الحديث الذي جرى بين الرئىس اليمني علي عبدالله صالح والكاتب الألماني غونتر غراس، قد يكون اطرف حديث يجرى بين رئيس جمهورية وكاتب. اصر الكاتب الفائز بجائزة نوبل، قبل تسلمه الوسام الرفيع الذي منحه اياه الرئىس اليمني امس، على ان يثير قضية الكاتب اليمني الذي منع كتابه وطرد من اليمن قبل اشهر ويقصد الكاتب وجدي الأهدل. لكن الرئيس الذي شاء ان يحتفي بالكاتب الألماني الذي يحل ضيفاً على اليمن في مؤتمر "في البدء كان الحوار" 4 - 12 كانون الاول - ديسمبر، اثار معه قضية الروائي اليمني الشاب، معتبراً ان الدولة لم تطرده وانما غادر هو خوفاً من القوى التي اعترضت على روايته. وأشار الى ان الكاتب يجب ألاّ يخاف أي أمر مماثل، بل عليه ان يثبت وجهة نظره إزاء قرائه، وقال: "الروائي الشاب يستطيع ان يعود حين يشاء وعليه ان يعود". اما غونتر غراس الذي سأل أمام الرئىس والوفد الالماني والعربي المشارك في المؤتمر عن قضية المحاكمة والتحقيق مع الروائي فقال: "لو كنت محامياً وأتقن العربية لدافعت عن هذا الروائي من دون شك". لكن الحوار لم ينتهِ عند هذه القضية اذ اقترح غراس فكرة عقد مؤتمر بين الدول الثلاث التي عانت مأزق الانفصال، وهي المانيا واليمن وكوريا، لمناقشة القضايا التي ترتبت عن حال الانفصال. ورحب علي صالح بفكرة غراس ايما ترحيب، قائلاً انه مدعو الى كوريا الشمالية لالقاء محاضرة عن تجربة الوحدة اليمنية. كان في امكان غونتر غراس ألاّ يثير مثل هذه القضايا الشائكة في حفلة الاستقبال في القصر الجمهوري، وإثر منحه وسام الاستحقاق اليمني من الدرجة الاولى، لكنه كاتب يعتبر نفسه "مواطناً" قبل ان يكون أكبر كاتب ألماني معاصر. كان في امكانه ايضاً ان يكتفي بالتكريم الرائع الذي خصه به اليمن رسمياً وشعبياً وثقافياً، اذ حمل المؤتمر اسمه، لكنه، كما بدا، كاتب ملتزم في المفهوم الانساني للالتزام وليس في المفهوم السياسي الضيق، ولم يستطع ان يحصل على الوسام قبل ان يثير ما أثار بجرأة غير معهودة. أما مؤتمر "في البدء كان الحوار" الذي ينظمه مركز الدراسات والبحوث اليمني في صنعاء، فكان انطلق قبل ظهر امس في حفلة افتتاح تكلم فيها الشاعر والاكاديمي عبدالعزيز المقالح رئىس المركز قائلاً: "لا غرب بلا شرق يؤسس الحضارة الانسانية، ولا شرق بلا غرب يواصل البناء على الأسس الأولى". وتحدث ايضاً المستشار السياسي لرئىس الجمهورية عبدالكريم الارياني. ولم تقتصر الحفلة على الكلمات بل تحولت احتفالاً شعرياً وموسيقياً وغنائياً. وألقى غراس قصائد، وقرأت الفنانة نضال الأشقر ترجماتها العربية في أداء ممسرح، رافقها فيه على العود الفنان خالد العبدالله. وأدت الفنانة سحر طه قصيدة لغونتر غراس لحنها الفنان اليمني مراد العقربي، ورافقها على العود، فيما رافقتها على الناي المستشرقة الألمانية كلوديا آوت. اما ضيف الافتتاح فكان الشاعر محمود درويش، الذي ألقى مختارات من قصائده الجديدة والقديمة، وقرأت ترجمتها الالمانية كلوديا آوت. وافتتح الشاعر أدونيس أمس الجلسة الحوارية الاولى من المؤتمر والى جانبه غراس والمقالح.