أصدر مجلس الأمن قراراً تاريخياً رقمه 1397 يعترف بحتمية الدولة الفلسطينية، ويشيد بمبادرة ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبد العزيز وتطبيق "توصيات ميتشل" و"خطة تينيت"، وحظي بموافقة 14 عضواً وامتنعت سورية عن التصويت عليه. وبدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون سباقاً عسكرياً مع المبادرات الديبلوماسية، فشدد أوامره إلى جيشه بتكثيف هجماته على المدن والمخيمات الفلسطينية. وبعد خلاف مع وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر الذي هدد بالاستقالة إذا لم يخفف الجيش حصاره للرئيس ياسر عرفات، اتفق زعيم اليمين وزعيم اليسار، وقرر شارون مواصلة الهجمات خلال وجود المبعوث الرئاسي الأميركي انتوني زيني الذي يصل إلى إسرائيل اليوم. راجع ص 3 و4 وأعرب البيت الأبيض عن قلقه أن تؤدي العمليات الإسرائيلية إلى "تقويض جهود زيني"، وطالب إسرائيل بتوفير الأجواء "التي يحتاج إليها لكي يكون مؤثراً"، كما طالب الفلسطينيين ب"وقف العمليات ضد الإسرائيليين". وأعلن الفلسطينيون أن استمرار احتلال رام الله لم يترك للموفد الأميركي "أي أملبالنجاح". وكان الجيش أحكم سيطرته أمس على وسط رام الله واستشهد خلال المعركة خمسة فلسطينيين وقتل ضابط إسرائيلي وصحافي ايطالي واصيب خمسون جريحاً بينهم صحافي فرنسي، وهاجمت القوات الإسرائيلية مراكز إعلامية في المدينة. واتخذ تبني مجلس الأمن قراراً يؤكد "رؤية" قيام دولة فلسطين بعداً "تاريخياً" من وجهة النظر الفلسطينية والعربية، باستثناء سورية التي امتنعت عن التصويت عليه. وقال مندوب جامعة الدول العربية لدى الأممالمتحدة، السفير حسين حسونة ل"الحياة" ان "اعتماد مجلس الأمن القرار الاميركي، على رغم جوانب ضعفه وعدم استجابته المطالب العربية، يعتبر تطوراً تاريخياً في تناوله لقضية فلسطين... يجب ان نشجعه ونبني عليه". ولفت مندوب فلسطين الدكتور ناصر القدوة الى ان "الولاياتالمتحدة قدمت للمرة الأولى قراراً حول الوضع الفلسطيني في مجلس الأمن"، وهذا يعني قبولها بدور للأمم المتحدة في اقامة دولة فلسطينية. وأكد مجلس الأمن في القرار 1397 الذي تبناه في ساعة متأخرة من ليل الاثنين "رؤية تتوخى منطقة تعيش فيها دولتان، اسرائيل وفلسطين، جنباً الى جنب ضمن حدود آمنة ومعترف بها". ودعا الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني وقادتهما الى "التعاون في تنفيذ خطة عمل تينيت وتوصيات تقرير ميتشل لاستئناف المفاوضات والتوصل الى تسوية سياسية". واعرب عن "تأييده جهود الأمين العام والجهات الاخرى الرامية الى مساعدة الطرفين على وقف العنف واستئناف عملية السلام". ودعمت 14 دولة القرار الذي تقدمت الولاياتالمتحدة بطرحه في مجلس الأمن. وامتنعت سورية وحدها عن التصويت آخذة عليه انه "ضعيف وغير متوازن". وبثت الاذاعة الاسرائيلية ان الحكومة الاسرائيلية المصغرة قررت امس ابقاء دباباتها في رام اللهالضفة الغربية في ختام اجتماع عاصف لوح خلاله وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر بسحب وزراء حزب العمل، لكنه تراجع عن ذلك عندما اقترح شارون التصويت على المسألة. وقال له: "انسحبوا وكفوا عن التلويح بالتهديدات". وتابعت الاذاعة ان زعيم اليمين وزعيم اليسار تحدثا على انفراد وأقرت الحكومة المصغرة مواصلة العملية في رام الله التي شنت ليل الاثنين - الثلثاء من دون مزيد من الايضاحات. ووافقت الحكومة على تطبيق "خطة لحماية القدس" بإقامة مناطق أمنية تضم مستوطنات غيفات زئيف ومعالي اودميم في ضواحي المدينة. في واشنطن، أعرب البيت الأبيض أمس عن قلقه من العمليات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة التي قتل فيها مدنيون فلسطينيون، محذراً من أنها قد تقوض مساعي زيني الرامية إلى التوصل إلى وقف النار. وقال الناطق باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان: "لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها". وأضاف: "ما زلنا قلقين جداً من أعمال جيش الدفاع الإسرائيلي التي تسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا الفلسطينيين ومن بينهم ضحايا من المدنيين العاملين في المجال الإنساني سواء كان ذلك عن عمد أم لا. إنهم الإسرائيليون لا يوفرون الأجواء التي يحتاج إليها الجنرال زيني كي يكون مؤثراً". وزاد "من الضروري ان توقف السلطة الفلسطينية الهجمات ضد إسرائيل أيضاً". وأكد صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، أمس ان قرار الحكومة الإسرائيلية احتلال مدينة رام الله لم يبق لمهمة زيني "أي أمل في النجاح". وأحكمت إسرائيل أمس قبضتها على وسط مدينة رام الله، بعد معارك عنيفة مع المسلحين الفلسطينيين راح ضحيتها خمسة شهداء. وقتل ملازم إسرائيلي، كما اصيب خمسون شخصاً بجروح وصفت حال عشرة منهم بأنها خطيرة. واحتل القناصة الإسرائيليون مآذن الجوامع والسطوح العالية مهددين كل من يمر في شوارع رام الله بالقتل. وأعادت الدبابات محاصرة مقر عرفات، حيث تمركزت على بعد عشرات الأمتار منه. وقتل الصحافي الايطالي رافائيل تشيليو من قناة "راي" التلفزيونية بعدما فتحت دبابة إسرائيلية نيران رشاشها باتجاهه عندما حاول التقاط صورة في منطقة لم تشهد اشتباكات مسلحة. واصيب الصحافي بست رصاصات من العيار الثقيل تركز معظمها في البطن. ثم اصيب مصور فرنسي من وكالة الأنباء الفرنسية برصاصة في القدم، فيما اصيب طارق عبدالجابر مراسل التلفزيون المصري برصاصة في الخاصرة. واقتحمت قوات كبيرة من الجيش مبنى يضم مكاتب قنوات تلفزيونية للمملكة العربية السعودية وعُمان والكويت ولوكالة أنباء "اسوشييتدبرس" الأميركية.