أقامت مؤسسة الحريري حفلة تكريمية لأربع نساء لبنانيات رائدات في العمل السياسي والاجتماعي. وهذا التكريم الذي صار عرفاً اجتماعياً في بداية الألفية الثالثة، تقوم به المؤسسة في شكل سنوي منذ العام الماضي حين كرمت الممثلة المصرية الكبيرة فاتن حمامة، اذ منحتها جائزة المرأة العربية للعام 2001. وهذا العام كان تكريم لأربع نساء من لبنان لكل منهن باع طويل في الشأن العام، إن على صعيد السياسة الموروثة او المكتسبة، او على صعيد العمل الاجتماعي. أقيمت الحفلة في فندق بريستول في بيروت بحضور شخصي للمكرّمات: ميرنا البستاني، منيرة الصلح، اميلي فارس ابراهيم ونهاد سعيد، وسلطت الأضواء على مواقعهن الحالية ليكون جيل الشباب على معرفة بما خضن في حياتهن: * النائب السابق ميرنا بستاني: اول امرأة دخلت الندوة النيابية. ولدت في بيروت العام 1937. والدها الوزير والنائب الراحل اميل البستاني الذي غاب فجأة بعد سقوط طائرته الخاصة في البحر. والدتها لورا سرياني. درست في الكلية البروتستانتية الفرنسية ونالت البكالوريا - القسم الثاني ثم سافرت الى لندن لمدة عام وأتقنت اللغة الانكليزية قبل ان تتابع دراستها الجامعية لتنال اجازة الآداب في علم النفس من بيروت. دخلت ميرنا بستاني البرلمان اللبناني في ثوب الحداد في العام 1963 لتملأ الفراغ الذي احدثه غياب والدها المفاجئ، وكانت المرأة اللبنانية الأولى التي تصبح نائباً، الا انها لم تقع اسيرة تلك التجربة التي عاشتها لمدة سنة ونصف السنة واختارت الابتعاد عن السياسة والانحياز لخدمة الناس والعطاء في مجالات اخرى وتكريس الجهود للنجاح في الاعمال التي اسس لها والدها الى جانب الاستثمار في السياحة والتربية والثقافة والفنون. عام 1980 اختيرت عضواً في مجلس الجامعة الأميركية في بيروت. عام 1984 أسهمت في تأسيس الجمعية البريطانية - اللبنانية في لندن. عام 1985 أسهمت في مبادرة تأسيس مركز الدراسات اللبنانية. وفي العام 1992 اسست وترأست لجنة مهرجان البستان التي تلعب دوراً ملحوظاً في انعاش الحركة الثقافية في لبنان. ونالت ميرنا بستاني وسام الأديبة الرائدة جوليا طعمة دمشقية التي كانت أوصت بمنحه الى اول امرأة تدخل المجلس النيابي. وفي العام 1996 قلدها رئيس الجمهورية وسام الأرز الوطني من رتبة ضابط. ومنحتها الحكومة الروسية وسام الصداقة الروسي لما اقامته من روابط ثقافية بين روسياولبنان. * منيرة الصلح: ولدت في بيروت العام 1912. والدها ممدوح الصلح شقيق رئىس مجلس الوزراء والنائب السابق سامي الصلح وابنة عم الرئيس رياض الصلح. حازت شهادتها الجامعية في العام 1933 من كلية بيروت للبنات في الجامعة الاميركية الجامعة اللبنانية الاميركية حالياً وكانت من نخبة اللبنانيات المتعلمات اللواتي أردن تغيير واقع المرأة ودعم الجهود لارساء حقوقها. تزوجت من ممدوح الصلح الذي اغتيل في ساحة الدباس عام 1958 ورزقت منه بأربعة اولاد وقد اصيب اثنان منهما بمرض السحايا الفتّاك فقضى الاول وبقي الثاني وهو البكر "سليم" مصاباً بالاعاقة. انتسبت الى الصليب الأحمر ثلاث سنوات للحصول على شهادة التمريض لتتعلم العناية الطبية بابنها، ثم تحول همها الى انقاذ المعوقين في المجتمع. كانت عضواً عاملاً في جمعية "اقالة العاثر" التي كانت ترأسها السيدة وداد عانوتي. عملت ثماني سنوات قبل ان تتمكن في العام 1955من إنشاء "مؤسسة الأمل" للأطفال المتخلفين واستطاعت في العام 1960 ان تنال الترخيص لها من وزارة التربية بمرسوم جمهوري والمؤسسة ترعى اليوم مئات الفتيان والفتيات، وأدخلت الصحة العقلية للأطفال على مصحة الانعاش الاجتماعي اللبناني. ترشحت عن المقعد السني في دائرة بيروت الثالثة في الانتخابات النيابية في الاعوام 1960، 1964، 1968 ولم توفق فاتجهت الى العمل في المجال الانساني والاجتماعي. حازت جائزة آل كنيدي من مؤسسة كيندي من العام 2000 الى 2005 لأفضل أم لمعوّق. نالت وسام العمل المذهب من الرئىس الياس الهراوي. نالت وسام الاستحقاق اللبناني من الرئىس اميل لحود عام 2001. * اميلي فارس ابراهيم: اول امرأة في لبنان تملكت الجرأة على خرق عالم الرجال السياسي في العام 1953، حين خاضت الانتخابات النيابية، بعد سنتين من اعطاء المرأة اللبنانية حق الانتخاب وبذلك كانت المرأة الاولى في العالم العربي التي تنال هذا الحق. من مواليد نيويورك عام 1914. والدها فيليب فارس، درست في مدرسة راهبات سان جوزيف في بيروت وكتبت في جريدة "الأحرار" في الثلاثينات، وفي الاربعينات بدأت نضالها النسوي، فانضمت في العام 1943 الى جامعة نساء لبنان ثم اسست لجنة حقوق المرأة. تسلمت رئاسة المجلس النسائي اللبناني من العام 1974 وحتى العام 1991. ترجمت ايمانها بالعدالة والحرية والانسان في ثمانية كتب. نالت الكثير من الاوسمة الرفيعة وهي: وسام الاستحقاق اللبناني المذهب في العام 1953، وسام العمل الانساني برتبة ضابط، وسام المعارف من درجة فارس في العام 1962، وسام العمل في الشؤون الاجتماعية برتبة ضابط، وسام "آثار الأديب" برتبة كوموندور ووسام "الأرز المذهب" بمرسوم جمهوري. * النائب السابق نهاد جرمانوس سعيد ابنة المحامي الشيخ بطرس جرمانوس ولدت في بيروت في منطقة البسطا في العام 1931. درست في مدرسة البيزانسون في بيروت، ثم دخلت كلية الحقوق في جامعة القديس يوسف لسنة واحدة، ولم تتابع اذ تعرفت في منطقتها الى زوجها الدكتور انطوان سعيد نجل الدكتور فارس سعيد من قرطبا، وكان لها منه ستة ابناء هم: ماري كلود، النائب فارس، مايا، ندى، أدلين وكريم. أسست مع زوجها مستشفى سعيد "سانت انطوان" في منطقة المتحف، وبعد وفاته تابعت الاشراف على عمل المستشفى لغاية العام 1976 قبل احتلاله وتخريبه، كما عملت في ادارة المستشفى الذي اسسه في جبيل وفي ادارة شركة ترانزيت لتأمين حياة ميسورة لأولادها. تميزت معارك نهاد سعيد النيابية التي خاضتها ثلاث مرات متتالية في العام 1965 و1968 و1972 بأنها معارك "كسر عضم" اكسبتها تجربة سياسية غنية اهّلتها لتكون نائباً في انتخابات العام 1996 عن جدارة وثقة قبل ان تختار في 2000 العزوف عن ترشيح نفسها لمصلحة ابنها النائب الحالي الدكتور فارس سعيد. وفي الحفلة الحاشدة التي حضرها الوزير ميشال فرعون ممثلاً رئيس الحكومة رفيق الحريري والنائب نايلة معوض ممثلة رئىس المجلس النيابي نبيه بري، وعقيلة نائب رئىس المجلس النيابي اولغينا الفرزلي ممثلة رئىس الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اندريه لحود والأمين العام للاتحاد البرلماني العربي نور الدين بوشكوج والنائب بهية الحريري عن مؤسسة الحريري، اضافة الى حشد من النواب والشخصيات السياسية والثقافية والاجتماعية والهيئات الأهلية والمهتمين بالشأن العام، تسلمت المكرّمات جوائز المرأة العربية للعام 2002. وفي ختام حفلة التكريم ألقت النائب نايلة معوض كلمة شكرت فيها مؤسسات الحريري والنائب بهية الحريري على هذه المبادرة بتكريم سيدات شكلن قدوة ونموذجاً ورمزاً لكل امرأة لبنانية، وألقى بوشكوج كلمة اعرب فيها عن سروره بالمشاركة في تكريم تلك الرائدات في ميدان العمل السياسي، مشيراً الى ان تأثيرهن تجاوز الساحة اللبنانية الى المجال العربي لأنهن كن رائدات في الترشيح وواجهن التمييز والمنع من مشاركتهن في الحياة العامة، فكسرن احتكار الرجال للعمل السياسي. وألقت سناء الصلح ابنة منيرة الصلح كلمة باسم والدتها شكرت فيها مؤسسة الحريري لهذا التكريم واستعرضت فيها بعض حياة امها ونضالها من اجل رفع المعاناة عن الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. اما الكلمة الاخيرة فكانت للنائب الحريري التي توجهت بالتهاني للمرأة اللبنانية بمناسبة يوم المرأة العربية وأشادت بجهودها وضرورة تكريمها.