صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين على منح ميدالية الاستحقاق من الدرجة الثالثة ل 115 مقيمًا لتبرعهم بالدم عشر مرات    الجيش الأمريكي يقرر تقليص عدد قواته في سوريا إلى أقل من ألف    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الفوز على الفيحاء    يايسله يتغنى في الأهلي بعد اكتساح الفيحاء    القصيم تحتفل باليوم العالمي للتراث    لاندو نوريس يتصدر التجارب الثانية بجدة وتسونودا يتعرض لحادث    انتهاء مهلة تخفيض المخالفات المرورية بنسبة (50%) وعودتها إلى قيمتها الأساسية    انطلاق البرنامج التدريبي والتأهيلي ل "هاكثون التحوّل"    السعودية تنهى مشاركتها في ألعاب القوى الآسيوية ب"5″ ميداليات    «سلمان للإغاثة» يختتم الأعمال المتعلقة بتوزيع الأبقار على أمهات الأيتام والأرامل بسوريا    القادسية يكسب النصر بثنائية في دوري روشن للمحترفين    المملكة تدشّن مشاركتها في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالمغرب 2025    القبض على 4 يمنيين بمكة لارتكابهم عمليات نصب واحتيال بنشر إعلانات حملات حج وهمية    عبدالله السلوم البهلال مدير تعليم عسير الأسبق في ذمة الله    إنتر ميلان يعلن إصابة مهاجمه قبل مواجهة برشلونة المرتقبة        قطاع وادي بن هشبل الصحي يُفعّل عدداً من الفعاليات    صيد سمك الحريد بجزر فرسان .. موروث شعبي ومناسبة سعيدة يحتفي بها الأهالي منذ مئات السنين    جمعية المودة تدشّن "وحدة سامي الجفالي للتكامل الحسي"    وزارة التعليم تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية القيادات الكشفية    القائد الكشفي محمد بن سعد العمري: مسيرة عطاء وقيادة ملهمة    إدارة الأمن السيبراني بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف تحصل على شهادة الآيزو    بلدية البصر تطرح فرصة استثمارية في مجال أنشطة الخدمات العامة    ٢٤ ألف زائر وأكثر من 4 آلاف اتفاقية في منتدى العمرة    محافظ الطائف يستقبل مدير عام الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    «حرس الحدود» بينبع يحبط تهريب (3.6) كجم "حشيش"    نائب أمير الشرقية يعزي أسرة الثميري في وفاة والدتهم    خطباء المملكة الإسراف في الموائد منكر وكسر لقلوب الفقراء والمساكين    وفاة الفنان المصري سليمان عيد إثر تعرضه ل"أزمة قلبية"    إمام المسجد الحرام: الدنيا دار ابتلاء والموت قادم لا محالة فاستعدوا بالعمل الصالح    وزارة الرياضة ومجمع الملك سلمان للغة العربية يطلقان "معجم المصطلحات الرياضية"    إمام المسجد النبوي: التوحيد غاية الخلق وروح الإسلام وأساس قبول الأعمال    خالد بن محمد بن زايد يشهد حفل افتتاح متحف "تيم لاب فينومينا أبوظبي" للفنون الرقمية في المنطقة الثقافية في السعديات    تعاون بناء بين جامعة عفت واتحاد الفنانين العرب    محافظ صامطة يلتقي قادة جمعيات تخصصية لتفعيل مبادرات تنموية تخدم المجتمع    جامعة شقراء تنظم اليوم العالمي للمختبرات الطبية في سوق حليوة التراثي    إعاقة الطلاب السمعية تفوق البصرية    مجلس الأمن يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة في السودان    رسوم ترمب الجمركية ..التصعيد وسيناريوهات التراجع المحتملة    تشيلسي الإنجليزي يتأهل للمربع الذهبي بدوري المؤتمر الأوروبي    قتيلان في إطلاق نار في جامعة في فلوريدا    في توثيقٍ بصري لفن النورة الجازانية: المهند النعمان يستعيد ذاكرة البيوت القديمة    وزير الدفاع يلتقي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني    نائب أمير منطقة جازان يضع حجر أساسٍ ل 42 مشروعًا تنمويًا    معرض اليوم الخليجي للمدن الصحية بالشماسية يشهد حضورا كبيراً    24 ألف مستفيد من خدمات مستشفى الأسياح خلال الربع الأول من 2025    تجمع القصيم الصحي يدشّن خدمة الغسيل الكلوي المستمر (CRRT)    مشاركة كبيرة من عمداء وأمناء المدن الرياض تستضيف أول منتدى لحوار المدن العربية والأوروبية    قطاع ومستشفى تنومة يُنفّذ فعالية "التوعية بشلل الرعاش"    يوم الأسير الفلسطيني.. قهرٌ خلف القضبان وتعذيب بلا سقف.. 16400 اعتقال و63 شهيدا بسجون الاحتلال منذ بدء العدوان    5 جهات حكومية تناقش تعزيز الارتقاء بخدمات ضيوف الرحمن    "التعليم" تدشن مشروع المدارس المركزية    بقيمة 50 مليون ريال.. جمعية التطوع تطلق مبادرة لمعرض فني    معركة الفاشر تقترب وسط تحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية.. الجيش يتقدم ميدانيا وحكومة حميدتي الموازية تواجه العزلة    الاتحاد الأوروبي يشدد قيود التأشيرات على نهج ترامب    القيادة تعزي ملك ماليزيا في وفاة رئيس الوزراء الأسبق    قيود أمريكية تفرض 5.5 مليارات دولار على NVIDIA    قوات الدعم السريع تعلن حكومة موازية وسط مخاوف دولية من التقسيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قالت ل"الحياة" ان الغرب مطالب بفهم أسباب الغضب العربي والعرب مطالبون بجهد أكبر لشرح أوضاعهم . الملكة رانيا : أوضاع الفلسطينيين غير مقبولة والمعاناة كبيرة ... ولا ضوء في آخر النفق
نشر في الحياة يوم 08 - 02 - 2002

كانت مشاركة العاهل الأردني الملك عبدالله والملكة رانيا في المنتدى الاقتصادي العالمي في نيويورك الاسبوع الماضي موضع اهتمام أثار المزيد من الفضول للتعرف الى شخصيهما ورؤيتهما. وفي سابقة، شاركت الملكة رانيا في الجلسة الافتتاحية للمنتدى وأخذت على عاتقها محاولة بناء جسر تفاهم بين العالم العربي والاسلامي وبين بقية العالم.
هذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها الملكة رانيا على تبني مهمة الشرح للتفاهم، بل انها تبنت هذه المهمة الصعبة بعد أحداث 11 ايلول سبتمبر في الساحة الاميركية والعربية والدولية.
في البدء، نظر الاميركيون الى الملكة رانيا بأنها ملكة شابة في منتهى الجمال، وسرعان ما بدأوا الاستماع اليها بدقة لأن ما تقوله مهم في اصلاح العلاقة الاميركية - العربية، فأصبحت شخصية نافذة في مختلف الأوساط الاميركية.
التقت "الحياة" الملكة رانيا، واجرت معها هذا الحوار:
ما هي الأسباب التي دفعتك للاهتمام وحمل رسالة بعد أحداث 11 ايلول سبتمبر الماضي. أكان ذلك رداً على السؤال الذي يطرحه الاميركيون وهو "لماذا يكرهوننا؟" أم أنك كنت تطرحين على الاميركيين السؤال: لماذا تسيئون فهمنا؟
- بعد أحداث ايلول برز اهتمام كبير بالعالمين العربي والاسلامي، ولا يمكن ان نتجاهل الأفكار المغلوطة والأوهام التي برزت عقب الاحداث. ولهذا يتوجب علينا محاولة شرح وجهة نظرنا لما وصلنا اليه الآن من أوضاع وحول ما حدث... العالم العربي والاسلامي متنوع ومتباين. الناس فيه يعيشون في بلدان وقارات مختلفة، ولهم ثقافات ولغات مختلفة. ومن المهم ايضاح هذه الأمور والتأكد من عدم ظهور أية أفكار مغلوطة، الأمر الذي قد يؤدي الى أخطار كبيرة، ومنها بروز مصطلحين: "نحن" و"هم"، فهذا يمكن ان يشكل وضعاً خطيراً.
ما مدى نجاحك في ذلك حتى الآن؟ هل تعتقدين انك نجحت في سد الفجوة؟
- أعتقد بأني لست من يقرر اذا نجحنا أم لا، ولكن استطيع القول ان المطلوب هو مجهود جماعي، يضم العديد من الأفراد الى جانب الشخصيات المعروفة والمؤسسات، وعلينا فعلاً ان نستثمر في المؤسسات. وعلى العالم الغربي ان يستثمر في بناء مؤسسات في العالم العربي. وعلينا ايضاً التركيز على التغير الايجابي المستمر والحوار المستدام، فالأمر ليس منوطاً بشخص واحد للقيام بالعمل.
هل تعتقدين بأن السؤال "لماذا تسيئون فهمنا؟" قد فهمه الاميركيون والعالم إزاء السؤال الذي يطرحه الاميركيون والقائل، "لماذا يكرهوننا؟".
- السؤال المطروح هنا هو: "لماذا يكرهوننا؟" في حين ان السؤال المطروح في العالم العربي هو: "لماذا يسيئون فهمنا؟". اعتقد بأن كلا الطرفين لم يقم بما فيه الكفاية للإجابة عن هذه الاسئلة، ففي العالم العربي علينا بذل المزيد من أجل شرح الأوضاع. وفي الغرب عليهم أيضاً بذل المزيد من أجل فهم الأسباب الحقيقية للغضب والإحباط في العالم العربي. أي ان العملية متبادلة ومستمرة ولن تتحقق بين ليلة وضحاها. انما عملية تعليمية تستغرق الكثير من الوقت، وتتطلب المبادرة والموقف الصحيح ازاءها. علينا بالفعل بذل الجهود لفهم المجهول الذي يمكن ان يتحول في الحقيقة الى عدونا. فالانسان يخاف من المجهول ومن أية أمور غامضة الحيثيات. لكن عندما نبدأ بالتعرف الى المجهول فإن الحالة العدائية والكثير من المخاوف تتوقف، أرى العديد من العرب الذين يعيشون في الغرب قد اندمجوا في تلك المجتمعات، وأنت واحدة منهم، أي من أولئك الذين يفهمون الطريقة التي يتم من خلالها انجاز الأمور هنا، والذين يتمتعون فعلاً بحياة منتجة، كما أرى العديد من الذين يزورون العالم العربي وقد عادوا الى أوطانهم بتجارب ايجابية. وهؤلاء الناس هم من يجب ان تكون اصواتهم مسموعة الآن، أولئك نجحوا في التفاعل. ولهذا نقول ان المعرفة هي أفضل سلاح لنا في هذه المرحلة، ومن دونها يمكن للأمور ان تصبح بالغة الخطورة.
من الناحية العملية، أجد انه من العادي الانشغال بمثل هذه الأمور، فهذا قبل كل شيء هو عملي وأنا صحافية، ولكن لماذا كان هذا الأمر بهذه الأهمية بالنسبة لك؟ هل تخشين انك لو لم تقومي بذلك فإنه سيتولد سوء فهم؟ وهل تتعرضين للانتقاد لأنك أقدمت؟
- لقد أدركت هذا الدور بعد أحداث ايلول، أولاً فقد تغير العالم كله، وكان من الاهمية بمكان بالنسبة الينا فهم ان هذا التغيير يشكل نقطة تحول في تاريخنا. وعلينا ان نفهم بأن هذا قد جلب معه العديد من الأسئلة التي يطرحها الجزء الذي نعيش فيه من العالم. فللمرة الأولى يتوجه العالم الغربي لمعرفة المزيد عن العالم العربي وفي ظل غياب أفراد يحاولون توضيح الأمور، فإن المجال يبقى مفتوحاً لسوء فهم، وعلينا ان نعبر عن أنفسنا وأن نشرح رسالتنا ونوصلها الى بقية العالم. فالأمر لا يتعلق بفرد واحد، لكنه يتطلب مجهوداً مشتركاً من البلدان العربية كافة بالإضافة الى جهود الشخصيات المختلفة والمؤسسات، كل بطريقته الخاصة.
صوتك فريد في خضم ثقافة التحريض في العالم العربي وفي الساحة الاميركية. هل تشعرين بأن الأقلية هي التي تجهر بصوت من التعقل كصوتك، فيما الاكثرية ترى ان التحريض والصراخ والغضب اسهل من الانشغال بالأمر وشرحه؟
- على العكس من ذلك، لا أعتقد بأنني أمثل الأقلية، لدى الغالبية أصوات وآراء معتدلة مقارنة مع الأقلية التي قد تكون أكثر تطرفاً في آرائها، ولكن أصواتهم أعلى بكثير. ونحن دائماً ينتهي بنا الأمر الى سماع الصوت الأعلى. وهذه حال الواقع في كل مكان. من الأسهل اكتساب الشعبية من خلال تحريض المشاعر وإثارة الناس. هذه ليست بالطريقة الصحيحة. وعلينا التصدي للتحديات في العالم العربي، والتركيز على حلّها من خلال التحلي بالجرأة والشجاعة لتوضيح ماهية هذه الحلول، إن الأمر لا يتعلق بالشعبية، بل بإحداث تغيير ايجابي في حياة الناس. وعندما ننظر الى العولمة نجد أنها أسفرت عن أزمة هوية وذلك لأن العديد من الأفراد يربطون التحديث بالتشبه بالغرب. نحن في الأردن وضمن رؤية زوجي الملك عبدالله، ندرك ان ثقافة العولمة قابلة للتكييف والتأقلم مع ديننا وثقافتنا وهويتنا، ومن ذلك نحاول الوصول الى حديث خاص بنا قائم على الأصالة والحداثة في وقت واحد.
سجلت سابقة مخاطبة منتدى دافوس، كملكة من العالم العربي، لماذا كان مهماً لك مخاطبة مثل هذا التجمع؟ وهل تختلف رسالتك من منبر عالمي الى منبر اميركي أو عربي، ام انها رسالة واحدة؟
- المنتدى الاقتصادي العالمي مهم جداً لأنه يشكل حلقة عصف ذهني وتجمع لشخصيات يمثلون مختلف مناحي الحياة في محاولة منهم لتحليل عالمنا والوصول الى توصيات هادفة لتحسين نوعية الحياة في كل انحاء العالم. وهو على الأغلب لا يحمل صبغة سياسية. وهذا هو الوقت المناسب للعالم العربي للدخول بقوة الى المجتمع العالمي والتأكيد على وجوده واسماع صوته في الساحة العالمية. ولا يمكن ان نتوقع من الآخرين تبني قضايانا اذا لم يكن لنا حضور على الساحة الدولية، وهذا شيء أومن به واعتقد ان المنتدى يشكل فرصة لك من أجل الإجابة على الاستفسارات التي يطرحها العالم حولنا وربما لإزالة أي أنماط قد تشكلت في أذهانهم. كذلك الحال بالنسبة الى المرأة العربية، فهناك صور نمطية مسبقة عنها، فمثلا ينظر العديد من الأفراد في العالم الغربي الى الحجاب كرمز للاضطهاد وهذا مفهوم خاطئ. فالكثير من النساء في العالم العربي نشيطات ويساهمن بإيجابية في رفعة مجتمعاتهن، والحجاب لا يشكل عائقاً للمرأة العربية ولا يمنعها من أداء وظيفتها وطلب العلم والمساهمة في المجتمع، ويجب ان نوضح هذا الامر تماماً، فعندما ترتدي المرأة الحجاب علينا ان نحترم قرارها النابع من التزامها بمرضاة الله.
ما مدى قلقك خصوصاً ان الأردن محصور بين منطقتين من أكثر المناطق المثيرة للجدل والأكثر حساسية للمنطقة... من جهة هناك فلسطين ومن جهة أخرى العراق... ما مدى الأمن في الأردن وما مدى القلق الآن خصوصاً أن شارون على سدة الرئاسة في اسرائيل وهو الذي قال ان الأردن هو الوطن البديل للفلسطينيين؟
- تلك الأمور لا تشكل مصدر قلق لدينا، ان ذلك ليس خياراً، وهذا ما أوضحه الملك عبدالله الثاني. نحن في الأردن نشعر بالاستقرار والأمان، وأنا لست قلقة على الأردن وانما على الشعب الفلسطيني. لنضع السياسة جانباً، وتبقى الأوضاع الانسانية للشعب الفلسطيني غير مقبولة، هناك معاناة كبيرة تحدث على أرض الواقع ولا يوجد ضوء في نهاية النفق. ان الفلسطينيين لا يملكون الحرية ولا أبسط أنواع الرعاية الصحية، فمثلاً النساء غير قادرات على الوصول الى المستشفيات لإنجاب أطفالهن. المصابون بمرض السرطان غير قادرين على الحصول على المعالجة أو الدواء.
نسمع عن أطفال جرحى وأطفال لا يذهبون الى المدارس... وهناك جيل جديد من الشباب الفلسطيني لا يملك فرصة للعيش أو الحصول على أبسط الحقوق. هذه الأمور هي الأكثر خطورة من تلك وقلقي يتجه نحو الفلسطينيين وما يواجهونه اليوم باعتباره من اسوأ الظروف التي وصلوا اليها في صراعهم.
وكلي أمل ان لا يتردى الوضع وان يكونوا قادرين على احراز تقدم، هناك حاجة ماسة لتدخل المجتمع الدولي لطرح بدائل عن العنف وعلينا ان نكون أقدر على إسماع أصواتنا، فهناك عدم ثقة كاملة بين الطرفين، وانا غير متأكدة في أي اتجاه نسير من هنا.
الأسبوع الماضي كانت هناك عملية انتحارية نفذتها امرأة، كيف كان شعورك؟
- ليس مهماً ان كانت امرأة أو رجلاً. فالذي يدفع الى الانتحار هو الغضب العارم.
اعتقد ان أهم شيء هو معرفة ما يثيرهم وما يدفعهم للقيام بمثل هذه الامور وان نتعرف الى مصدر غضب واحباط هؤلاء والمعاناة التي يمرون بها، ونتساءل هل فقدوا أحد أقربائهم أو تعرضوا لتجارب مأسوية ويشعرون بأنهم بلا كرامة؟ فالقضية لا تتمحور حول امرأة أو رجل وانما على الوضع المأسوي الذي يعيشون في ظله. أنا متأكدة ان العديد من هذه القضايا يجب ان يُدرج في محاور المنتديات السياسية، وآمل بأن يكون هناك تمثيل كاف من الجانب العربي لتوضيح الصورة حتى لو لم يكن في حوار سياسي خصوصاً انني لست سياسية. دعونا ننظر الى الأمور من زاوية حقوق الانسان. دعونا ننظر الى معاناة الشعب. ولنحاول الوصول الى وعي اخلاقي عالمي لما يحدث... دعونا نكون موضوعيين في نظرنا الى معاناة الأفراد على أرض الواقع.
سمعت الرئيس جورج بوش يتحدث عن محور الشر الثلاثي الذي يضم العراق وايران وكوريا الشمالية، الأردن في جيرة مع العراق، فهل ينتابك القلق عند سماع ذلك؟ وهل تعتقدين ان العمليات العسكرية في العراق قد تؤدي الى فوضى في المنطقة؟
- أي عملية عسكرية هي مصدر قلق للجميع ولا يمكن ان ننظر الى هذه المسألة ببساطة، الملك عبدالله اكد ان ضرب العراق عسكرياً يضرب استقرار المنطقة... وفي رأيي، من الضروري لنا كعرب التوحد في هذا الاطار لشرح وجهة نظرنا وأبعاد قضايا منطقتنا.
من هي النموذج الذي تحتذي به من بين النساء؟
- امرأة، هل يجب ان تكون امرأة؟
لقد كنت أفكر بامرأة ذات مركز قوة؟ انما اذا شئت رجلاً فليكن.
- مثلي الأعلى هو المغفور له الملك حسين، لقد كان رجلاً ذا رؤية وشجاعة غير متناهية، فقد كان يملك الجرأة ليقوم بأعمال لم تكن مألوفة في وقته، ولقد أساء البعض فهمه. وسواء استغرق سنة أو 10 سنوات أو 30 سنة فإننا بالنهاية أدركنا بُعد نظرته. ومن الأهمية ان تكون لدى القائد رؤية واضحة وجرأة على قيادة الشعب حتى وان يفهم الرؤية كاملاً.
ما هي رؤية الأردن الآن للسياسة الخارجية في المنطقة وما هي الأولوية؟
- الرؤية بالنسبة الى الأردن هي انه بلد يفتخر بديانته وثقافته وتقاليده، وفي الوقت نفسه يستطيع ان يدمج ذلك بسهولة مع الحداثة وبتفاعل مع باقي اجزاء العالم. فنحن لا نسعى الى تطبيق النموذج الغربي، ولكننا نسعى الى الأخذ من الغرب ما يتماشى ويتواءم معنا وما يحسن نوعية الحياة لشعبنا... رؤية الأردن هي هوية أردنية عربية اسلامية بامتداد عالمي.
من هي نموذجك الذي تعجبين به ومن يلهمك أكثر بين زوجات قادة اليوم؟
- لدى العديد من الاصدقاء في العالم العربي وتربطني علاقات صداقة جدية مع السيدة سوزان مبارك، بالمناسبة هي امرأة تعمل بجد وتقدم الكثير لبلدها، وهناك العديد من النساء الشجاعات في منطقتنا ويعملن بجد... وهناك الشيخة فاطمة التي تقوم بمجهود كبير للمرأة في دولة الامارات والشيخة موزة قدمت الكثير من الجهود في قطر.
لو سألتني ما هو أهم وأبرز ما أتمنى لابنتي ان تقتدي به، لقلت: ان تتمتع بالجرأة على العدالة والعدل. ماذا تتمنين لأطفالك ان يقتدوا به؟
- لا أود الحديث عن أطفالي فقط، وانما عن أطفال الأردن، وكل ما أتمنى لهم هو فرصة عادلة بالحياة وان يكونوا على قدم المساواة مع غيرهم من الاطفال في مختلف بقاع العالم، وان يحصلوا على ذات الفرص التي يحصل عليها الاطفال الآخرون... ان يكونوا على اطلاع ومتعلمين ولديهم القدرة على استخدام الانترنت... والأهم من ذلك ان تكون لديهم الثقة بأنفسهم، وعلينا تقع مسؤولية تعليمهم كيف يثقون بأنفسهم للتعبير عن أنفسهم واستكشاف النتائج بأنفسهم وبناء أفكارهم ومهاراتهم القيادية... وهذا بالفعل ما نريده لهم.
يوجد انطباع بأن الملك عبدالله والملكة رانيا يقومان برسم أو إعادة رسم للعائلة المالكة، هل تعتقدين ان ذلك الانطباع صحيح؟
- نحن نحاول ان نكون أنفسنا... واعتقد ان هذا الأمر للآخرين الحكم عليه.
ما هو شكل تلك الصورة التي في ذهنك وما هي الحواجز، خصوصاً ان كلاكما شاب وسيم منفتح على مسرح العالم، ما هو شكل الصورة وما هي الحواجز والعراقيل ومواقع الهشاشة؟
- بالطبع هناك العديد، ولربما منها سوء الفهم. وأنا أؤمن أنه من الأهمية لكل قائد ان يتحلى بالشفافية والصدق مع شعبه ازاء القرارات التي يتخذها، وجلالة الملك يعمل بصدق وشفافية مع شعبه واسلوبه يتمثل في اطلاع شعبه على الوضع الحالي، واين يجب ان يكونوا في المستقبل. فمنذ البداية طلب من المسؤولين ان ينقلوا اليه الصورة الصحيحة، واكد انه يريد حقائق من أرض الواقع... مثلاً حول وضع الفقر ووضع الاقتصاد وأداء الحكومة وحجم البيروقراطية في مجتمعنا. وأنا أؤمن بأن من الاهمية للقائد ان يحفز الشعب على الابتكار، وعندما تولى الملك عبدالله مهماته قبل سنتين وتحدث عن نظرته في انفتاح الاقتصاد الأردني وتبنى عدداً من المبادرات كادخال تكنولوجيا المعلومات كان هناك مشككون في المجتمع، معظمهم كان يتساءل لماذا نعمل على ادخال الكومبيوتر الى المدارس؟، والآن معظمهم يؤمن بهذه الرؤية.
هل يلعب كونكم من الجيل الشاب دوراً في صوغ علاقاتكم مع قادة المنطقة من الجيل ذاته؟ ومثلاً، هل يلعب السن دوراً في تقرير العلاقة مع الرئيس السوري بشار الأسد وعقيلته؟
- الواضح ان علاقة الملك جيدة مع الرئيس بشار وأمير البحرين وملك المغرب، وفي الوقت نفسه هنالك علاقات مشابهة مع الحكام الأكبر سناً. بالطبع، مع القادة الأصغر سناً يمكن تبادل النكت واقامة علاقة أقل رسمية.
ماذا بالنسبة الى زوجات الحكام؟ هل هنالك تنسيق ما بينكن؟ هل هناك حديث هاتفي مثلاً مع زوجة الرئيس الأسد؟
- نتحدث على الهاتف، لكن لم يتح لي المجال لمقابلتها، وهي الآن مشغولة بالمولود الجديد. تربطني علاقة صداقة قوية مع عدد من زوجات حكام الدول العربية ونجتمع مع بعضنا بعضاً باستمرار وأحياناً نشارك في مؤتمرات ونجلس معاً ونقوم بتبادل الآراء حول مختلف المواضيع. وهذا النوع من التبادل هو في غاية الأهمية. وفي الواقع لدينا مؤتمر للمرأة العربية في تشرين الأول اكتوبر ونتطلع قدماً لمشاركة السيدات الأوائل في العالم العربي مع وفودهن ونأمل في مناقشة مواضيع مهمة موجودة على أجندة المرأة العربية والعمل على معالجة تلك المواضيع.
هل تجدين انه من المحبط لكن كنساء أوائل وضع قيود على خوضكن في الحوار السياسي! أم انك تعتقدين ان ذلك يفيد كي لا يكون التركيز دائماً على السياسة فيما القضايا الاخرى بالأهمية ذاتها؟
- لا أجد موضوعاً محبطاً على الاطلاق لأن السياسة ليست ضمن الاهتمامات الخاصة بعملي، ومن الواضح ان دور السيدات الأوائل في العالم العربي دور مميز يمكن من خلاله إحداث تغيير ايجابي في العديد من القضايا ومنها تحسين وضع المرأة والطفل أو القضايا الثقافية، فهناك تنوع واسع للقضايا التي يمكن العمل عليها. لذلك أنظر الى ذلك كفرصة للتأثير وليس كموضع إحباط.
إذا أردت ان تعطي أولوية لأي من الأمور التي تعملين عليها أو تختاري أي بقعة في الأردن أو في العالم العربي تريدين ان تحدثي تغييراً فيها سواء كان في تفكير الناس أو وضع مؤسسة غير حكومية، ماذا يمكن ان تكون؟
- الأولوية هي التركيز على انتاجية الانسانية والاهتمام بالانسان بدءاً من سنواته الأولى من خلال العمل على توفير البيئة الصحية المناسبة لهم للنمو والتطور وايجاد فرصة متساوية امامهم وفتح المجال لهم للتعبير عن انفسهم بحرية. من هنا يمكن لهم ان يثبتوا انفسهم وان يتحلوا بالثقة، وعندها فقط سيتمكنون من مواجهة العالم، فكلما انغلقنا على أنفسنا كلما زادت رهبتنا من مواجهة العالم مما يعني اننا سنخسر في النهاية. لذا التركيز على الناحية الانسانية مهم، ولكن في الوقت نفسه الوضع الاقتصادي مهم ايضاً.
اتخذتم في الأردن خطوات عدة لبناء المؤسسات، انما ما زالت هناك القيود على الاعلام، كيف تفسرين هذه القيود التي تتناقض مع رؤية الملك عبدالله ورؤيتك؟
- الخطوات التي اتخذها الملك عبدالله ألغت وزارة الاعلام وتم استبدالها بمجلس أعلى للاعلام يضم في عضويته العديد من الاعلاميين وهم حالياً عاكفون على اصدار قانون يوفر المزيد من الحريات ضمن تصرف مسؤول من جانب الاعلام وهذا كله بحاجة الى وقت... المهم ان نسير في الخطى السليمة، وفي الأردن شبكة انترنت غير خاضعة للرقابة بشكل عام وليست لدينا رقابة على الصحف أو المجلات أو قوانين تمنع ادخال أي مطبوعة صحافية للبلد. يجب ان نضع في الحسبان البيئة التي نعيش فيها، أعني بذلك ان الأردن أقدم على خطط واضحة وثابتة نحو الانفتاح والديموقراطية.
نقطة تناقض اخرى تتعلق بالنساء اللواتي يتعرضن للعنف وجرائم الشرف، هل تم عكس هذا القانون؟
- سنقوم باجراء الانتخابات النيابية... وكلي أمل بأن يعمل البرلمان على معالجة كل القضايا على المستوى الشعبي. وما حدث ان هناك هوساً اعلامياً بالموضوع، وعندما وافق الملك عبدالله على تغيير القانون أحس البعض بأن هذه الفكرة هي استيراد من الخارج، لذلك رفضه البعض وتوجب علينا القيام بعملية تثقيفية حول القانون.
ومن جهة اخرى قمنا بتأسيس اللجنة الملكية لحقوق الانسان والتي صدرت عنها قوانين عدة خصوصاً في مجال المرأة متضمنة قوانين مدنية خاصة بهم تمنحهم حقوقهم المالية، وكما ترين فنحن على الطريق الصحيح، لكن التغيير يتطلب وقتاً.
دعيني أعود الى ناحية سوء الفهم والتفاهم بين الاميركيين والعرب في شأن السياسة الاميركية نحو المنطقة. هل المشكلة في السياسة غير العادلة نحو الفلسطينيين أم في تلك التي تتوعد العراق؟ أم انها عائدة الى سوء شرح السياسة؟
- إنها مزيج من الاثنين. فأحياناً، السياسات غير ملائمة وغير مقبولة لدى الرأي العام العربي لأنها تصاغ بمعزل تام عن فهم مختلف ابعاد القضية، ولأن هذه الأبعاد لم يتم شرحها وتقديمها لصناع القرار الاميركيين. وفي كثير من الاحوال، فإن الرأي العام العربي يقف ضد السياسة الاميركية لأنه لا يفهمها، وهذا خطأ الطرف الاميركي في عدم توجهه للمواطن العربي لشرح وجهة نظره. في الفترة الأخيرة، سعى مسؤولون اميركيون الى مخاطبة الرأي العام العربي من خلال اجهزة الاعلام العربي. وهذا جيد، انما هناك حاجة الى المزيد منه، ذلك ان من المفيد الاطلاع على وجهتي النظر.
اتعتقدين ان الادارة الاميركية الآن تتخلى عن الفلسطينيين؟
- هذا سؤال صعب الإجابة عنه. لقد شعرنا بالتشجيع عندما أعلن كولن باول عزم الادارة الاميركية على استئناف عملية السلام بما يؤدي الى قيام دولة فلسطين مستقلة. هذا موقف ايجابي يجب تحويله الى واقع. وانا لا اعتقد ان الولايات المتحدة ستتخلى عن القضية الفلسطينية لأن أحداً في العالم لا يمكن ان يتخلى عنها، فهي قضية مهمة للعالم أجمع. واذا لم يتم التوصل الى حل عادل لها، فإنها ستعود لتسكننا اينما كنا في العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.