تقدّم الامين العام للامم المتحدة كوفي انان بتقرير بالغ التشاؤم في شأن مستقبل عملية السلام في الصحراء الغربية، عرض فيه اربعة خيارات لا يبدو اي منها خياراً مثالياً لكلا الطرفين، المغرب وجبهة بوليساريو، وجميع البلدان المعنية حسب قوله. واكد انان في التقرير ان مبعوثه الخاص جيمس بيكر، لمس "الدلائل التي تشير الى استعداد الجزائر وجبهة البوليساريو للتفاوض بشأن امكان تقسيم الاقليم". وعرض في الخيار الثالث البحث في "امكان تقسيم على اساس الا يتم بتّ شيء حتى يُتخذ قرار نهائي بصدد كل شيء". وجاء في ذلك الخيار، انه يمكن لمجلس الامن ان يطلب من جيمس بيكر "لمرة واحدة ان يتحرى عما اذا كان الطرفان يرغبان الآن في ان يناقشا برعايته وبصورة مباشرة او غير مباشرة، امكان تقسيم الاقليم، على اساس الا يتم بتّ شيء حتى يُتخذ قرار نهائي بصدد كل شيء. واذا ما اعتمد مجلس الامن هذا الخيار، في حال ما اذا كان الطرفان لا يرغبان في تقسيم الاقليم او لا يستطيعان الموافقة على ذلك بحلول 1 تشرين الاول اكتوبر 2002، فسيُطلب من مبعوثي الخاص ان يعرض فيما بعد على الطرفين اقتراحاً بشأن تقسيم الاقليم، وهو اقتراح سيُعرض ايضاً على مجلس الامن. وسيقوم مجلس الامن بعرض هذا الاقتراح على الطرفين على اساس غير تفاوضي. وهذا الاسلوب في السعي الى حل سياسي من شأنه ان يمنح كل طرف بعض، ولكن ليس كل، ما يريده، وسيتبع سابقة التقسيم المتُفق عليها في 1976 بين المغرب وموريتانيا، ولكنها ليست بالضرورة بالترتيبات الاقليمية نفسها". واوضح الامين العام في التقرير ان جيمس بيكر زار المغرب في 24 و25 كانون الثاني يناير الماضي، واستقبله العاهل المغربي الملك محمد السادس مرتين، وكان الغرض من زيارته "ان يبلغ السلطات المغربية رفض الجزائر وجبهة البوليساريو مشروع الاتفاق الاطاري الذي حسبما اكد له مجدداً الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة خلال زيارته لمؤسسة جيمس بيكر في هيوستن تكساس في 2 تشرين الثاني نوفمبر 2001، وبأن من رأي مبعوثي الشخصي ان الجزائر وجبهة البوليساريو مستعدتان للمناقشة او التفاوض حول تقسيم الاقليم كحل سياسي للنزاع على الصحراء الغربية". واكد مندوب الجزائر لدى الاممالمتحدة السفير عبدالله بعلي ان ما جاء في التقرير "صحيح ودقيق". وقال ل"الحياة" ان الجزائر لا تزال تعتقد ان "خطة السلام هي انسب الطرق للوصول الى حل عادل ونهائي لقضية الصحراء الغربية. وهي الخيار الاول والاساسي". وتابع بعلي: "الآن، اعربنا عن استعدادنا للتعامل مع جيمس بيكر وللنظر في اي اقتراح يقدمه الينا بما في ذلك اقتراحات بشأن تقسيم الصحراء بين المغرب والصحراويين وقلنا له اننا مستعدون لسماع خطة او افكار او اقتراح يقدمه انطلاقاً من روح التعاون للوصول الى حل سياسي مرض". واكد ان اقتراح التقسيم "لم يأت من الجزائر على الاطلاق" وقال "انه اقتراح قدمه بيكر للمغرب والجزائر والبوليساريو". واعتبر ان الخيار الثاني الذي عُرض في التقرير مرفوض لدى الجزائر رفضاً تاماً"، وان الاقتراح الرابع هو لمجرد التخويف. وقال مندوب المغرب السفير محمود بنونة ل"الحياة" ان "المغرب يرفض قطعاً ان يناقش مع اي احد، في اي مكان، او في اي وقت، موضوع التقسيم لانه بالنسبة الينا يشكل نسفاً للسيادة ووحدة التراب المغربية". وتابع ان الجزائر هي وراء الاقتراح "والاقتراح جاء من طرف الرئيس الجزائري خلال لقائه مع جيمس بيكر"، وذلك بهدف "انشاء دويلة لتكون مصدراً جديداً للبلبلة في المنطقة لتمسّ الاستقرار وتخلق المشاكل والتوتر". واعتبر بنونة ان "اقتراح التقسيم يعود الى نظرة جيو-استراتيجية للجزائر منذ السبعينات، اذ انها تطالب بمنفذ على الاطلسي وتناضل من اجل دويلة تكون تحت حمايتها وتشكل لها منفذاً على الاطلسي" وقال: "هذه نظرة مرّ عليها الزمن". واكد بنونة ان الخيار المفضّل للمغرب بين الخيارات الاربعة التي عرضها الامين العام هو الخيار الثاني، اي خيار اتفاق الاطار، وهذا خيار مرفوض من جهة الجزائر والبوليساريو. والخيار الرابع الذي يتفق الطرفان المغربي والجزائري على رفضه هو خيار ان يقرر مجلس الامن انهاء البعثة الدولية في الصحراء "ليعترف ويقر بأنه بعد مرور 11 سنة وانفاق مبالغ مالية تقرب من نصف بليون دولار، لن تقوم الاممالمتحدة بحل مشكلة الصحراء الغربية من دون اقتضاء قيام احد الطرفين المغرب والبوليساريو او كليهما بشيء لا يرغبان في الموافقة عليه طواعية". واكد رئيس وفد البوليساريو الى المفاوضات مع الاممالمتحدة السيد محمد خداد ل"الحياة" ان "الاساس لنا هو ان التقرير يعيد المياه الى مجاريها بطرحه خطة السلام مجدداً وما دامت هناك قائمة بالخيارات فإننا نفضل اساساً الخيار الاول الذي يعيد طرح خطة السلام". وفي شأن موقف البوليساريو من فكرة تقسيم الصحراء، اضاف: "قلنا في المبدأ لا نرى مانعاً في مناقشة اي اقتراح يتقدم به بيكر، بما في ذلك اقتراح التقسيم وسنرد في الوقت المناسب لانه حتى الآن لم تُقدم لنا توضيحات او تفسيرات لمشروع من هذا النوع". واعتبر خداد ان الامين العام ومبعوثه الشخصي وضعا للمرة الاولى منذ 11 عاماً مجلس الامن امام مسؤولياته "ويطلبان من مجلس الامن ان يختار" وفي غضون شهرين، وقال "ان التقرير، من ناحية الشكل واللهجة يؤكد ان هناك جدية لوضع الاطراف ومجلس الامن امام خيارات صعبة"، انما الهدف الاساسي هو ان "لا مناص من الاختيار".