استبعد مصدر اقتصادي دولي مأذون له انعقاد مؤتمر "باريس -2" في موعد قريب، طالما أن صندوق النقد الدولي لم يوافق على خطة الاصلاحات الاقتصادية اللبنانية. وقال المصدر ل"الحياة" إن صندوق النقد والمجتمع الدولي طالبا لبنان بالمزيد من الاصلاحات والاسراع فيها، وان لبنان أظهر، وعبر خلافاته السياسية، أنه عاجز عن الاسراع في تنفيذها. وذكر أن "المسؤولين اللبنانيين شرحوا للأسرة الدولية ان عدداً من هذه الاصلاحات صعب جداً، ومنها مثلاً دفع الضرائب أو خفض الانفاق، وأنه يؤدي إلى مشاكل كبرى، ما يجعل لبنان يبدو في نظر الأسرة الاقتصادية الدولية عاجزاً عن تنفيذ الاصلاحات". وأشار المصدر الى أن صندوق النقد لا يمكن أن يوافق على الخطة اللبنانية طالما لم تُنفذ الاصلاحات المطلوبة، كما لا يمكن أن توافق عليها الدول التي من المحتمل أن تشارك في "باريس -2" مثل الولاياتالمتحدة وغيرها من الدول الصناعية. وتابع ان موعد شباط فبراير الذي كان حُدد غير واقعي، لأن صندوق النقد الدولي يرى أن لبنان لم ينفذ الاصلاحات المطلوبة. ورأى أن هناك جهوداً قامت بها الحكومة اللبنانية على صعيد الاصلاحات، لكنها غير كافية، وعلى الحكومة والبرلمان أن يتخذا اجراءات بنيوية مهمة بأسرع وقت لتخصيص الكهرباء والكازينو و"طيران الشرق الأوسط". وقال: "على الدولة اعتماد المزيد من التقشف في مصاريفها، وإلا فالأزمة المالية ستفرض نفسها". تحويلات المغتربين ونبه المصدر الى أن الجالية اللبنانية في الخارج المغتربين تحوّل سنوياً 6-7 بلايين دولار، وهذه ظاهرة خاصة بلبنان، إذ ليست هناك دول كثيرة تتمتع بهذه الميزة، كما "لدى لبنان قطاع مصرفي يُدار بعناية من مصرف مركزي يراقب مراقبة دقيقة وفاعلة النظام المصرفي اللبناني، وحاكمه رياض سلامة يقظ". لكنه أشار إلى أن جزءاً كبيراً من عائدات المصارف مرده إلى الودائع في سندات الخزينة إما بالليرة اللبنانية وإما بالدولار، و"هذا ليس صحياً على المديين الطويل والمتوسط، فبدلاً من أن تمول المصارف والشركات والمؤسسات اقتصاد البلاد، تفضل اقراض الدولة، لأن ذلك أكثر جدوى". وأقر بأن مثل هذا الاقراض "مُعتمد في كل الدول، ولكن بالنسبة الى لبنان حجم هذه العائدات كبير جداً". وقال المصدر "إن صندوق النقد الدولي يرى أن سعر صرف الليرة اللبنانية مرتفع جداً، وهذا مكلف، ويفرض أعباء على الصناعة المحلية ويتسبب في ارتفاع كلفة السلع التي تنتجها ما يشجع الاستمرار في الاستيراد ويقلص الصادرات". واعتبر أن مستوى المعيشة مرتفع جداً مقارنة مع الدول المجاورة مثل الأردن ومصر وسورية، وان لبنان بلد مكلف للسياحة العربية خارج دول الخليج. ولاحظ ان بلداً يريد أن يكون منبراً للخدمات لمجمل المنطقة، لا يمكنه ذلك ولديه عملة مرتفعة الكلفة. وذكر أنه عندما يقول مسؤولون في صندوق النقد هذا الكلام للبنانيين، فإنهم يرفضون هذا المنطق، لكن الصندوق يرى أن مستوى العملة لا يعكس واقع الاقتصاد اللبناني، فالبلد في أزمة والاقتصاد جامد، وهناك اجراءات ينبغي اتخاذها. وزاد: "إذا لم تقر الحكومة ومجلس النواب القوانين المطلوبة، فإن لبنان، على رغم كل ما يقوله المسؤولون، سيواجه أزمة مالية". واضاف: "إذا لم تخفض السلطات اللبنانية قيمة الليرة، فإن السوق ستفعل ذلك، إذ سيأتي وقت تزول فيه الثقة بالليرة فيحول الناس أموالهم إلى الدولار". واعتبر المصدر انه لا يزال لدى الحكومة وقت كي تتخذ الاجراءات المطلوبة لتفادي هذه الأزمة المالية، داعياً إلى عدم المماطلة، لأنها تعزز إمكان خفض السوق قيمة الليرة. وأشار إلى أن هذا لا يعني أن ما توقعه سيحصل فوراً، ولكن قد يحدث في غضون ستة شهور أو سنة إذا بقيت الأمور على ما هي، وإذا استمر الجمود وتراكم مستوى الدين.