عرض الوزير الأول التونسي محمد الغنوشي أمس على مجلس النواب مشروع تعديل الدستور الذي أعلنه الرئيس زين العابدين بن علي في خطاب ألقاه أمام المجلس أول من أمس، وتعهد خلاله عرض المشروع على استفتاء شعبي. وقرر المجلس تشكيل لجنة لدرس التعديل قبل مناقشته في جلسة عامة لم يحدد تاريخها. وكان بن علي أوضح أن الناخبين يستطيعون سحب بطاقات الاقتراع اعتباراً من الشهر المقبل. وقال إنه سيعطي توجيهات للبلديات كي تباشر توزيع البطاقات في مطلع أيار مايو، مما حمل المراقبين على ترجيح اجراء الاستفتاء في أواخر الربيع. ويشمل التعديل غالبية أبواب الدستور عشرة أبواب الذي وضعه المجلس التأسيسي العام 1956، ونصف بنوده وعددها 78 بنداً، إلا أن الجانب الأهم يكمن في مراجعة البند التاسع والثلاثين الذي يشكل حاجزاً أمام معاودة ترشيح بن علي لولاية رئاسية رابعة تستمر خمسة أعوام والذي حدد سقف الولايات بثلاث فقط. ويتضمن التعديل إلغاء الحاجز، مع الابقاء على حاجز السن والمتمثل في سقف السبعين عاماً. إلا أن سن الرئيس بن علي سيكون أقل من ذلك في الانتخابات المقررة للسنة 2004، مما يعني أنه سيكون قادراً على الترشيح لولاية رابعة قد تكون، هذه المرة، الأخيرة. ولم يتطرق المشروع إلى تكريس تعددية الترشيحات للرئاسة، إذ يربط النص الحالي إمكان الترشيح بالحصول على تزكية من ثلاثين نائباً أو رئيس بلدية، وهو ما قطع الطريق أمام مرشحين للرئاسة من خارج "التجمع الدستوري الديموقراطي" الحاكم، واستجوب سن "قانون دستوري" العام 1999 استطاع بموجبه رئيسا حزبين معارضين منافسة بن علي، لكنهما لم يحصلا سوى على 44.0 في المئة من الأصوات. وتعهد بن علي أول من أمس سن "قانون دستوري" جديد، قال إنه سيكون "كفيلاً بتكريس التعددية بالنسبة للترشيح للانتخابات الرئاسية المقبلة". مجلس مستشارين ويقضي المشروع انشاء غرفة ثانية إلى جانب مجلس النواب، للمرة الأولى منذ استقلال البلد العام 1956، ويرجح أن يكون "مجلس المستشارين" ممثلاً للمنظمات المهنية والنقابات والمحافظات. كذلك يرمي التعديل إلى تطوير صلاحيات "المجلس الدستوري" الذي سيوكل إليه تعهد العمليات الانتخابية بالنسبة للانتخابات الرئاسية والاشتراعية، بعدما تعهدتها حتى الآن وزارة الداخلية. وفي هذا السياق أكد بن علي أن المشروع سيعزز الضمانات التي تؤمن "حياد أعضاء المجلس الدستوري واستقلالهم". من جهة أخرى، يعكس التعديل تشدداً في التعاطي مع اللاجئين السياسيين في الخارج وغالبيتهم من الإسلاميين، إذ أكد بن علي أن المشروع شدد على "تجذير الولاء لتونس قيمة والتزاماً وكرس واجب حمايتها والذود عن استقلالها وسيادتها وسلامة ترابها". والأرجح أن جميع الأحزاب القانونية سيتاح لها المشاركة في الحملة التي تسبق الاستفتاء، إذ أعلن بن علي أن أحكام القانون الانتخابي ستطبق اثناء الاستفتاء، بما في ذلك منح مساعدة مادية للاحزاب المشاركة طبقاً لمعايير سيحددها أمر رئاسي قال إنه سيصدره لاحقاً. كذلك وعد بالافساح في المجال أمام ممثلي الأحزاب المشاركة للقيام بحملة سياسية من خلال الاذاعة والتلفزيون، إضافة إلى السماح لمراقبين وصحافيين "من البلدان الشقيقة والصديقة" لمتابعة عملية الاستفتاء ورصد مدى "ممارسة الحق الانتخابي... واحترام قواعد الشفافية والنزاهة وأخلاقياتها".