اليوم عيد الحب أو المحبين، غير ان "واشنطن بوست" تقول انه ممنوع في المملكة العربية السعودية. الممنوع هو العيد، لا الحب نفسه، و"حنانيك بعض الشر اهون من بعض". ولو كنت صانع قرار لما منعت العيد لصعوبة التنفيذ، ولكن كنت سأصر على ان يرفق بعبارة تحذير، مثل ما نقرأ على علب السجاير، فيقال مثلاً "الحب يضر بصحتك"، وهذا صحيح بشكل خاص اذا كان العاشق لم يعد مراهقاً او شاباً. فالحب، مثل الحصبة، اصعب كثيراً اذا جاءت الاصابة في سن متأخرة. "واشنطن بوست" نقلت قبل يومين عن اخينا داود الشريان الذي كتب في جريدتنا هذه في مثل هذا اليوم من السنة الماضية عن تحذير بنات المدارس من استخدام اللون الاحمر، وتوجيه متاجر الورد والزهر الى عدم عرض الورد الاحمر او بيعه في 14 شباط فبراير. وفي حين ان داود الشريان لم يناقش حق الجهات الحكومية الرسمية في رفض الاحتفال بعيد الحب، فإنه قال ان هذه الجهات لا تستطيع ان تحرم الناس حقها المقابل في ركوب سيارة حمراء او لبس "شماغ" أحمر، او اكل بطيخ احمر. اليوم يعود العيد الذي يحمل اسم القديس فالنتاين، والورد الاحمر في السعودية غير موجود، وقد سمعت ان ثمن الوردة الواحدة ارتفع من سبعة ريالات في الايام العادية الى حوالى 50 ريالاً، وهذا اذا وجدت. انا اقيم في بريطانيا منذ 27 عاماً، والحب فيها غير ممنوع بل يحرضون عليه، ومشكلتنا في القدرة لا الرغبة او الفرصة. شخصياً اتابع الموضوع كمراقب، وقد كتبت عن الحب في مثل هذا اليوم غير مرة في السابق، وأرجح ان اعود اليه في المستقبل ما دام هناك حب ومحبون. وأقول كمراقب غير معني مباشرة بالموضوع ان عيد الحب، سواء سمح به او منع، تجارة من مظاهرها في لندن: - قلب احمر يعمل على البطارية، يمسكه العاشقان وهما يتبادلان قبلة، فإذا اضاء دل نوره على صدق العاطفة، واذا اطلق زموراً فهو دليل على ان واحداً او الآخر، او الاثنين، يخدعان بعضهما بعضاً. - ألعاب نارية تطلق عبارة "أحبك هل تتزوجينني؟" وتركت صديقاً يحاول ان يمحو آخر كلمتين قبل اطلاق الصاروخ. - اقداح وأكواب، من كل حجم ونوع وسعر، تلف حافتها كلمة احبك. - صفحة على الانترنت تعلم كتابة روايات الغرام، في برنامج يستغرق يوماً واحداً ويكلف 75 جنيهاً تشمل الغداء. وقرأت عن خطوات محددة للروائي الراغب، اولها ان يكون للرواية بطل وبطلة، وآخرها ان تنتهي نهاية سعيدة. ووعيت الدرس وكتبت فوراً الرواية التالية "حنا وحنّة تقابلا وتزوجا وعاشا في ثبات ونبات، وخلفا الصبيان والبنات". الواقع ان هناك كتاباً جديداً عنوانه "الحب" من تأليف غيل غودوين يصدر عن دار بنغوين اليوم، وهو يضم بعض اشهر شعر العشق ونثره بالانكليزية وصوراً لعاشقين يتبادلون القبل. واذا لم يجد القارئ الوقت لقراءة كتاب كامل، فإن كل مجلة بين يدي هذا الاسبوع جعلت الحب موضوع الغلاف، فأعلنت واحدة "من قال ان الرومانسية ماتت؟" وشرحت الاخرى "كيف يشتري المال الحب". اذا اراد القارئ ان يشتري فهناك ثياب داخلية حمر، نقشت عليها عبارات الحب، غير انني اعرف انه خجول وميسور، لذلك انصحه بهدية من المجوهرات، من عند اخينا احمد الفتيحي، فهذه من مقاس واحد، ويناسب جميع الاحجام. طبعاً، اذا كان القارئ يحاول ترشيد الإنفاق، في هذه الايام الصعبة، فربما استفاد من تجربة سمعتها، فقد قالت امرأة انها عادت الى البيت في عيد الحب، ووجدت ان زوجها ملأ السرير بالزهور. تنهدت امرأة سمعتها وقالت انها تجد احياناً في السرير بقايا خيارة مكبوسة، اي طرشي، تركها زوجها. وفي حين ان النساء دائماً اكثر رومانسية من الرجال، فهناك استثناءات مثل تلك التي قال لها حبيبها: هل تعرفين ماذا سنفعل بعد العشاء؟ وردت: سنغسل الصحون. اتركها تغسل الصحون، فاليوم عيد القديس فالنتاين الذي زوج العشاق مخالفاً اوامر الامبراطور كلوديوس فأعدمه. وكان شاعر عربي قال لحبيبته: "اخشى عليك بنيّ ان طلبوا دمي" فقيل له ان قتيل الهوى لا يُودى. في عيد الحب نقول مع جميل بن معمر: يقولون جاهد يا جميل بغزوة/ وأي جهاد غيرهن اريد. والواحد منا قد يرى واحدة من اولئك اللواتي عشقهن الشاعر، ويفكر ان يمسكها ويصرخ طلباً للمأذون والشهود، او يرى واحدة ويفكر ان يصرخ... وأعرف مثلاً من جبل لبنان يقول: "المرأة متل الزيتونة، ما بتحلا الا بالرّص"، وهو مثل يحتاج الى شرح، فحبة الزيتون تضرب بمطرقة خشبية لتكسر او تشق، ثم تحفظ في اناء الى حين اكلها، وهذا ما يعرف باسم الزيتون المكبوس، غير انني انصح القارئ بأن ينظر الى ما حل باللبنانيين ويتعظ، ثم يحمل الى حبيبته باقة ورد احمر ... خفية من الحكومة.