من خلال عمل سينمائي واحد، استطاعت الفنانة الشابة مايا شيحا 19 سنة أن تثبت نفسها في الساحة السينمائية المصرية. وعلى رغم أنها الشقيقة الصغرى للفنانات الشابات حلا وهنا ورشا شيحا، بنات الفنان التشكيلي المصري أحمد شيحا، إلا أنها لم تتأثر بأداء واحدة منهن، واستطاعت أن تجسد دور الفتاة المراهقة "ياسمين" في فيلم المخرج المتميز مجدي أحمد علي الأخير "أسرار البنات" في شكل شاعري ومرهف. "الحياة" التقت مايا شيحا وسألتها عن كيفية اختيارها لبطولة "أسرار البنات" فقالت انه تم ترشيح شقيقتها الكبرى حلا لتأدية هذا الدور لكن سنها لم تكن مناسبة "لذا رشحتني الى المخرج المبدع مجدي أحمد علي، فبطلة الفيلم كان يجب أن تكون في المرحلة الإعدادية، وكنت أنا الأقرب سناً لهذا العمر، ولا أنكر أنني تخوفت حين عرضت عليّ شقيقتي الأمر، ولكنني قبلت في النهاية، لأن لعبة الفن استهوتني كما استهوت شقيقاتي، وكنت أعرف أنني لو مثلت سأكون ممثلة جيدة، لأننا تربينا ونشأنا في بيئة فنية تماماً، فوالدي فنان تشكيلي معروف، وشقيقتي الكبرى حلا كانت أول من بدأ المشوار مع الفن السابع وبنجاح، ثم توالت بدايتنا، هنا ثم رشا ثم أنا، وكنت وأنا صغيرة "كوميديانة" العائلة، أضحك من كل شيء وأسخر من كل شيء، ولكن حين قرأت سيناريو الفيلم كاملاً تولدت في داخلي هواجس لم أكن أضعها في الحسبان، خفت من أن يكون تناول المخرج للمشاهد الحميمة التي تجمع البطلة وحبيبها مبتذلة أو من نوع الإغراء الصريح، وبالمصادفة البحتة عرض التلفزيون يوم قراءتي لسيناريو فيلم "أسرار البنات" فيلماً آخر للمخرج مجدي أحمد علي وهو "يا دنيا يا غرامي"، وحين شاهدته أعطيت موافقتي الفورية على العمل، لأنني تأكدت أن هذا المخرج ليس من المخرجين الذين يتاجرون بمشاهد الإغراء من دون داعٍ، وأدركت أنني أعمل مع مخرج أمين وحساس وشاعري". ولكن كيف استطعت وأنت الشابة الصغيرة تجسيد معاناة بطلة الفيلم بهذا الشكل الحساس والصامت، إذ كان الاهتمام الأكبر بانطباعات وجهك وليس بالحوار؟ - في أدائي لهذه الشخصية كان لي أكثر من موجه وأكثر من معلم، وعلى رأسهم المخرج وشقيقاتي وأفراد أسرتي، وربما كان أصعب مشاهد الفيلم هو مشهد الولادة، إذ كان عليّ أن أجسد معاناة هذه الفتاة وهي تلد طفلها خلسة في دورة المياه، من دون أن تهمس بأي صوت كي لا يستيقظ النائمون، وكانت تعليمات المخرج لي بأن أنفذ هذا المشهد تحديداً من دون آهة واحدة، أي بمعاناتي التي تظهر على ملامحي فقط، وكذلك حرص مجدي أحمد علي على تصوير هذا المشهد في شكل يبرز معاناة هذه الفتاة ويجسدها، وهو ما جعلني أترك نفسي تماماً لتوجيهات المخرج، لأنه كان حريصاً أيضاً على سماع رؤيتي للأحداث ولانطباعاتي عن مأساة بطلة الفيلم. وكيف تصفين شعورك حين شاهدت الفيلم للمرة الأولى؟ - شاهدته للمرة الأولى خلال العرض الخاص بالنقاد والصحافيين، وربما تستغرب ما حدث، فقد أصابتني حال من الضحك والسخرية من شكلي في الفيلم على رغم أن جميع الحاضرين كانوا يشاهدون الفيلم وهم في حال من الشجن والتأثر بأحداث "أسرار البنات"، وبدأت أتنقل بين مقاعد عائلتي في دار العرض في شكل عصبي، وكأنني أنتظر آراء الناس، ولكن حين شاهدت الفيلم بعد ذلك مرات عدة، بدأت أستوعب رسالة المخرج وأيقنت كم كان تعامله شاعرياً ومرهفاً. بعد عرض "أسرار البنات" قررت الاعتزال وارتداء الحجاب، ثم فوجئنا بك تنفين هذا القرار وتعودين مرة أخرى إلى عالم الفن، فما هي الحكاية بالضبط؟ - لم أعتزل الفن، وأرى أن مسألة الدين هي شيء شخصي بيني وبين الله عز وجل، وحين يشاء أن أرتدي الحجاب سأفعل. ولكنك ظهرت في بعض الصحف مرتدية الحجاب وقلت إنك اعتزلت العمل الفني تماماً؟ - لا أنكر أنني في وقت ما كنت قريبة جداً من أمور ديني، وهذه الفترة أثرت جداً في نظرتي الى الحياة والناس وعملي في الفن، وشعرت بعدها أنني أصبحت أكثر نضجاً وتعقلاً، لأن الدين معاملة في النهاية، ولا يعني كلامي هذا أنني ضد الحجاب. أشعر أنك شخصية مغايرة ومختلفة تماماً عن شخصية "ياسمين" التي جسدتيها في فيلمك الوحيد "أسرار البنات". كيف ولدت هذه الشخصية الهادئة من داخل شخصيتك الحقيقية هذه؟ - شخصيتي في الفيلم هي الشخصية الكامنة بداخلي، والتي ما كانت لتظهر لولا هذا العمل، فإذا كانت ياسمين هادئة ورومانسية ومطيعة، فأنا على العكس تماماً نشيطة وعصبية ومترددة، وربما استطعت تجسيد ياسمين بنجاح فقط لأنها النقيض مني تماماً، وأقول هذا بكل تواضع، لأنه الدور الأول لي وهو ما سهل مهمتي الفنية.