كتبت غير مرة في مثل هذا اليوم، 14 شباط فبراير عن عيد الحب أو المحبين، لذلك لا أعود الى القديس فالنتاين، وانما أكمل بالحب على طريقة نهاية القرن والألفية. عيد الحب تحول كأكثر الأعياد الغربية الى تجارة، لذلك فهو لا يتميز بشيء سوى تبادل البطاقات والهدايا. واذا كان أمر البطاقات معروفاً، فإن الهدايا في أساسها هي ثلاثة أنواع، ورد أو شوكولا أو مجوهرات. وبما ان الورد يذبل، والشوكولا تجلب السمنة، فإن أفضل هدية هي المجوهرات، وهذه من مقاس واحد، فلم نسمع بعد سيدة تشكو من ان عقداً من الألماس كان ضيقاً أو واسعاً على رقبتها. استهدى أبو نواس جارية حلية ذهبىة فقالت له: هذا ذهب وأخاف ان تذهب، ولكن خذ هذا العود لعلك تعود. وقرأت قائمة طويلة عن هدايا مقترحة في عيد المحبين، بما فيها ربطات عنق حمراء، وشوكولا على شكل قلب، أو حقائب يد. وكانت هناك أزرار أيضاً على شكل قلوب، وبوظة جيلاتي اسمها "الحب الحقيقي"… وهي أكثر دقة مما تصور صانعوها لأن الحب الحقيقي يذوب مثلها. ووجدت كؤوساً عليها كلمات الحب، وصحوناً ومساند محشوة حبّاً، وما الى ذلك. وتوقفت أمام اقتراح شراء ملابس داخلية، حمراء ومزركشة، فأهم ما في مثل هذه الهدية ان يكون الرجل لا يزال يعرف حجم زوجته، فلا يشتري لها مقاساً كانت تلبسه أيام الخطوبة، وانما يتذكر الزوج الذي سئل عن الفرق بين زوجته وفيل، فقال: مئة كيلوغرام… لصالح الفيل! وبما ان قراء "الحياة" اثرياء جداً، ومن علية كل قوم هذه دعاية لنقنع شركات الاعلان بالدعاية عندنا فانني واثق من انهم لن يكتفوا بهدية، حتى لو كانت من ياقوت أو عقيق أو دملج من نضار لم يهدها ايليا ابو ماضي الى حبيبته في العيد زاعماً ان كل شيء لديها. القارئ ليس شاعراً يضحك على حبيبته ببيتين من الشعر، لذلك فهو قد يتبع الهدية العينية برحلة الى موارد العشق المعروفة، مثل باريس وروما والقاهرة. أو هو قد يأخذها الى تاج محل حيث بنى العشق معبداً ستبقى قصته ما بقي العشق. ماذا تفعل المرأة التي يأتي عيد المحبين وليس لها من تحب؟ هي تقرأ الكتاب "كيف تجعلين أي رجل يقع في غرامك" من تأليف ليل لاوندز، واذا لم يكن لدى القارئة ثمن الكتاب، أو ان ثقافتها فرنسية، فإنني ألخص لها هنا أهم النصائح، مع رجائي ان تقع في غرام غيري لأنها اذا كانت وحيدة اليوم ولا تملك ثمن كتاب فلا بد ان ثمة خطأ في تركيبتها. المهم، ان لاوندز تنصح المرأة بأن ترتدي دائماً أفضل ثياب ممكنة، وان تنظر "فريستها" في عينيه، وان تبادره الى الكلام ولا تخجل، وان تبتسم وتلمس، وان تتذكر ان الطريق الى قلب الرجل يمر في معدته، ومحفظة نقوده، فلا تكثر الطلبات… في البداية، وان تصغي اليه بانتباه كأنه يقول شيئاً مهماً فعلاً، وان تحاول تقليده في تصرفاته، وان تسجل رد فعله على ما يحدث حولهما لتعرف ما يحب وما يكره، وان تحاول معرفة ما جذبه الى امرأته السابقة، وان تضحك على طُرفه حتى لو كانت قديمة، وان تتصرف كعارضة ازياء، فهي قد لا تخدع الطبيعة ولكنها تستطيع ان تخدع رجلاً، وان تقلل من الكلام وتتركه يتكلم عندما يريد. ولعل النصيحة الأخيرة أصعب ما في الكتاب، وقد سمعت عن رجل قال انه لم يحدث زوجته منذ سنوات. وسئل لماذا، فقال: لم أحب ان اقاطعها. واكتب هذه السطور في لندن، وهي مدينة برد في الطقس والنفس، ولكن الانكليز الذين حاولوا ان يجدوا شيئاً يقدمونه في عيد المحبين طلعوا بأشياء طريفة، مثل الاقامة في غرف فنادق اشتهرت بالعاشقين الذين ناموا فيها يوماً، وهناك منها كثير في انكلترا، أو استعمال فرشة مائية، أو سرير "انتيكا" له أربع قوائم وأربعة عمدان، لم أفهم لماذا يعتبرونه مثيراً، الا اذا كان الضيف سيتأرجح على هذه الأعمدة كسعدان. واذا اعتقد القارئ ان الانكليز محافظون، فهو مخطئ، لأنهم ربما كانوا محافظين يوماً، الا انهم في عيد الحب هذا لم يجدوا شيئاً مناسباً سوى الحديث عن حفلات تبادل الزوجات في ضواحي العاصمة، مع وجود مطبوعات تفوق الحصر تقدم "خدمات" للمتزوجين أصحاب "الفكر الواسع" لتبادل الزوجات أو الشريكات، مع امكان القيام بذلك خلال رحلات الى أماكن بعيدة مثل تاج محل السالف الذكر. طبعاً القارئ العربي لا تهمه هذه الأمور الا من باب العلم بالشيء، لأنه شريف وجبان، وضميره الحي لا يمنعه من ارتكاب الخطيئة، وانما يمنعه من التمتع بها، وفي الشرق والغرب أكثر النساء شعبية واحدة مصابة بتلعثم… لا تعرف كيف تقول لا.