شدد وزير خارجية الأردن عبد الإله الخطيب على أهمية علاقة عربية "على أسس جديدة" مع الشعب الافغاني، لا سيما ان هذه العلاقة "كانت محصورة في فئة قليلة من العرب سببت للأفغانيين الأذى وتركتهم يشعرون بأننا سبب المصائب لهذا البلد". وقال ان "من مصلحة العرب ان يصححوا هذا الاعتقاد لدى الأفغان"، مشيراً الى "استعداد الأردن للمشاركة بالقوات الدولية للمحافظة على الأمن في أفغانستان". وقال في حديث الى "الحياة" ان "موضوع العراق كان في المرتبة الثالثة في المداولات الدولية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد موضوع الارهاب واقامة الدولة الفلسطينية". وتحدث عن دور الأردن في مجموعة عدم الانحياز بعد انتخابه رئيساً لها هذا الأسبوع. وهنا نص الحديث: واضح ان الولاياتالمتحدة تريد للعرب دوراً في المعادلة الأمنية والسياسية بعد سقوط كابول والتركيز طبعاً على دول الخليج. لماذا الأردن على استعداد لتقديم مساعدة في اطار القوة الأمنية التي يحكى عنها؟ من منظور عربي وعلى المدى الطويل يجب ان نحرص على العلاقة العربية الأفغانية، وأن نحاول تثبيت هذه العلاقة على أسس جديدة، خصوصاً ان علاقة الشعب الافغاني بالعرب كانت محصورة في فئة قليلة خلال الفترة الأخيرة. وهناك اعتقاد في أفغانستان أنهم جلبوا الأذى وسببوا المصائب لهذا البلد. وبالتالي علينا ان ننظر الى أبعد من ذلك وإلى تصحيح العلاقات العربية الأفغانية. لذلك الأردن لا يتردد في تقديم المساعدة. المساعدة الانسانية التي تقصدها ليست التمويل بالطبع لأن الأردن ليس من الدول الممولة، عن أي مساعدة تتحدث؟ جلالة الملك منذ اليوم الأول لبدء العمليات العسكرية كان حريصاً على التذكير بضرورة تجنيب الشعب الافغاني المعاناة او المزيد من المعاناة وأمر بإرسال مساعدات عينية انسانية الى الشعب الافغاني. وتقرر المشاركة بمستشفى ميداني، وربما خدمات انشائية، يمكن ان تنعكس بالايجاب على وضع الشعب الافغاني. ألن تشاركوا بقوات؟ لم نبحث هذا بالتفصيل بعد لأنه لم يطلب منا المشاركة بصورة واضحة في قوة المزمع تشكيلها. وللأردن سجل في عمليات حفظ السلام. هل تعتقد ان التركيز على دول الخليج لتقدم العنصر العسكري في القوة الأمنية؟ بُحث هذا الموضوع مع المسؤولين في الأممالمتحدة ومع الأمين العام ومساعديه وواضح انه ليست هناك أفكار نهائية. لكن اذا لم ينجح احتمال تشكيل قوة أفغانية صرفة فالخيار المتاح امام المجتمع الدولي هو تشكيل قوة دولية. وأعتقد ان من الطبيعي، نظراً الى عدد الدول العربية، ان تكون هناك رغبة دولية في مشاركتها. منذ 11 أيلول سبتمبر اتخذ الأردن مواقف تميزت عن بقية الدول العربية. ما تأثير ذلك عليكم؟ لمست تقديراً كبيراً من الدول العربية لمواقفنا. ولا تنسي ان جلالة الملك يرأس القمة وفي الاطار الأوسع يتحدث باسم الأمة العربية في المواضيع التي تهمها، وموضوع الارهاب بالغ الوضوح ولم يكن من المنطق ان تكون فيه مواقف ضبابية او متأرجحة. لذلك اعتقد ان الموقف الذي اتخذه وعبّر عنه الملك بكل وضوح كان في النتيجة في مصلحة العرب. الأردن سيكون الرئيس المقبل لمجموعة عدم الانحياز. ما سبب الدعم الذي تلقيتموه؟ - الدور الآن للمجموعة الآسيوية في تولي رئاسة حركة عدم الانحياز. وكان هناك ثلاثة مرشحين: الهند وإيران إضافة الى الأردن واعتذرت بنغلاديش لظروف خاصة بها. نعتقد ان الحركة تمر الآن في فترة أو في مرحلة مفصلية. دول العالم الثالث بحاجة اليها وتعبر عن إصرارها على التمسك فيها. ولكن نعرف انها في حاجة الى أن تتفاعل مع المتغيرات العالمية. كان هناك تقدير كبير لإقدام الأردن على الترشح لاستضافة القمة ولترأس الحركة. هذا ينطلق من الاعتقاد بأن موقف الأردن وسطي يستطيع ان يُجمع المواقف حوله. عاد الكلام على العراق بعد سقوط كابول وتحقيق الانتصارات العسكرية لقوى التحالف الأميركية - البريطانية، ماذا فهمتم من الأميركيين، هل تخشون ان يكون العراق ثانياً بعد أفغانستان؟ - واضح ان الجهد الأميركي والدولي عقب احداث 11 ايلول سبتمبر كان يركز على المسؤولية المباشرة عن الأعمال الإرهابية ضد الولاياتالمتحدة، وهذا الموضوع بُحث خلال زيارة جلالة الملك لواشنطن. وعبّر عن رأي صريح في هذا المجال فقال ان المساس بأية دولة عربية، خصوصاً العراق سيكون كارثياً على المنطقة. هذا هو موقف الأردن، وهناك اقتناع عربي كامل بضرورة عدم المساس بأية دولة عربية. بحثتم مع وزير الخارجية الأميركي كولن باول في الموضوع، ما التوجه الذي لمستموه لدى الإدارة الأميركية؟ هل من تغيير؟ هل من تطوير؟ - بصراحة، الموضوع العراقي لم يكن خاضعاً للنقاش التفصيلي خلال هذه الدورة، كان هناك تركيز على موضوع الإرهاب والدولة الفلسطينية التي حظيت بإجماع عالمي كبير. لكن موضوع العراق لا بد من ان يعاد بحثه، خصوصاً انه بعد اسابيع قليلة ينتهي برنامج "النفط مقابل الغذاء". برز موضوع "حزب الله" و"الجهاد" و"حماس" والبعد السوري في هذه المعادلة. هل من توافق عربي امام هذه المسألة؟ - هذا موضوع حساس تم التطرق إليه بصورة عامة خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي عُقد على هامش الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة. وكان التوجه هو ان الاحتلال الإسرائيلي هو لُب التوتر وجوهره في المنطقة. ويجب التفريق بين حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال والإرهاب. ولكن، نحن نعي الملابسات السياسية التي تلت احداث 11 ايلول، ونعي ضرورة التنبه الى عدم الخلط الذي اصبح اكثر سهولة بين المقاومة والإرهاب، ولذلك فمن مصلحته تجنب اعطاء الانطباع بتساهل في ما يتعلق بوقوع ضحايا مدنيين تحت اي مسمى وأي ذريعة. ما هي التوقعات العربية من خطاب باول الذي أطلق عليه خطاب "الرؤية الأميركية"؟ - أولاً، لا بد من ان نشير الى أن ما ذكره الرئيس جورج بوش امام الجمعية العامة أمر بالغ الأهمية. للمرة الأولى يذكر في إطار الأممالمتحدة ان الولاياتالمتحدة تؤيد مبدأ إقامة دولة فلسطينية، على اساس قرارات الشرعية الدولية. لذلك نتوقع ان يوضح بيان باول تفاصيل هذه "الرؤية".