لا تزال الأوساط السياسية والحزبية وأوساط المعارضة اليمنية تحديداً تحت وطأة الصدمة نتيجة اغتيال أبرز زعماء المعارضة السيد جارالله عمر، الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني، الذي سيشيّع يوم الأربعاء المقبل في صنعاء ويوارى في مقبرة الشهداء. وبدا الحزب الاشتراكي في حال ذهول، فيما جهد التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي المعارض لتفويت الفرصة على الحكم باستغلال الحادث لشق تحالفه مع الاشتراكي وأحزاب المعارضة في إطار "أحزاب اللقاء المشترك"، كما دافع عن جامعة الايمان الدينية، محاولاً اثبات أن قاتل جارالله عمر، المدعو علي أحمد جارالله، ليس طالباً فيها، وإنما كان فيها قبل سبع سنوات وفصل بسبب تشدده وميله الى العنف، وهو ما أعلنه الشيخ عبدالمجيد الزنداني رئيس مجلس شورى "الإصلاح" ومؤسس "جامعة الايمان" وراعيها، في تصريحات صحافية وزعها "الإصلاح" أمس. على رغم أن الزنداني قرر عدم التعاطي مع الصحافة منذ أحداث 11 أيلول سبتمبر العام الماضي. وتمكن "الإصلاح" من الحفاظ على تحالفه مع "الاشتراكي" بعد استجواب القاتل علي جارالله في منزل زعيمه الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر أمام زعماء المعارضة، وكان الهدف تفويت أي فرصة لاستغلال الحادث داخل المؤتمر العام ل"الإصلاح" ممن وصفهم زعماء في "الإصلاح" ب"متضررين" من تحالف المعارضة. وبعث الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، الذي أمر بدفن جثمان جارالله عمر في مقبرة الشهداء، برقيتي عزاء الى اسرة الفقيد والحزب الاشتراكي قيادة وقواعد وأنصاراً، ودان فيها التطرف والإرهاب وممارسة العنف لفرض الرؤى والأفكار الهدامة معتبراً انها "الدافع" لاغتيال جارالله عمر أثناء انعقاد الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العام ل"الإصلاح"، ووصف الفقيد بأنه "ضحية التعبئة الخاطئة والتعصب الأعمى الذي أودى بحياة أحد القيادات الحزبية اليمنية البارزة"، وقال ان "هذه الجريمة وهذا السلوك لن يثنيا شعبنا وقواه الوطنية عن المضي قدماً في ترسيخ الديموقراطية والحرية والعدالة". ويرى مراقبون في صنعاء بأن اغتيال جارالله عمر يعد خسارة كبيرة للحزب الاشتراكي وقوى المعارضة اليمنية وفائدة كبيرة لخصومه على الساحة السياسية، نظراً إلى الأدوار السياسية والحزبية المهمة التي لعبها جارالله عمر طوال حياته السياسية في تقوية نفوذ "الاشتراكي" سياسياً وثقافياً وشعبياً في جنوب اليمن قبل الوحدة وتوسيع دائرة أنصاره وأتباعه في الشمال، وما لعبه من أدوار بعد الوحدة اليمنية عام 1990 وإعادة ترتيب أوضاع الحزب الاشتراكي في جهة المعارضة بعد عودته الى اليمن عام 1998 بعد غيابه في القاهرة اثر حرب الانفصال عام 1994، وكان دوره كبيراً في انشاء تحالف بين أحزاب المعارضة الحليفة للاشتراكي وخصمه التقليدي التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي. إلى ذلك، استأنف تجمع الإصلاح مؤتمره العام الثالث الذي تعطل أول من أمس نتيجة اغتيال جارالله عمر، وأعاد انتخاب الشيخ عبدالله الأحمر زعيماً له والشيخ ياسين عبدالعزيز نائباً له. ويتوقع أن يعاد انتخاب محمد اليدومي أميناً عاماً، والأخير نفى أخبار استدعائه للتحقيق معه من النيابة العامة نتيجة دوره في رفض تولس وزارة الداخلية أمن قاعة المؤتمر العام. وأكد اليدومي ل"الحياة" أنه مستعد للتحقيق إذا طلب منه ذلك، وأن الذين يتحدثون عن استدعائه "مسؤولون في الحكومة أعرفهم وأعرف نياتهم وأهدافهم". وطالب المكتب السياسي للحزب الاشتراكي النيابة العامة بكشف نتائج التحقيق مع القاتل علي جارالله أولاً بأول للرأي العام. وقرر استقبال المعزين في مقر اللجنة المركزية في صنعاء وفروعها في كل المحافظات اليمنية. وكان المكتب السياسي وصف اغتيال جارالله عمر بأنه "اغتيال سياسي وعمل إرهابي"، وطالب بالكشف عن الجهات التي تقف وراءه. من جهة أخرى، وافق مجلس النواب اليمني أمس على مذكرة من الحكومة تتعلق بالإرهاب وانعكاساته على اليمن وتطلب مناقشة الموضوع في المجلس. ويشير التقرير، الذي أرفقته الحكومة برسالتها، الى خطوات مكافحة الإرهاب والحوادث الإرهابية التي شهدها اليمن خلال السنوات الماضية وما ألحقته من أضرار اقتصادية وأمنية بالبلد وبمركزه الدولي وسمعة شعبه. ويهدف تقرير الحكومة إلى كسب دعم مجلس النواب وتأكيد مشروعية الاجراءات التي تتخذها الحكومة لمكافحة الإرهاب وتوضيح طبيعة التعاون اليمني مع دول العالم في هذا المجال.