لم يكن سهلاً وصف حال اللبنانية لبنى زين الدين التي أصبحت في لحظة ثكلى وأرملة، مشغولة بصحة رضيعها الذي جرح بطلق ناري ويخضع للعلاج في المستشفى. فالمصيبة التي حلت بها فجأة، لم يقترفها مجرم محترف أو صاحب سوابق، بل كانت من فعل شريكها في الحياة وأب اطفالها. فالأم التي سارت متشحة بالسواد أمس، في جنازة أطفالها الثلاثة ديالا 8 سنوات وزياد 7 سنوات وميسان 6 سنوات في بلدة الخريبة قضاء الشوف، لم تستطع تمالك نفسها لولا المهدئات، وهي نجت من الموت ليل أول من أمس بعدما استيقظت في التاسعة مساء على دوي طلقات نارية وصراخ أطفالها. ما كادت أن تدخل غرفة أطفالها الذين ضرجوا بدمائهم، حتى وجدت زوجها نبيه محمود الأشقر 42 سنة يطلق النار عليهم. ولم تنبس ببنت شفة حتى صوّب فوهة مسدسه في اتجاهها وهمّ بالضغط على الزناد، لكن المسدس خانه بعدما فرغت رصاصاته. فرّت مستغيثة وهي تصرخ، في شوارع بلدة بطمة، في حين احضر الزوج رشاشاً واطلق النار على نفسه ليضع حداً لحياته، بعدما أنهى حياة أطفاله، وكاد أن ينهي حياة رابعهم وأصغرهم محمود سنة و7 شهور. لكن الرضيع الذي اصيب في بطنه خضع لجراحة في مستشفى "عين وزين" وحاله مستقرة. الحزن والصدمة خيّما على بلدات: بطمة حيث تقيم العائلة، والمختارة حيث يتعلم الأطفال، والخريبة مسقط الوالد التي لم تقم له أمس مأتماً بل دفنته فوراً، واتشحت حزناً على الأطفال الثلاثة، وسارت في شوارعها جنازة رسمية حُملت فيها ثلاثة نعوش بيض، تبعها بكاء بعض رفاق المدرسة التي أقفلت حداداً، ونحيب الأم الثكلى. أبناء المنطقة لم يدركوا تماماً أسباب الجريمة التي ارتكبها الأب، وبدوا مصابين بنوع من الذهول والارباك وبصدمة كبيرة، بخاصة في بطمة التي قال بعض أبنائها إنها هادئة، وان الجاني ليس منها. وكذلك ابناء الخريبة لم يعرفوا شيئاً، إذ لم يكن مقيماً فيها. ولم يدلِ عناصر مخفر المختارة الذين سمعوا افادة الزوجة بأي معلومات، لكن مصادر قضائية رفيعة المستوى قالت ل"الحياة" إن التحقيقات الأولية "أظهرت ان الأب مصاب بمرض عصبي ويتابع علاجاً، وان نوبة عصبية ألمت به وأدت إلى هذه النتيجة"، مرجحة ان يكون "تخلف عن تناول أدويته ففقد السيطرة على أعصابه". وأكدت أن "علاقته العائلية جيدة، ولا توجد أي شكوك حوله اطلاقاً". وإذ وصف أحد أبناء بطمة الحال المادية للعائلة بأنها "جيدة"، قال ل"الحياة" شخص من آل زين الدين يعرفه إنه "يعاني بعض الاضطرابات العصبية، لكنه لم يكن مؤذياً، ولم يكن يقدم على أي تصرف يسيء إلى عائلته حين يصاب بنوبة عصبية". وزاد انه "كان رقيباً أول في الجيش وتقاعد العام الماضي".