أخيراً... قدمت أودي الألمانية النسخة الجديدة من سيارتها العائلية المتوسطة الصغيرة ايه 4 التي يمكن اعتبارها فئة مصغرة من شقيقتها الكبرى ايه 6. ومع جديدة أودي هذه، كان ل"الحياة" تجربة اظهرت أنها من أفضل سيارات فئتها، خصوصاً أنها متوافرة مع مجموعة غنية من المحركات، الى كونها دخلت مرحلة... النضج. خلال الثمانينات، حققت سيارات السيدان العائلية المتوسطة مبيعات كبيرة في مختلف بقاع العالم، فكان كل صانع يركز على توفير سيارته المنضوية في هذه الفئة مع مجموعة كبيرة من المحركات. ومع بداية العقد الماضي، بدأ مستهلكو السيارات بالتحول الى سيارات السيدان الصغيرة نظراً الى عملانيتها ومستوى استهلاكها المتدني من الوقود. إلا أن صغر حجم هذا النوع من السيارات أدى بأصحاب العائلات الى الابتعاد عنها، لتبرز على الأثر، وبالأخص لدى الصانعين الألمان، فئة جديدة امنت لنفسها موقعاً بين السيارات العائلية المتوسطة وتلك الصغيرة يمكننا أن نطلق عليها تسمية السيارات العائلية المتوسطة الصغيرة، وهي تضم سيارات شأن أودي ايه 4 وبي ام دبليو فئة 3 ومرسيدس فئة سي وغيرها. وقد راجت "موضة" سيارات السيدان العائلية المتوسطة الصغيرة في شكل كبير، خلال العقد الماضي، فحققت مبيعات عالية جداً. فأودي الألمانية مثلاً باعت من سيارتها ايه 4 التي قدمت عام 1994 نحو مليون وحدة. ومع تقديم معظم الصانعين الألمان الأجيال الجديدة من سياراتهم المندرجة ضمن هذه الفئة، قررت أودي أن تدرس كل المعطيات بتروٍ، ووجدت أنها لا تريد الدخول في منافسة مباشرة مع سيارات هذه الفئة ولاسيما الألمانية منها، بل أرادت أن تخرج بسيارة مميزة كما هي العادة لدى أودي تحمل معالم السيارات العائلية والرياضية معاً، في قالب جديد أقل ما يميزه "الخلطة" الناجحة التي تجمع بين الطابع الكلاسيكي والتصميم المتطور في آن، ومزج هذه الخلطة بالتكنولوجيا المتقدمة من تقنية الصمامات المتعددة، مروراً بتزويد المحرك أنظمة تلقيم إضافية، شأن التيربو وغيره، وصولاً إلى تجهيز السيارة بنظام اندفاع رباعي متطور وفاعل أقل ما يمكن أن يقال فيه أنه ممهور بتوقيع أودي. تصميم خارجي فريد زوايا دائرية، خطوط مقوسة، ملامح قاسية، سمات ناعمة… كلها صفات متناقضة توحي لك أن ما تراه ليس جميلاً. تأمل التفاصيل وستكتشف جمالاً لا يوجد في أي سيارة أخرى. ففي الأمام، مقدم شبه دائري مع مصابيح تبدو كأنها استوحيت من مصابيح طرازي ايه 6 واول رود الأمامية، وفتحة تهوئة وسطى كبيرة ُزين إطارها بالكروم اللماع، مع ثلاث فتحات أخرى في أسفل الصادم الأمامي طليت أطر الوسطى منها بالكروم أيضاً، كما شعار أودي. وفي الخلف واجهة سيطرت عليها المعالم الدائرية، وابتعدت معها أودي عن مفهوم التصميم التقليدي واعتمدت خطاً ناعماً يعد امتداداً لخط السقف المنحني. من الجوانب يشعرك التصميم أنه يراعي كل عوامل الانسيابية، كونه يقوم على خطوط شبه دائرية عريضة في الأمام ورفيعة في الخلف، ما يؤكد لك أن اختراقها الهواء وعلى السرعات العالية أمر ولا أسهل. هذا التصميم المميز والفريد يخفي هيكلاً يتمتع بنسبة صلابة عالية ويقوم على قاعدة عجلات بطول 2.650 مع محاور أمامية وخلفية عريضة نسبياً 1.528 و1.526 متر على التوالي. ف ايه 4 تتحلى بطول إجمالي يبلغ 4.547 متر في مقابل 1.766 و1.428 متر لكل من عرضها وارتفاعها الإجماليين، الأمر الذي مكن قسم التصميم لدى أودي من صنع مقصورة ركاب واسعة نسبياً وخصوصاً لركاب المقعد الخلفي الذين سيتمكنون من التحرك في سهولة، ولو كانوا من أصحاب القامات الطويلة جداً. لأن المساحات المخصصة لرؤوسهم وأيديهم وأكتافهم وأرجلهم أكثر من كافية. أما راكبا المقعدين الأماميين، فلا داعي للكلام على المساحات المخصصة لهما، كونها رحبة من كل الجهات. مراعاة تامة لعوامل السلامة تصميم سيارة عائلية بنفس رياضي يعني هيكلاً متماسكاً وسلامةً عالية. فتماسك الهيكل أو صلابته يهدف إلى نقل القوة إلى الإطارات من خلال تماسك متقدم للجسم مع نفسه وللجسم مع الطريق، وهو أمر حققته أودي مع سيارتها هذه عبر تصميم الهيكل بمساعدة الكومبيوتر، إضافةً إلى اعتماد مواد أولية خفيفة الوزن وقادرة على تحمل الضغط في صناعة بعض أجزاء هذا الهيكل الذي يخفي تحته تعليقاً يقوم في الأمام على شعبتين مزدوجتين، مع وصلات رباعية مدعومة بقضيب أنبوبي مقاوم للانحناء في مقابل وصلات رباعية وقضيب أنبوبي مقاوم للانحناء للتعليق الخلفي. وهذا التعليق، تضاف إليه صلابة الهيكل ونسبة إلتوائيته المتقدمتان، لا يعد العامل الوحيد الذي يقف خلف تماسك السيارة مع نفسها ومع الطريق، ومراعاتها أيضاً شروط السلامة، بل هناك عوامل أخرى شأن جهاز المكابح العامل عبر أسطوانات قرصية للعجلات الأربع الأمامية منها مهواة، وجهاز المقود الذي يعمل بتقنية الجريدة والبنيون والمميز بدقة توجيهه، وجهاز منع غلق المكابح ايه بي اس القياسي، وجهاز التحكم بتماسك السيارة إي اس بي، وجهاز التوزيع الإلكتروني لقوة الكبح لكل إطار إي بي دي. ومن ناحية أخرى، لا يمكن إغفال عوامل السلامة الأخرى التي تزيد من تماسك الهيكل مع نفسه ومن تماسكه مع الطريق، خصوصاً أن الجيل الأسبق من ايه 4 تميز بكونه من أكثر سيارات هذه الفئة سلامةً. فالهيكل مزود عوارض معدناً مدمجة بجوانبه، مهمتها رفع الحماية الجانبية لمقصورة الركاب والربط بين جانبي السيارة وأرضيتها من جهة، والجوانب والسقف من جهة أخرى، إضافةً إلى عوارض معدن أخرى تعمل على ربط طرفي المقدم. أما مقصورة الركاب المقواة، فزودت جهاز مقود مع عمود بوصلات متعددة، تمنع المقود من التحرك من مكانه عند حصول اصطدام أمامي. وفي هذه الحال تمتص أرضية السيارة قوة الصدمة وتشتيتها بعيداً من المقصورة. ولزيادة الحماية داخل المقصورة وفرت أودي مجموعة من أكياس الهواء الأمامية والجانبية الأخيرة تحمل تسمية سايد غارد وهي قياسية في الأمام وإضافية في الخلف، مع ستائر هوائية لحماية الأقسام العليا من أجسام الركاب. أما أحزمة الأمان الفاعلة فمزودة نظاماً للشد التدريجي. مقصورة بسيطة وعملانية فور دخولك مقصورة الركاب ينتابك شعور بالراحة، مرده إلى التصميم المبسط للمقصورة، وبالأخص للوحة القيادة. ويزداد هذا الشعور فور نظرك إلى لوحة القيادة التي تشبه، لجهة تصميمها، لوحات قيادة سيارات أودي. فتجويف العدادات يحتوي كل العدادات والمؤشرات الضوئية التي تحتاج اليها لتعرف كل ما يحدث في السيارة. أما الكونسول الأوسط فيضم مفاتيح تشغيل بعض أجهزة السيارة، شأن جهاز الإستماع الموسيقي ومكيف الهواء وجهاز الملاحة. وفي أسفل هذا الكونسول، ومباشرة أمام مقبض علبة التروس، وضعت أودي جهاز التكييف مع مجموعة من المفاتيح المخصصة لتشغيل نظام تدفئة المقاعد الأمامية، وجهاز إزالة الضباب عن الزجاج الخلفي وغيرها. ويبدو موقع تثبيت هذه المفاتيح وجهاز التكييف بعيداً من متناول يد السائق. من جهة أخرى، يبدو أن أودي درست، في عناية، كل التفاصيل الخاصة بمقصورة الركاب. فوضعية الجلوس جيدة جداً، إذ يمكن تحريك المقود والتحكم بوضعية المقاعد الأمامية التي ارتأت أودي أن تكون مشابهةً لمقاعد الباكيت الرياضية التي تلتف حول الجسم وتمنعه من الانزلاق، إضافةً الى منع وصول اهتزازات الطريق اليه. وتسهم المساحات الزجاج الكبيرة التي تلف السيارة من جهاتها الأربع في توفير مجالات رؤية واسعة في كل الإتجاهات. خمسة محركات لسبع فئات ل ايه 4، وفرت أودي خمسة محركات منها اثنان من طراز الديزل العامل على المازوت، يتألف أحدهما من 4 أسطوانات متتالية، سعة 1.9 ليتر، وهو يولد بالتعاون مع جهاز تيربو قوة 130 حصاناً، ترتفع الى 180 مع محرك الديزل الثاني القائم على تقنية الأسطوانات الست، سعة 2.5 ليتر. أما محركات البنزين الثلاثة، فأحدها معروف وهو المحرك نفسه الذي يزود الشقيقة الصغرى ايه 3، وهو من 4 أسطوانات متتالية، سعة 1.8 ليتر، يولد بمساعدة جهاز تيربو قوة 150 حصاناً مع عزم دوران يبلغ 210 نيوتن متر بين 1750 و4600 دورة في الدقيقة. أما المحركان الباقيان والجديدان كلياً، فيتألف الأول من 4 أسطوانات متتالية فئة مطورة من مجموعة محركات إي ايه 827 سعة ليترين، تم تزويده خمسة صمامات لكل أسطوانة ليولد قوة 130 حصاناً عند 5700 دورة في الدقيقة، مع عزم دوران يبلغ حده الأقصى 195 نيوتن متر عند 3300 دورة في الدقيقة، ليتمكن من جر السيارة المندفعة في شكل مستمر عبر عجلاتها الأربع من صفر الى سرعة 100 كلم/س في 9.9 ثانية للفئة المزودة علبة التروس اليدوية و10.2 ثانية للفئة المزودة علبة التروس المتتالية تيبترونيك، ومنها الى سرعة قصوى تبلغ 212 كلم/س 205 كلم/س تيبترونيك. أما محرك السيارة موضوع التجربة، فمن 6 أسطوانات متتالية، سعة 3 ليترات، تقوم على تقنية الصمامات الخمس لكل أسطوانة، مع جهاز بخاخ الكتروني، وهو جديد كلياً. ويمكن هذا المحرك أن يولد قوة 220 حصاناً يستخرج حدها الأقصى عند 6300 دورة في الدقيقة، تتناقص الى 3200 عندما يتعلق الأمر بعزم الدوران البالغ 300 نيوتن متر. ويتمتع هذا المحرك المصنوع من الألومنيوم بمرونة تشغيل عالية، مردها إلى عزم دورانه المرتفع عند دوران مخفوض، الأمر الذي يمكن ايه 4 المزودة هذا المحرك من الانطلاق من حال الوقوف التام الى سرعة 100 كلم/س في 6.9 ثانية، والوصول الى سرعة قصوى تبلغ 245 كلم/س. كأنها سيارة عائلية! تجربة ايه 4 امتدت مسافة طويلة، ضم قسم منها الطرق السريعة، بينما كان الجزء الأكبر منها على الدروب الجبلية الملتوية والمليئة بالمنعطفات. في البداية كان الإنطلاق من المدينة حيث أظهرت السيارة نعومة عمل مميزة في زحمة السير. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن تصميمها وشخصيتها الفريدة يسترعيان الانتباه، فتشعر أنك موضع حسد السائقين الآخرين الذين لا يكفون عن النظر إليك وتأمل سيارتك... وكذلك إلى أن تصميمها يتطلب من السائق التأقلم مع مقاييسها الخارجية لأن رؤية حدود الواجهتين الأمامية والخلفية من مقعده أمر صعب، إلا أن التأقلم لا يتطلب وقتا طويلاً. ومع الوصول الى أطراف المدينة، يبدأ سائق السيارة بالشعور بتناغم وظائفها ونعومة عمل مكوناتها الميكانيكية. ويزداد مع ستلام الطريق السريعة حيث كان السير كثيفاً، الأمر الذي أجبرنا على تخفيف السرعة في شكل اضطراري، مرات، لنلاحظ على الأثر مدى دقة عمل علبة التروس اليدوية ونعومتها، وهي تتميز بقصر نسبها ما يثير الحماسة للانتقال إلى القيادة الرياضية. إلا أن القرار كان بالمحافظة على هدوء الأعصاب والقيادة بترو، ريثما تسمح الظروف بالتحول إلى القيادة الرياضية والتمتع بالموسيقى الصادرة عن جهاز الاستماع الموسيقي المميز بنقاوة صوته، والذي كان الأمر الوحيد القادر على تعكير صفو هدوء تام يسيطر داخل السيارة. ومع انقشاع الزحمة، كانت الفرصة لزيادة السرعة، إذ لم يكن في الإمكان تجاوز حدود ال 200 كلم/س بسبب كثافة السير على الطريق. وهنا لاحظنا مدى تماسك السيارة مع الطريق ومدى سهولة اختراقها الهواء كان الطقس مشمساً مع رياح قوية على السرعات العالية، وبالأخص عند تجاوز الشاحنات الكبيرة، فلم نتمكن من الشعور بقوة الرياح الجانبية إلا في ما ندر. بعد القيادة على الطريق السريعة، كان الانتقال إلى الطرق الجبلية المتعرجة والمليئة بالمنعطفات التي كان عدد منها مفتوحاً ما يمكن من رؤية الطريق ويزيد الحماسة، خصوصاً لمن يريد اختبار السيارة مع نظام الاندفاع الرباعي. ومع التحول إلى القيادة الهجومية، كانت لذة القيادة كبيرة خصوصاً أن علبة التروس وجهازي المقود والمكابح أظهرت فاعلية عالية، في ظل شعور مرتفع بتماسك السيارة مع نفسها ومع الطريق. علبة التروس بفئتيها اليدوية والمتتالية مع اسطبل الأحصنة وعزم الدوران الذي يتوافر على دوران مخفوض، يحولان كل من يجلس خلف مقود ايه 4 سائقاً بقدم يمنى ثقيلة تضغط بقوة على دواسة التسارع التي تؤدي إلى عمل جهاز السمع بفاعلية عالية، خصوصاً في خضم الموسيقى التي كان المحرك يعزفها على دوران عال، بالتعاون مع نظام الاندفاع الرباعي الذي أذهلتنا فاعليته في إلصاق السيارة مع الطريق، فكان من الصعب جداً تعريض السيارة للانزلاق، لنضطر في بعض الأحيان إلى استعمال مكبح اليد لجعلها تنزلق في المنعطفات. وتأكد لنا من جديد أن جهاز المقود يتمتع بدقة توجيه عالية تساعد السائق كثيراً في إعادة السيارة إلى خط سيرها الصحيح، يدعمه جهاز مكابح أظهر بدوره فاعلية عالية على رغم استعماله المتكرر. [email protected]