بعد ساعات من اعلان وزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعيزر ان الحكومة الاسرائيلية تسعى الى انشاء "قيادة بديلة" للرئيس ياسر عرفات، وقبل وصول رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الى واشنطن حيث أُعلن انه سيبحث مع المسؤولين الاميركيين في مقاطعة عرفات وتشديد الضغوط عليه واقامة قيادة بديلة، أعلن مساعد وزير الخارجية الاميركي وليام بيرنز في القاهرة ان "الرئيس عرفات منتخب من الشعب الفلسطيني وسنواصل العمل مع السلطة" الفلسطينية. من جانبه، كشف وزير الخارجية المصري احمد ماهر التوصل الى "اتفاق مع الجانب الاميركي على خطوات معينة للخروج من المأزق الراهن الذي وضعتنا فيه اسرائيل"، من دون كشف طبيعة الاتفاق. وجاءت تصريحات بيرنز بعد موجة من الانتقادات الاوروبية لسياسة واشنطن ازاء الشرق الاوسط، كان آخرها انتقاد وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين "التفرد الاميركي في ادارة شؤون العالم"، وتأكيد المبعوث الاوروبي الى الشرق الاوسط ميغيل انخيل موراتينوس ان الاتحاد الاوروبي ابلغ الولاياتالمتحدة أن دعم الرئيس الفلسطيني "امر حتمي". وافادت مصادر ديبلوماسية اوروبية في بروكسيل ان واشنطن ترفض عقد مؤتمر دولي وتركز على الامن وتطبيق "توصيات ميتشل" و"خطة تينيت"، في حين تعتبر اوروبا ان هذه التوصيات لم تؤد الى نتيجة وتصرّ على تقديم مبادرة لخروج من المأزق. وفيما واصل وزير الدفاع الاسرائيلي بن اليعيزر الحملة على ايران، معتبراً بعد لقاء الامين العام للامم المتحدة كوفي انان أن الاسلحة الايرانية غير التقليدية لا تشكل تهديداً للشرق الاوسط فحسب بل لاوروبا ايضاً، مؤكداً انه سيطلب من الولاياتالمتحدة "الاهتمام بوحدات تنظيم القاعدة التي انضمت الى حزب الله جنوبلبنان"، قال في تصريح لاذاعة الجيش الاسرائيلي ان حكومته تسعى الى انشاء "قيادة بديلة" لعرفات: "اذا كان عرفات قادراً على القضاء على الارهابيين ولا يريد ان يفعل ذلك، فإن هناك قيادة تريد ان تفعل ذلك ولا تستطيع ويجب تشجيعها". وعندما سئل عن هوية هؤلاء، قال: "هنالك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني احمد قريع ابو علاء وامين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس ابو مازن ومدير الامن الوقائي في الضفة جبريل الرجوب ومدير الامن الوقائي في قطاع غزة محمد دحلان. ورغم إعلان مساعد وزير الخارجية الاميركي وليام بيرنز من القاهرة ان "عرفات منتخب من شعبه وسنواصل العمل مع السلطة" ومع الاسرائيليين بهدف تنفيذ توصيات ميتشل و"خطة تينيت" تمهيداً لاستئناف المفاوضات، الا ان قائمة المطالب الاميركية التي قدمت الى الرئيس الفلسطيني لا تزال شرطاً مسبقاً لاستئناف الاتصالات الاميركية معه، وتتضمن اعتقال الضالعين في سفينة الاسلحة "كارين اي" من الحلقة المحيطة بعرفات، واعتقال الفلسطينيين الذين نفذوا عملية اغتيال الوزير الاسرائيلي المتطرف رحبعام زئيفي، وكذلك تعهداً فلسطينياً بقطع الاتصالات مع ايران و"حزب الله"، والتعهد بعدم السعي لشراء اسلحة مستقبلا، اضافة الى تفكيك "حركة المقاومة الاسلامية" حماس و"الجهاد الاسلامي". وفي هذا الاطار، قالت مصادراسرائيلية ان شارون الذي سيبدأ زيارته الرسمية الرابعة خلال عام لواشنطن سيعمل على توظيف اجواء "الحرب على الارهاب" في المواجهة مع الفلسطينيين و"في السياق الواسع لرؤيا اقليمية" تشمل ايران وسورية. وذكرت صحيفة "هآرتس" ان القضايا التي سيبحثها شارون في لقاءاته مع الرئيس جورج بوش ومسؤولي ادارته تتناول تكثيف الضغط على السلطة و"الخطر الايراني" وسبل صد ما يسميه الاسرائيليون "اخطبوط الارهاب الايراني" وتعزيز شبكة الدفاع الجوي الاسرائيلي في حال هجوم اميركي على العراق، اضافة الى المطالب الاسرائيلية من سورية في اطار "الحرب على الارهاب". وتزامنت زيارة شارون لواشنطن مع اعلان مصادر عسكرية اسرائيلية ان الجيش اعترض امس في منطقة شمال نابلس المشمولة بالحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة الغربية شاحنة تنقل صواريخ اشبه بقذائف ذاتية الدفع قسام-1 فلسطينية الصنع يبلغ مداها نحو 5،1 كيلومتر، اضافة الى كمية كبيرة من الاسلحة خبئت تحت حمولة من الخضار. وهذه هي المرة الاولى التي يعثر فيها على صواريخ من نوع "قسام" في الضفة. الى ذلك، اعلن ناطق باسم وحدة "حرس الحدود" الاسرائيلي توقيف فلسطيني كان مزنراً بمتفجرات على متن باص علي خط القدس ومستوطنة "معاليه ادوميم" على الطريق المؤدية الى اريحا. وفي هذا الاطار، قالت مصادر ديبلوماسية اوروبية ل"الحياة" ان التوجه العام في اوروبا، خصوصا في باريس وبرلين هو ان تفاهمات "ميتشل" و"تينيت" غير قابلة للتطبيق، والبرهان هو فشلها حتى الان، مشيرة الى ان الجهود تتناول الان التوصل الى حل نهائي وجذري للقضية الفلسطينية. وافترقت السياسة الاوروبية عن السياسة الاميركية اخيراً ازاء الشرق الاوسط، وقال فيدرين: "الاوروبيون متفقون على عدم تأييد سياسة البيت الابيض"، مضيفاً ان "الادارة الاميركية ترتكب خطأ كبيراً" في هذه المسألة. واضاف ان مجموعة من الوزراء الاوروبيين ستقوم بزيارة تضامنية لعرفات الاسبوع المقبل، كما اعلن زيادة المساعدات للفلسطينيين، في حين سيعقد وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي اجتماعاً في اسبانيا للبحث في الأفكار الفرنسية ومقترحات اخرى للخروج من أزمة الشرق الاوسط.