لم تكن المشكلات الكثيرة التي اندلعت منذ بداية مسلسل "غداً يوم آخر" بين اعضاء فريق العمل هي السبب الوحيد الذي جعل الانتاج يقرر اختصار الحلقات. وبعدما قيل ان عدد الحلقات لن يكون أقل من خمس وثلاثين حلقة، تراجع الرقم الى خمس وعشرين، وربما اقل عندما خفضت نسبة المشاهدين متابعي هذا المسلسل في وقت بلغت خلافات بعض الممثلين مع بعضهم الآخر، وخلافات المخرج مع الممثلين، وخلافات اخرى متفرقة حداً لم يعد من المفيد تجاهله كما لم يعد احد على ما يبدو قادراً على وضع حدود معينة لها. واذا كان بعض الخلافات سهلاً على الحل، وبعضه الآخر اكبر وأشمل ويترك آثاراً سلبية واضحة على سياق تنفيذ المسلسل، فإن دخول القصة والسيناريو والحوار في أنفاق من الاصطناع والارتباك والتركيب غير المنطقي، والعجلة في "تسوية" مواقف تجري في أحداث المسلسل وفي شكل اعتباطي لا يصنع المُشاهد كما ينبغي، كلها أمور أسهمت جذرياً في ابدال صورة كانت جيدة في الحلقات الأولى فإذا بها تتراجع وتنكمش وتغيب، وبدلاً من ان يتصاعد النَّفَس الدرامي في القصة وفي بناء الشخصيات وفي توتر الذهنيات وتصادمها، غرق المسلسل في بديهيات احياناً، وأحياناً في غرائبيات متناقضة، وكانت النتيجة: توقف المسلسل بعد وقت مقبل قليل. الكاتب شكري انيس فاخوري الذي يتعاون مع MTV للمرة الأولى كان يمنّي النّفس أول الأمر، بانتاج اكبر مما كان انتاج مسلسلاته في تلفزيون لبنان، اصطدم اولاً بخلاف في الرؤية مع المخرج فغالي الذي على ما يبدو كان يسعى الى إلباس المسلسل شخصيته ليس في الاخراج وحسب، بل ايضاً في توليف الشخصيات، وهذا ما لم يعتد عليه فاخوري الذي كان وما زال يفضّل التعامل مع المخرج القادر على تنفيذ افكاره ككاتب بعد خبرة وتجربة ومراس قالت له جميعاً ان المخرج التلفزيوني في لبنان عموماً لا وقت لديه ليدرس ويحلّل شخصيات المسلسل، بمقدار ما يفضّل الانغماس في التصوير الأقرب الى الفعل الآلي. وهذا ما لا ينفيه كبار الممثلين اللبنانيين الذين يعتقدون ان الممثل اللبناني يعتمد على ذاته اولاً وآخراً، لأن المخرجين المؤهلين لممارسة فعل الاخراج التلفزيوني الحقيقي التفصيلي نادرون حتى لا نقول غير موجودين. ويبدو ان الاختلاف في وجهات النظر بين الكاتب فاخوري والمخرج فغالي "حتّم" على فاخوري كتابة الحلقة وارسالها الى الانتاج الذي يرسلها بدوره الى المخرج الذي ينفذ من دون اي تشاور او حوار او كلام حولها. ويُعتقد بأن هذه الطريقة كانت "الأفضل" لكي يكمل المسلسل طريقه فلا يتوقف في بداية الطريق، خصوصاً بعدما بلغ الاختلاف مبلغاً صعباً. بين الكاتب والمخرج غير ان تلافي حصول صدام بين الكاتب والمخرج، لم يحل دون صدامات بين الممثلين انفسهم، وقد شاعت اخيراً صورة عن تلك الصدامات حصلت بين الممثلة عارضة الازياء سيرين عبدالنور، والممثلة مساعدة المخرج جهينة خوري وقيل ان المشكلة وصلت معهما الى العراك بالأيدي خلال تصوير أحد المشاهد في مقهى في ضواحي بيروت. ومع ان المسؤولين عن المسلسل يتكتمون على "دقة" حصول المعركة بالأيدي، فإن ثمة اشخاصاً في "غداً يوم آخر" يؤكدون ذلك، كما يؤكدون خلافات عدة كانت تقوم بين المخرج ايلي فغالي من جهة ومساعدته جهينة خوري من جهة ثانية او بينه وبين بعض الممثلين، ويروون روايات كثيرة عن ايام تصوير تذهب سدى بسبب تضارب الأمزجة بين العاملين في المسلسل. طبعاً، لن يكون منطقياً تصديق كل هذا الذي يقال عن المشكلات العارمة التي تحصل بين اعضاء فريق عمل مسلسل "غداً يوم آخر" وهو بطولة دارينا الجندي وفادي ابراهيم ومحمود سعيد وعدد من الممثلين ذوي المهارة والحرفة، كما لن يكون منطقياً تكذيب كل ما يقال ويشاع ويدعم بالشواهد والأدلة عن تلك المشكلات. والثابت هو تقصير عمر المسلسل بعدما لم يعد الانتاج قادراً على تصحيح الاوضاع، ابتداء من جنوح القصة والسيناريو والحوار الى العمل الروتيني الذي لا روح فيه من تلك الروح الابداعية التي كان فاخوري في كتاباته التلفزيونية يجتهد في اظهارها، مروراً بالتنفيذ الذي تشوبه عواهن لا تُحصى، وانتهاء بالحساسيات بين الممثلين وهي اكثر من ان تُجمع في مقال. "غداً يوم آخر" سيتوقف قريباً. عدد كبير من العاملين سيتوقف عن العمل ايضاً. احدى الممثلات الرئيسات في المسلسل قالت: "كان لنا هذا الانتاج، وبسبب تفاهات لن يكون لنا بعد مسلسل وكذلك يحصل في أعمال اخرى. فهل نلجأ الى البكاء أم الى السفر". كان ينبغي ان اختار لها السفر، غير انني آثرت ... البكاء!