الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية محمد بلحاج عمر مرشح للرئاسة في تونس، اي انه ينافس الرئيس المرشح زين العابدين بن علي، ولكن بلا أي وهم في ما يتعلق بالنتيجة. كل ما في الأمر انه "كان هناك حاجز امام الترشيح طوال 40 سنة، وما دام ان الحاجز قد رفع فقد غدا الترشيح واجباً". انها لعبة السياسة، والمهندس الستيني محمد بلحاج عمر هو احد ثلاثة يتمتعون ب"امتياز" الترشيح، وفقاً للتوصيف الذي وضعه التعديل الدستوري، فهو الامين العام لحزبه منذ خمس سنوات واكثر، وحزبه ممثل في البرلمان السابق بمقعدين، ثم انه لم يبلغ السبعين بعد. لكن بلحاج عمر يلعب اللعبة كاملة، وبجدية، فهو دعا الناخبين الى اختيار الورقة الرمادية لون حزبه في بطاقات التصويت للانتخابات الرئاسية والتشريعية على السواء. فحتى لو كان متأكداً مئة في المئة من عدم الفوز بالرئاسة فانه لا يستطيع ان يكون مرشحاً للمنصب ولا يدعو للتصويت له. الا ان بلحاج عمر ممتعض ومستاء من التوجه الذي اتخذته الحملة الانتخابية. لماذا؟ "هناك تعتيم اعلامي. في اليوم الاول للحملة اتيح لي ان اعرض برنامجي وانتهى الأمر. لم أعطَ بعد ذلك اي فرصة تلفزية اخرى". بالطبع لم يكتفِ المرشح بظهور تلفزيوني يتيم، اذ جال في انحاء تونس وتحدث في لقاءات مع الناخبين والمحازبين "فتحضر التلفزة الأجنبية ولا تحضر التونسية". البديل الديموقراطي يؤكد بلحاج عمر ان قرار ترشيحه للرئاسة اتخذه الحزب بعد تحليل دقيق "ففي مؤتمرنا كان هناك قرار مبدئي بالمشاركة على ان نستكمل درس المسألة، وتناهى الينا ان هناك امتعاضاً لأن المؤتمر لم يقرر المشاركة واكتفى بإقرار المبدأ. والواقع انه كانت هناك غالبية مع الترشيح بقطع النظر عن النتيجة فهي معروفة، انطلاقاً من الرغبة في المساهمة في بناء البديل الديموقراطي السلمي. لكننا تريثنا للتشاور مع سائر الاحزاب حتى يكون هناك مرشح واحد للمعارضة، الا ان معظم الاحزاب اعلن تأييده للرئيس بن علي. اذاً بقي ان يعلن حزبنا ترشيحي، وهكذا كان". ولكي تكتمل اللعبة الديموقراطية سياسياً واعلامياً اقترح بلحاج عمر مناظرة تلفزيونية مع الأمين العام للتجمع الدستوري الديموقراطي الحزب الحاكم عبدالعزيز بن ضياء، على غرار المناظرات في البلدان المتقدمة. ولم يطلب مناظرة منافسه بن علي، ولا مناظرة منافسه الآخر الامين العام للاتحاد الديموقراطي الوحدوي عبدالرحمن التليلي. الا ان اقتراحه رُدّ لأن تقاليد الحملات الانتخابية لا تشتمل على مثل هذه المبارزات، وهو أسف "لإضاعة فرصة نتطارح فيها الافكار، فالتعددية لا تعني الشقاق وانما تعني الحوار والقدرة على انجاب ناس يتحاورون ويقفون جنباً الى جنب لتحقيق مصلحة البلد طالما ان الوفاق حاصل حول الولاء لتونس". طرح بلحاج عمر في حملته الرئاسية افكاراً عدة في مجال الاصلاح السياسي تركز على احترام الدستور والعمل به، وعلى التوازن بين السلطات، مشدداً خصوصاً على وضع آليات دستورية لمراقبة الانتخابات وضمان شفافيتها ونزاهتها عبر مجلس دستوري خاص لذلك. كما دعا الى تحديد مدة الولاية الرئاسية بعشر سنوات، وتحدث كثيراً عن ضرورة مراجعة قانون الانتخابات وقانون الصحافة. على رغم ان نتائج الانتخابات الرئاسية محسومة، الا ان بلحاج عمر يتوقع ان لا يلعب جهاز الحزب الحاكم اللعبة من دون تجاوزات "مع انه لا حاجة اليها اطلاقاً". فالرئيس بن علي، كما يرى بلحاج عمر، "يستطيع ان يحصل على 70 في المئة من الاصوات من دون اي تدخل ومن دون تجاوزات، لكن الحزب يخشى حصول تصويت سلبي مع ان كل الاحزاب تؤيد بن علي"، لكن التجاوزات "تضع صدقيتهم على المحك، كذلك صدقية العملية الانتخابية برمتها".