في طقوس باتت تشكل المشهد اليومي للاراضي الفلسطينية، تواصل سقوط الشهداء من اطفال ونساء وشيوخ امتلأت بهم ثلاجات الموتى في بعض المشافي قبل ان يتمكن المواطنون من دفن ضحايا اليوم السابق، فيما وسع الجيش الاسرائيلي نطاق عملياته العسكرية، خصوصاً ضد مخيمات اللاجئين. فبعد يوم دام سقط فيه اكثر من 50 شهيداً وخلّف كماً هائلاً من الحزن في الشارع الفلسطيني، وصل الدور الى مخيمات عايدة والعزة والدهيشة في محافظة بيت لحم الخاضعة لحصار عسكري مشدد لليوم الثاني، فيما واصلت مروحيات "الاباشي" قصفها مواقع فلسطينية مدنية في الخليل ونابلس وغزة. وفي مخيم العزة استشهدت الفتاة نداء العزة 14 عاماً داخل منزلها جراء اطلاق الرصاص الكثيف على المخيم. أما في مخيم عايدة على مشارف مدينة بيت لحم، فاقتحمت قوات كبيرة من الجيش منازل المواطنين وشنت حملة اعتقالات واسعة النطاق. واصيب عدد من الفلسطينيين بجروح جراء عملية القصف المتواصلة على المخيم من الدبابات ومروحيات "الأباشي" الحربية، كما لحقت اضرار بالغة بعشرات المنازل. وفي مخيم الدهيشة المحاصر، وجهت اللجنة الشعبية نداء حذرت فيه من وقوع مجزرة بحق السكان وأبلغت عن وجود جرحى اصيبوا جراء قصف المروحيات العسكرية ومنع الجنود سيارات الاسعاف من الوصول اليهم واخلائهم.وأعلن استشهاد الشاب عماد الصوفي 23 عاماً وهو من قوات الامن الوطني من غزة، متأثرا بجروح اصيب بها قبل يومين جراء قصف المخيم. واحتلت الدبابات الاسرائيلية مهبط طائرات الرئيس ياسر عرفات المطل على مخيم الدهيشة ما يعني احكام سيطرة الجيش من جميع الجهات. وزج الجيش بأكثر من 25 دبابة وناقلة جنود الى محيط المخيم من مدخل بلدتي ارطاس والخضر الخاضعتين بدورهما لنظام حظر التجول. واقتحم الجنود لاحقا منازل المواطنين في بلدة الخضر تحت وابل كثيف من الرصاص. وفي شمال الضفة الغربية حيث اا يزال الجيش يحتل مدينة طولكرم ومخيمها لليوم الثالث، سمح لممثلي منظمة الصليب الاحمر بانتشال جثة شهيد فلسطيني ترك ينزف حتى الموت منذ اول من امس وكذلك بنقل ثلاثة شهداء آخرين لدفنهم في مقبرة الشهداء في مخيم نورشمس المجاور. وقرب قلقيلية التي تم تشديد الحصار المفروض عليها، استشهدت السيدة رنا حمد من قرية عزون المجاورة على احد الحواجز العسكرية الاسرائيلية بعد ان رفض الجنود السماح لسيارة الاسعاف التي تقلها من المرور والوصول الى المشفى للمعالجة من نزيف حاد ألم بها بعد وضعها وليداً ميتاً. وقالت القابلة القانونية التي كانت برفقتها انها ترجلت من السيارة وابلغت الجنود بخطورة حالة المريضة الصحية، إلا أنهم استوقفوها نحو ساعة من الزمن، ومع وصول سيارة اسعاف اخرى من الطرف الاخر للحاجز كانت رنا فارقت الحياة. وحاصرت قوات كبيرة من الجيش مخيم الجلزون شمال رام الله واقتحمت عددا من منازل المواطنين حتى ساعات الفجر. وفي مخيم بلاطة اصيب الطفلان هيثم ابو ذراع وصبحي الطيراوي بجروح عندما انفجرت قنبلة من مخلفات الجيش الذي احتل المخيم قبل اسبوع. وشل اضراب شامل مدينة القدس حيث خرج مئات الفلسطينيين بتظاهرة غاضبة للاحتجاج على الاعتداءات الاسرائيلية الاخيرة في الاراضي الفلسطينية وعلى الاعدام الميداني لشاب لم تعرف هويته بعد قرب حي "عمارات نسيبة" شمال القدس اول من امس وعلى استشهاد المسن الفلسطيني ابراهيم علما 62 عاماً الذي عثر على جثمانه قرب سوق محني يهودا في القدس الغربية. ونقلت الى مستشفى المقاصد في القدس سيدتان فلسطينيتان شهدتا عملية الاعدام الميداني للشاب الفلسطيني بعد اصابتهما بالصدمة. واكد شهود ان قوات الشرطة الاسرائيلية اطلقت عشر رصاصات عن قرب على رأس الشاب بعد ان داس جنود على رقبته واستجوبوه. وقالت مصادر اسرائيلية ان الشاب كان يتمنطق بحزام ناسف. واعلنت السلطة الفلسطينية اضراباً عاماً وشاملاً في كامل الاراضي الفلسطينية حداداً واحتجاجاً على المجازر التي ارتكبها الجيش في مخيم طولكرم. ووصف ناطق بلسان السلطة ما يحدث في مخيم طولكرم بوقائع مجزرة صبرا وشاتيلا، مشيراً إلى فتح الجيش معسكر اعتقال جماعيا لمئات المدنيين في ساحة مدرسة المخيم من دون طعام او ماء او عناية صحية خصوصا ان عددا منهم مرضى سكري وغيره من الامراض المزمنة. ودعا المجتمع الدولي الى التدخل السريع لوقف المجازر التي ترتكب ضد المدنيين الفلسطينيين. سياسياً، قال نبيل ابو ردينة مستشار عرفات ان دعوة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون للتفاوض في شأن وقف اطلاق النار "لا تعني شيئاً طالما لم يوقف مجازره واعتداءاته على الفلسطينيين". واعلنت الاذاعة الاسرائيلية ان العرب في اسرائيل دعوا الى اضراب عام اليوم احتجاجا على عمليات الجيش. غزة وفي قطاع غزة، سقط شهيدان ليل الجمعة - السبت عندما هاجما موقعا عسكريا إسرائيليا شرق بيت حانون واشتبكا مع الجنود مدة نصف ساعة. ونعت "كتائب المقاومة الوطنية"، الجناح العسكري ل"الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين"، الشهيدين فارس عزات شابط 25 عاماً ووسام سيمان شابط 20 عاماً من حي الزيتون في مدينة غزة اللذين ينتميان إلى الجبهة. وبسقوطهما يكون عدد شهداء قطاع غزة الجمعة 23 شهيداً، 16 منهم في مجزرة خزاعة وأربعة في منطقة السودانية، اضافة الى منفذ الهجوم الانتحاري في مستوطنة "عتسمونة" شمال غربي رفح. إلى ذلك، قصفت مروحيتان إسرائيليتان من طراز "اباتشي" أميركية الصنع قبل ظهر أمس موقعين أمنيين في مدينة غزة يتبعان للسلطة الوطنية، ما أسفر عن إصابة خمسة أشخاص. وقالت مصادر أمنية فلسطينية وشهود ل"الحياة" إن الطائرتين اطلقتا صاروخين في اتجاه مبنى غسان كنفاني للشرطة المدنية في حي الشيخ رضوان، ما أدى إلى تدميره واصابة خمسة مواطنين بجروح بين طفيفة ومتوسطة، بينهم طفل في الخامسة من عمره، وشرطية. ولحقت أضرار جسيمة بعدد من المباني والشقق السكنية، خصوصاً أن قسم الشرطة المستهدف يقع في الحي الذي يعتبر من أكثر أحياء مدينة غزة ازدحاماً بالسكان. كما قصفت مروحيتان بصاروخين أيضاً مقر اللجنة العلمية في مجمع "السرايا" الامني وسط مدينة غزة، ما أدى إلى تناثر بعض حجارة المبنى المدمر اصلا في هجوم استهدفته المروحيات قبل أكثر من عام بتهمة إعداد قذائف هاون. من جهة أخرى، توغلت ثلاث دبابات وجرافتان إسرائيليتان شمال مدينة خانيونس وهدمت سبعة منازل قبل أن تعود ادراجها إلى مستوطنة "جاني طال". وتبعد أسلاك المستوطنة نحو 150 متراً فقط عن المنازل السبعة وغيرها الواقعة على خط النار ونزح منها سكانها إلى أماكن أكثر أمناً داخل المدينة. إلى ذلك، قالت مصادر الأمن العام إن أربع دبابات إسرائيلية وجرافات توغلت عصر أمس في الأراضي الفلسطينية المصنفة "أ" نحو 400 متر وجرفت عشرات الدونمات الزراعية من دون أسباب تُذكر.