بعد وصول الجيل الجديد من أودي أيه 4 الى الأسواق الشرق الأوسطية، حصلت "الحياة" على طراز منه زود محركاً بسعة ليترين وأخضعته الى تجربة مفصلة تأكدت خلالها أن أيه 4 من أفضل السيارات العائلية المتوسطة الصغيرة. وعلى رغم تواضع تأدية محرك هذه السيارة، إلا أنها ستحقق نجاحاً كبيراً، خصوصاً أن أودي توفرها مع مجموعة غنية من المحركات. مع بداية العقد الماضي، بدأ مستهلكو السيارات بالتحول الى سيارات السيدان الصغيرة نظراً لعملانيتها ومستوى استهلاكها المخفوض من الوقود، إلا أن صغر حجم هذا النوع من السيارات أدى بأصحاب العائلات الى الابتعاد عنها ولتبرز على الأثر، وبخاصة لدى الصانعين الألمان، فئة جديدة من السيارات احتلت لنفسها موقعاً بين السيارات العائلية المتوسطة وتلك العائلية الصغيرة يمكننا أن نطلق عليها تسمية السيارات العائلية المتوسطة الصغيرة، وهي تضم سيارات شأن أودي أيه 4 وبي أم دبليو فئة 3 ومرسيدس فئة سي وغيرها. وقد راجت "موضة" سيارات السيدان العائلية المتوسطة الصغيرة في شكل كبير خلال العقد الماضي حيث حققت سيارات هذه الفئة مبيعات عالية جداً. فأودي الألمانية مثلاً باعت من الجيل الأسبق من سيارتها أيه 4 التي قدمت عام 1994 نحو مليون سيارة. ومع تقديم معظم الصانعين الألمان للأجيال الجديدة من سياراتهم المدرجة ضمن هذه الفئة، كانت أودي قد قررت أن تدرس المعطيات كافة بتروٍ ووجدت أنها لا تريد الدخول في منافسة مباشرة مع سيارات هذه الفئة وخصوصاً الألمانية منها، بل أرادت أن تخرج بسيارة مميزة كما هي عادة أودي تحمل في طياتها معالم السيارات العائلية والرياضية معاً في قالب جديد أقل ما يميزه "الخلطة" الناجحة التي تجمع بين الطابع الكلاسيكي والتصميم المتطور في آن واحد ومزج هذه الخلطة بالتكنولوجيا المتقدمة من تقنية الصمامات المتعددة مروراً بتزويد المحرك أنظمة تلقيم إضافية شأن التيربو وغيره وصولاً إلى تجهيز السيارة بنظام اندفاع رباعي متطور وفاعل. أيه 6 ولكن صغيرة! الأشكال الهندسية المعتمدة في تصميم الجسم الخارجي في أيه 4 متناقضة وتوحي لك أن ما تراه ليس جميلاً. لكن بعد ان تتأمل التفاصيل، ستكتشف جمالاً لا يوجد في أية سيارة أخرى. ففي الأمام، مقدم شبه دائري مع مصابيح تبدو كأنها استوحيت من مصابيح الشقيقتين الكبريين أيه 6 وأولرود الأمامية وفتحة تهوية وسطية كبيرة، زيِّن إطارها بالكروم اللماع مع ثلاث فتحات أخرى في أسفل الصادم الأمامي، طليت أطر الوسطية منها بالكروم أيضاً شأنها شأن شعار أودي. وفي الخلف، واجهة سيطرت عليها المعالم الدائرية ابتعدت معها أودي عن مفهوم التصميم التقليدي واعتمدت خطاً ناعماً يعتبر امتداداً لخط السقف المنحني. أما من الجوانب، فالتصميم يجعلك تشعر أنه يراعي عوامل الانسيابية كافة كونه يقوم على خطوط شبه دائرية عريضة في الأمام ورفيعة في الخلف، مما يوحي أن اختراق السيارة للهواء وعلى السرعات العالية أمر ولا أسهل. هذا التصميم المميز والفريد يخفي هيكلاً يتمتع بنسبة صلابة عالية وهو يقوم على قاعدة عجلات بطول 2.650متر مع محاور أمامية وخلفية عريضة نسبياً 1.528 و1.526 متر على التوالي. فأيه 4 تتحلى بطول إجمالي يبلغ 4.547 أمتار في مقابل 1.766 و1.428 متر لكل من عرضها وارتفاعها الإجماليين، الأمر الذي مكّن قسم تصميم أودي من صنع مقصورة ركاب واسعة نسبياً وخصوصاً بالنسبة الى ركاب المقعد الخلفي الذين سيتمكّنون من التحرك بسهولة حتى ولو كانوا من أصحاب القامات الطويلة جداً، ذلك أن المساحات المخصصة لرؤوسهم وأيديهم وأكتافهم وأرجلهم أكثر من كافية. أما ركاب المقعدين الأماميين، فلا داعي للكلام عن المساحات المخصصة لهما كونها رحبة من الجهات كافة. الأولوية لعوامل السلامة تصميم سيارة عائلية بنفس رياضي مع الأخذ في الاعتبار إمكان إنتاج فئة رياضية منها، يعني هيكلاً متماسكاً وسلامةً عالية. فتماسك الهيكل وصلابته يهدفان إلى نقل قدرات المحرك إلى الإطارات الدافعة من خلال تماسك متقدم للجسم مع نفسه وللجسم مع الطريق، وهو أمر حققته أودي مع سيارتها هذه عبر تصميم الهيكل بمساعدة الكمبيوتر، إضافةً إلى اعتماد مواد أولية خفيفة الوزن وقادرة على تحمل الضغط في صناعة بعض أجزاء هذا الهيكل الذي يخفي تحته تعليقاً يقوم في الأمام على شعبتين مزدوجتين مع وصلات رباعية مدعومة بقضيب أنبوبي مقاوم للانحناء في مقابل وصلات رباعية وقضيب أنبوبي مقاوم للانحناء للتعليق الخلفي. وهذا التعليق مضافاً إليه صلابة الهيكل ونسبة التوائيته المتقدمتين لا تعتبر العوامل الوحيدة التي تقف خلف تماسك السيارة مع نفسها ومع الطريق ومراعاتها أيضاً لشروط السلامة، بل هناك عوامل عدة أخرى شأن جهاز المكابح العامل عبر أسطوانات قرصية للعجلات الأربع الأمامية منها مهواة وجهاز المقود الذي يعمل بتقنية الجريدة والبنيون والمميز بدقة توجيهه وجهاز منع انغلاق المكابح آي بي أس القياسي وجهاز التحكم بتماسك السيارة إي اس بي وجهاز التوزيع الإلكتروني لقوة الكبح لكل إطار إي بي دي. ومن ناحية أخرى، لا يمكن إغفال عوامل السلامة الأخرى التي تزيد من تماسك الهيكل مع نفسه ومن تماسكه مع الطريق، خصوصاً أن الجيل الأسبق من أيه 4 تميّز بكونه من أكثر سيارات هذه الفئة سلامةً. فقد زوِّد الهيكل عوارض معدن مدمجة في جوانبه مهمتها رفع الحماية الجانبية لمقصورة الركاب والربط بين جانبي السيارة وأرضيتها من جهة وبين الجوانب والسقف من جهة أخرى، إضافةً إلى عوارض معدن أخرى تعمل على ربط طرفي المقدم ببعضهما بعضًا. أما مقصورة الركاب المقواة، فقد زودت جهاز مقود مع عمود بوصلات متعددة تمنع المقود من التحرك من مكانه عند حصول اصطدام أمامي. وفي هذه الحال، تقوم أرضية السيارة بامتصاص قوة الصدمة وتشتتها بعيداً عن المقصورة. ولزيادة الحماية داخل المقصورة، وفرت أودي مجموعة من أكياس الهواء الأمامية والجانبية الأخيرة تحمل تسمية سايد غارد وهي قياسية في الأمام وإضافية في الخلف مع ستائر هوائية لحماية الأقسام العليا من أجسام الركاب. أما أحزمة الأمان ذات نقاط التثبيت الثلاث ، فمزودة نظاماً للشد التدريجي. العملانية والبساطة سماتها فور دخولك إلى مقصورة الركاب، ينتابك شعور بالراحة مرده التصميم المبسط للمقصورة وبالأخص للوحة القيادة، ويزداد هذا الشعور فور نظرك إلى لوحة القيادة التي تشبه لجهة تصميمها لوحات قيادة سيارات أودي. فتجويف العدادات يحتوي على العدادات والمؤشرات الضوئية كافة التي تحتاجها لتعرف كل ما يجري في السيارة. أما الكونسول الوسطي، فيضم مفاتيح تشغيل بعض أجهزة السيارة شأن جهاز الاستماع الموسيقي ومكيف الهواء. وفي أسفل الكونسول الوسطي ومباشرة أمام مقبض علبة التروس، وضعت أودي جهاز التكييف مع مجموعة من المفاتيح المخصصة لتشغيل نظام تدفئة المقاعد الأمامية وجهاز إزالة الغباش عن الزجاج الخلفي وغيرها. وهنا نشير الى أن موقع تثبيت هذه المفاتيح وجهاز التكييف يبدو بعيداً عن متناول يد السائق. ومن جهة أخرى، يبدو أن أودي درست بعناية التفاصيل الخاصة بمقصورة الركاب كافة. فوضعية الجلوس جيدة جداً إذ يمكن تحريك المقود في كل الاتجاهات، كما يمكن التحكم بوضعية المقاعد الأمامية التي ارتأت أودي أن تكون مشابهةً لمقاعد الباكيت الرياضية التي تلتف حول الجسم وتمنعه من الانزلاق، إضافةً الى منعها وصول اهتزازات الطريق إليه. وتسهم المساحات الزجاجية الكبيرة التي تلف السيارة من جهاتها الأربع في توفير مجالات رؤية واسعة في الاتجاهات كلها. محرك متواضع ورياضي أيه 4 موضوع التجربة مزودة محركاً يتكون من 4 أسطوانات متتالية هو عبارة عن فئة مطورة من مجموعة محركات إي أيه 827، تبلغ سعته ليترين 1984 سم3 زود خمسة صمامات لكل أسطوانة ليولد قدرة حصانية تصل الى 130 حصاناً عند 5700 دورة في الدقيقة يرافقها عزم دوران يبلغ حده الأقصى 195 نيوتن /متر عند 3300 دورة في الدقيقة تمكنه من جر أيه 4 المندفعة عبر عجلتيها الأماميتين من الصفر الى سرعة 100 كلم/س في 9.9 ثوانٍ للفئة المزودة علبة التروس اليدوية و10.2 ثوانٍ للفئة المزودة علبة التروس المتتالية تيبترونيك ومنها الى سرعة قصوى تبلغ 212 كلم/س 205 كلم/س مع علبة التروس المتتالية. ويتمتع محرك الليترين هذا والذي صنع عدد من أجزائه من الألومنيوم المقوى بمرونة تشغيل عالية مردها عزم دورانه المتوافر عند دوران مخفوض، الأمر الذي يمكّن سائق أيه 4 المزودة هذا المحرك من الشعور بليونة المحرك الذي يعتبر مثالياً للسائقين الراغبين بسيارة سيدان عائلية تتمتع بنفس رياضي. أما السائقون الراغبون بتأدية رياضية متقدمة، فسيتوجب عليهم أن يعتمدوا النسخة المزودة محرك الليترات الثلاثة والذي يولد 220 حصاناً عند 6300 دورة في الدقيقة مع عزم دوران يبلغ 300 نيوتن/ متر عند مستوى 3200 دورة في الدقيقة. عائلية وهادئة تجربتنا لأيه 4 امتدت لمسافة طويلة ضم قسم منها الطرقات السريعة، فيما كان الجزء الأكبر منها على الدروب الملتوية والمملوءة بالمنعطفات. ففي البداية، انطلقنا من المدينة حيث أظهرت أيه 4 نعومة عمل مميزة في زحمة السير حيث لاحظنا أن تصميم السيارة وشخصيتها الفريدة يسترعيان الانتباه ذلك ان ركاب أيه 4 يشعرون أن سائقي السيارات المجاورة لا يكفون عن النظر إلى أيه 4، كذلك تتوجب الإشارة إلى أن تصميم السيارة يتطلب من السائق التأقلم مع مقاييسها الخارجية ذلك أن رؤية حدود الواجهتين الأمامية والخلفية من مقعد السائق أمر صعب، إلا أن عملية التأقلم لا تتطلب وقتًا طويلاً. ومع الوصول الى أطراف المدينة، يبدأ سائق هذه السيارة بالشعور بتناغم وظائفها ونعومة عمل مكوناتها الميكانيكية. ويزداد هذا الشعور مع استلام الطريق السريعة حيث كان السير كثيفاً، الأمر الذي أجبرنا على تخفيف السرعة في شكل سريع واضطراري مرات عدة ولنلاحظ على الأثر مدى دقة عمل علبة التروسونعومتها التي تتميز بتقارب نسبها والتي تثير الحماسة للانتقال إلى القيادة الرياضية، إلا أن القرار كان بالمحافظة على هدوء الأعصاب والقيادة بتروٍ ريثما تسمح الظروف بالتحول إلى القيادة الرياضية والتمتع بالموسيقى الصادرة عن جهاز الاستماع الموسيقي المميز بنقاوة صوته والذي كان الشيء الوحيد القادر على تعكير صفو الهدوء التام الذي يسيطر على السيارة. ومع انقشاع الزحمة، كانت الفرصة لزيادة السرعة حيث لم يكن في الإمكان تجاوز حدود ال 200 كلم/س بسبب كثافة السير على الطريق. وهنا لاحظنا مدى تماسك السيارة مع الطريق ومدى سهولة اختراقها للهواء على السرعات العالية، وبالأخص عند تجاوز الشاحنات الكبيرة حيث لم نتمكن من الشعور بقوة الرياح الجانبية إلا في ما ندر. ثبات وتماسك متقدمين بعد القيادة على الطريق السريعة، كان الانتقال إلى الطرق المتعرجة والمملوءة بالمنعطفات التي كان عدد منها مفتوحاً إذ يمكن رؤية الطريق بوضوح، الأمر الذي زاد من وتيرة قيادتنا وحماستنا. ومع التحول إلى القيادة الهجومية، كانت لذة القيادة كبيرة خصوصاً أن علبة التروس وجهازي المقود والمكابح أظهرا فاعلية عالية في ظل شعور مرتفع بتماسك السيارة مع نفسها ومع الطريق. علبة التروس بفئتيها اليدوية والمتتالية مع إسطبل الأحصنة وعزم الدوران الذي يتوافر على دوران مخفوض يحولان كل من يجلس خلف مقود أيه 4 إلى سائق بقدم يمنى ثقيلة تضغط بقوة على دواسة التسارع التي تؤدي إلى عمل جهاز السمع بفاعلية عالية، خصوصاً في خضم الموسيقى التي كان المحرك يعزفها على دوران عال بالتعاون مع أنظمة التحكم بالتماسك والتي أذهلتنا فاعليتها في إلصاق السيارة مع الطريق إذ كان من الصعب جداً تعريض السيارة للانزلاق ولنضطر في بعض الأحيان إلى استعمال مكبح اليد لجعلها تنزلق في المنعطفات حيث تأكد لنا من جديد أن جهاز المقود يتمتع بدقة توجيه عالية تساعد السائق كثيراً في إعادة السيارة إلى خط سيرها الصحيح يدعمه جهاز مكابح أظهر بدوره فاعلية عالية على رغم استعماله المتكرر. [email protected]