إضافة الى سفير الجزائر في الرباط السيد بوعلام بسايح. ولوحظ ان اكتفاء البيان المشترك بالتأكيد ان البلدين سيواصلان اتصالاتهما يعني انه لم يتم التوصل الى اتفاق كامل على المواضيع التي بُحث فيها والتي يُعتقد بان بينها ملفات الصحراء والحدود المغلقة والتعاون الأمني والوضع المغاربي.