سادت حال من الغليان الاراضي الفلسطينية امس بتصعيد المستوطنين اليهود وجيش الاحتلال الاسرائيلي الاعتداءات على الفلسطينيين، فيما بذلت مصر وبريطانيا محاولات من خلال مبعوثين الى اسرائيل والسلطة الفلسطينية لاقناع الجانبين بالتزام تنفيذ توصيات لجنة ميتشل. وتمثلت الاعتداءات الاسرائيلية، عدا اصدار اخطارات هدم واخلاء لاصحاب 24 منزلاً في قرية المدية غرب رام الله، في قصف مدفعي لمقر الاستخبارات العسكرية الفلسطينية على جبل عيبال في نابلس ادى الى تدميره تماماً والى استشهاد محمد فياض 21 عاماً خلال عمله هناك واصابة ثمانية فلسطينيين آخرين بينهم طفل بجروح مختلفة. وقصفت قوات الاحتلال موقعا آخر لقوات الامن الوطني على طريق نابلس - القدس. وشارك المستوطنون في الاعتداء على الفلسطينيين واقتحام مناطقهم السكنية واضرموا النار في حقول مزارعين فلسطينيين. وجاء القصف الاسرائيلي في اعقاب اطلاق مسلحين فلسطينيين النار باتجاه سيارة مستوطنين، ما ادى الى اصابة ثلاثة منهم زوجان وابنهما وصفت اصابة احدهم بأنها خطيرة. وقرب مدينة الخليل اصاب مستوطنون يهود بالرصاص ثلاثة فلسطينيين، واصاب فلسطينيون مستوطناً من مستوطنة "كريات اربع" القريبة بجروح خطرة. وكان المستوطنون والجنود جرحوا قبل ذلك 15 فلسطينياً وسط المدينة المقسمة. وكشفت مصادر اسرائيلية امس ان مدير المخابرات المصرية عمر سليمان زار اسرائيل اول من امس واجتمع مع رئيس الوزراء ارييل شارون ووزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعيزر ووزير خارجيته شمعون بيريز. وقالت صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية ان شارون وبن اليعيزر عرضا على سليمان "معلومات تثبت مسؤولية الرئيس ياسر عرفات والسلطة الفلسطينية عن الارهاب والعنف". ونقلت عن مصادر سياسية اسرائيلية قولها انه منذ استدعاء السفير المصري لدى تل ابيب، تحول سليمان الى "قناة الاتصال الرئيسة بين مصر والقيادة الامنية - السياسية في اسرائيل، وهو يلعب دوراً مركزياً في اللقاءات الامنية بين اسرائيل والفلسطينيين". واشاد وزير الدفاع الاسرائيلي في تصريحات للاذاعة الاسرائيلية بدور مصر في المسيرة السلمية، وطالب الرئيس حسني مبارك بممارسة "ضغوط قوية" على عرفات. واشاد بن اليعيزر ايضاً بسليمان، وقال: "عمر سليمان من اكثر الشخصيات التي اعرفها جدية ومن أقوى الشخصيات في مصر". واضاف: "جلس معي وقتاً طويلاً وجلس مع رئيس الوزراء ومع وزير الخارجية وقمنا بتلخيص نتائج التطورات حتى اليوم". وقال بيريز ان سليمان اعرب عن مخاوفه من ان اسرائيل والفلسطييين لن ينفذوا ابداً الهدنة التي تؤدي الى استئناف عملية السلام بموجب تقرير لجنة ميتشل. واضاف لاذاعة الجيش "انه سليمان يشعر بالقلق بالتأكيد بشأن ما سيحدث اذا انهار اتفاق ميتشل لأننا نعلم جميعاً انه اذا انهار الاتفاق فإننا سنصبح بدون شبكة امان أو بديل". ونفى مكتبا شارون وبيريز ما تناقلته امس وسائل الاعلام الاسرائيلية من ان شارون منع بيريز من الاجتماع مع الرئيس الفلسطيني خلال زيارته المقررة الى القاهرة بعد غد الاحد في لقاء ثلاثي يضم الرئيس حسني مبارك. وفي رام الله اجتمع اللورد ليفي المبعوث الشخصي لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير الى المنطقة مع الرئيس الفلسطيني وسلمه رسالة من بلير. وكان ليفي اجتمع اول من امس مع شارون وسلمه رسالة من مماثلة. وذكرت وزارة الخارجية البريطانية ان بلير حض في رسالتيه عرفات وشارون على تنفيذ توصيات لجنة ميتشل بشقها الامني كذلك بما المتعلق باجراءات بناء الثقة. وفي هذا السياق، دعا زعيم المعارضة البرلمانية الاسرائيلية رئيس حركة ميرتس، يوسي سريد حكومة شارون الى القيام بالدور الملقى عليها في وثيقة جورج تينيت واحترام اتفاق وقف النار وعدم اتهام السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيسها عرفات وحدهما بخرقه "وكأن اسرائيل تحترم الاتفاقات التي وقعتها". وقال للاذاعة الاسرائيلية ان هدم البيوت الفلسطينية هو نوع من انواع الارهاب و"نعرف ان الجيش يقتحم يومياً المناطق الخاضعة لسيادة السلطة الفلسطينية على نحو يشكل خرقاً فظاً لوثيقة مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية جورج تينيت". وزاد: "اننا نلوم الفلسطينيين لعدم قيامهم بالقضاء على الارهاب ولا نلوم أنفسنا على ممارساتنا". يذكر ان اجتماعاً امنياً بين الفلسطينيين والاسرائيليين في حضور ممثل لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية ليل الاربعاء - الخميس فشل في تحقيق اي تقدم حسب ما اعلن الجانبان الفلسطيني والاسرائيلي. بلجيكا ومحاكمة شارون الى ذلك، افادت مصادر حكومية في بروكسيل امس ان القادة الاجانب قد يُمنحون في المستقبل حصانة موقتة في بلجيكا تحول دون تعرضهم لدعاوى مشابهة لتلك التي يواجهها حالياً رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون او رئيس ساحل العاج لوران غباغبو. واوضح مصدر قريب من رئيس الوزراء غي فيرهوفشتادت لوكالة "فرانس برس" ان مجموعة خبراء من وزارات العدل والخارجية والداخلية تفكر في احتمال اعادة النظر في قانون 1993 الذي تم تعديله عام 1999 وهو يمنح المحاكم البلجيكية "صلاحية دولية" للنظر في جرائم القانون الدولي جرائم حرب، جرائم في حق الانسانية.... وقال مسؤول في وزارة الخارجية ان "الفكرة ليست ان نعود عن جوهر القانون، وهو الصلاحية الدولية للمحاكم البلجيكية، بل ان نعدله لتأمين حصانة موقتة للقادة الاجانب". وافاد المسؤول ان اقتراحات الخبراء ستطرح للمناقشة في البرلمان ابتداء من تشرين الاول اكتوبر المقبل. واضاف انه "قد يتم في المستقبل تعليق تحقيق بشأن ارتكاب مجزرة او جريمة حرب او جريمة في حق الانسانية وليس الغاؤه عندما يطال رئيس دولة أو رئيس وزراء او وزيراً في منصبه". وقال الديبلوماسي ان "اعادة النظر هذه تهدف الى منح الديبلوماسية البلجيكية هامشاً للتحرك". وكان شارون الغى الاسبوع الماضي زيارة مقررة الى بروكسل متذرعاً رسمياً باسباب تتعلق بجدول اعماله، انما في الواقع لابداء استيائه اثر تقديم شكويين في حقه لدوره المفترض في مجزرتي صبرا وشاتيلا اللتين ارتكبتهما ميليشيات مسيحية في لبنان عام 1982.