بدأ البرلمان المغربي أمس اجتماعاً طارئاً يستمر أياماً لدرس القوانين المنظمة للانتخابات المقررة في الخريف المقبل، إضافة إلى قوانين الصحافة والحريات العامة. وكانت حكومة رئيس الوزراء السيد عبدالرحمن اليوسفي أقرت تغيير قانون الاقتراع ليصبح بالقوائم بدل الاسماء الفردية وفق قاعدة "أكبر معدل"، مما أثار ردود فعل رافضة لأحزاب المعارضة التي دعت إلى تحكيم العاهل المغربي الملك محمد السادس في هذا الخلاف. وأفادت مصادر حزبية أن زعامات الوفاق التي تضم الاتحاد الدستوري والحركة الشعبية والوطني الديموقراطي اجتمعت في وقت سابق مع مسؤولين في البلاط الملكي بهدف التوصل إلى صيغة وفاقية. لكن ذلك لن يحول دون تزايد الجدل، في الاجتماع الطارئ للبرلمان على ظروف الاعداد للانتخابات. وفيما ترى أحزاب المعارضة ان الاقتراع بالقوائم يغيب شرائح واسعة من سكان الأرياف، حيث تتفشى الأمية وصعوبة التمييز بين رموز القوائم المتنافسة، ترى أحزاب التحالف الحكومي الذي يتزعمه "الاتحاد الاشتراكي" أن الاقتراع بالقوائم يحد من التجاوزات التي كانت تطبع الانتخابات السابقة. وقال اليوسفي أخيراً: "لدينا طموح كبير لتنظيم أول انتخابات نزيهة وشفافة في البلاد على قاعدة الاقتراع بالقوائم". وزاد في ترسيخ هذا الاعتقاد ان الملك محمد السادس جدد ثقته بالحكومة، وفسرت الخطوة بأنها إشارة قوية إلى استبعاد تعديل حكومي يسبق الانتخابات، خصوصاً أن فاعليات سياسية طلبت أن تتولى هيئة مستقلة الاشراف على تنظيم الانتخابات. ويقول محللون ان المنافسات الانتخابية المقبلة ستكون بين أربعة تيارات على الأقل، أحزاب التحالف الحكومي التي تضم الاتحاد الاشتراكي والاستقلال والتقدم والاشتراكية والحركة الوطنية الشعبية وتجمع الأحرار والقوى الاشتراكية والاشتراكي الديموقراطي من جهة، والمعارضة التي تشمل الاتحاد الدستوري والحركة الشعبية والوطني الديموقراطي من جهة أخرى. تضاف الى هاتين القوتين الأحزاب الجديدة التي تجمع بين تحالف يساري وتنظيمات لرجال الأعمال وأحزاب تأسست حديثاً، وأخيراً التيار الاسلامي الذي يتزعمه حزب "العدالة والتنمية" في غياب جماعة "العدل والاحسان" التي يتزعمها الشيخ عبدالسلام ياسين، كونها ترفض المشاركة في الانتخابات. وتشير تقارير الى أن المعطيات المرتبطة بنمط الاقتراع ستؤثر في تشكيل الخارطة السياسية المقبلة، لكن من غير الوارد حدوث تغيير جذري. فالاسلاميون يراهنون على كسب مقاعد جديدة، لكن بحسابات قد لا تجعل منهم قوة نافذة، في حين ان الاستقلال الذي يتبنى طروحات غير بعيدة عن التوجه الاسلامي يطمح الى أن يخلف الاتحاد الاشتراكي في زعامة التحالف الحكومي المقبل. لكن الاتحاد الاشتراكي نفسه يبدو واثقاً من الحصول على مقاعد مريحة. وليس وارداً ان تنتقل أحزاب المعارضة الى واجهة تحمل المسؤولة الحكومية، لكن توزع بقية الأحزاب سيكون مؤثراً في تغليب هذا التحالف أو ذاك. ويرى مراقبون ان تطورات قضية الصحراء ستكون بدورها عنصراً مؤثراً في تكييف الخريطة السياسية، أقله لجهة الحفاظ على مناخ التعبئة في مواجهة الاستحقاقات التي ستطرحها الأممالمتحدة.