رفضت إيران أمس الاتهامات الأميركية بأنها تطور برنامجًا سريًا للأسلحة النووية، وأبدت استعدادها لفتح منشآتها أمام المفتشين الدوليين فيما تجاهلت كوريا الشمالية تحذيرات المجتمع الدولي من استئناف برنامجها النووي المجمد منذ ثماني سنوات، وطلبت من مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة نزع الاختام والكاميرات من محطاتها النووية تمهيدًا لاستئناف نشاطها. طهران، بيونغيانغ، فيينا، واشنطن - "الحياة"، رويترز، أ ف ب - دفعت إيران مجددًا عن نفسها تهمة امتلاك برنامج نووي عسكري نافية معلومات ذكرتها وسائل إعلام أميركية أشارت إلى بناء مفاعلين سريين للتزود بأسلحة نووية. وقال الناطق باسم الحكومة الإيرانية عبدالله رمضان زاده "ليست لدينا أي نشاطات غير خاضعة لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لا توجد أسرار، فهم يعرفون كل شيء وفي إمكانهم زيارة كل المواقع"، وذلك ردًا على تصريحات لمسؤولين أميركيين قالوا فيها إن برنامج طهران للأسلحة النووية خطا خطوة مثيرة للقلق نحو الأمام ببناء محطتين نوويتين كبيرتين. وأوضحوا أن منشأتين نوويتين إحداهما قرب بلدة ناتانز والأخرى قرب بلدة عراق شوهدتا في صور لأقمار اصطناعية تجارية التقطت في أيلول سبتمبر الماضي. وأضافوا أن تلك المنشآت من نوع يشير إلى أن إيران قد تستخدمها لبناء سلاح نووي. وما يعزز الشكوك الأميركية، الإعلان عن دراسة جدوى حول إمكان إقامة مفاعل نووي بقوة 1000 ميغاوات قرب ذلك الجاري تشييده في بوشهر جنوب. ويثير الكشف عن هذه المنشآت تحديًا جديدًا للرئيس جورج بوش أثناء محاولته وقف برنامج كوريا الشمالية للأسلحة النووية إضافة إلى ما ترى واشنطن أنها محاولات لبناء سلاح نووي في العراق. ووصف بوش إيرانوالعراقوكوريا الشمالية بأنها "محور الشر". لكن المسؤولين الإيرانيين رفضوا هذه التقارير بصفتها "دعاية أميركية" وأصروا على أن الهيئات الدولية أُبلغت ببرنامجها النووي. وقال رمضان زاده: "تعلم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنشطتنا النووية واستخدام المواد النووية هي إما للأبحاث الكيماوية أو الدوائية. في وسعهم زيارة أي مكان في إيران أخطرناهم به أو لديهم معلومات عنه". وأكد أن المحطتين لا تشكلان خطرًا، مشيرًا إلى أن المحطة الواقعة قرب ناتانز تهدف إلى إجراء أبحاث في النشاط الاشعاعي و"فور انتهائها ستقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارتها". ومن جهته، قال الناطق باسم الخارجية حميد رضا آصفي إن "هدف إيران في ما يتعلق بهذه المسألة واضح تمامًا وشفاف وسلمي وموافق للمعاهدات الدولية". وأوضح أن برنامج إيران للطاقة النووية "أقرته مرارًا الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران تعتقد بأن لها الحق في استخدامه للأغراض السلمية". وفي نيويورك قال مسؤول للأمم المتحدة إن طهران أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومقرها فيينا أنهما "منشأتان جديدتان متصلتان ببرامجها النووية المدنية". وأضاف المسؤول الذي طلب ألا ينشر اسمه أن الوكالة طلبت مزيدًا من المعلومات والسماح لها بجولة في الموقع لكن "حتى الآن لم توجه إلينا دعوة لزيارة الموقع". وفي فيينا، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها تعلم بوجود منشآت نووية إيرانية قيد الإنشاء وأنها تنوي تفتيشها في شباط فبراير المقبل، وأنه ليس في وسعها تحديد الغرض من هذه المواقع إلى أن تقوم بعمليات التفتيش. وقال الناطق باسم الوكالة مارك جوزديكي إن إيران أبلغت الوكالة في أيلول الماضي بخطة طموحة لبناء محطات للطاقة النووية ومنشآت وقود ذات صلة على السنوات ال20 المقبلة. وأوضح أن إيران لم تقدم للوكالة تفاصيل الخطة ولا الغرض من إنشاء المحطتين، وأنها دعت الوكالة لإرسال فريق من المفتشين برئاسة المدير العام للوكالة. لكنه أشار إلى أن الوكالة لم ترصد أي تحول في استخدامات المواد النووية "المعلنة في إيران والموضوعة تحت إشرافنا". ويعتبر خبراء أنه حتى لو اتضح أن المنشأتين الإيرانيتين هما لمعالجة الماء الثقيل وتخصيب الوقود فهذا قد يشير إما إلى برنامج للطاقة النووية أو برنامج لتطوير الأسلحة النووية. وتطور إيران صواريخ ذاتية الدفع متوسطة المدى يقول خبراء إنها قادرة على ضرب إسرائيل. وتوترت علاقات الولاياتالمتحدة مع روسيا في شأن مساعدتها لإيران في بناء محطة للطاقة النووية في بوشهر على ساحل الخليج. وأدى تسليم الجزء الأول من المفاعل الذي يتوقع بدء العمل فيه في حزيران يونيو 2004 إلى زيادة قلق الأميركيين. وتنوي موسكووطهران زيادة مفاعلين إلى محطة بوشهر كما تدرسان إقامة محطة أخرى في الأهواز غرب. كوريا الشمالية من جهتها، أبدت كوريا الشمالية تصميمها على تنفيذ تهديدها باستئناف برنامجها النووي على رغم ردود الفعل القلقة التي أثارها إعلانها أول من أمس عن إعادة تشغيل مفاعلاتها "على الفور". وطلبت بيونغيانغ من مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة نزع الأختام والكاميرات من محطاتها النووية والتي وُضعت بهدف التأكد من التزامها اتفاق تجميد البرامج النووية الموقع في 1994 مع الولاياتالمتحدة. وأكد رئيس الوكالة محمد البرادعي في فيينا تلقي رسالة تتضمن هذا الطلب. ودعا بيونغيانغ إلى التحلي بضبط النفس والامتناع عن اتخاذ تدابير من جانب واحد قد تجعل من الصعب على الوكالة مواصلة مراقبتها الدقيقة للمواد النووية الخاضعة لإجراءات المراقبة الدولية. ويتيح رفع أختام الوكالة الدولية للطاقة الذرية لكوريا الشمالية الحصول على ثمانية آلاف قضيب من الوقود المشع يمكن استخراج البلوتونيوم منها لصنع قنبلة ذرية. واعتبرت سيول القرار محاولة يائسة لإعادة الولاياتالمتحدة إلى طاولة المفاوضات وجعلها تعود عن قرار تعليق توفير الكمية المتفق عليها من مادة الفيول لضمان إنتاج الكهرباء من مصادر غير نووية. لكن واشنطن وصفت قرار بيونغيانغ بأنه "مؤسف"، وقالت إن كوريا الشمالية لن تنجح في إبتزازها. وأكد البيت الأبيض "لن نساوم ولن نقدم لكوريا الشمالية حوافز لكي تحترم الاتفاقات التي وقعتها". لكن ريتشارد آرميتاج، نائب وزير الخارجية الأميركي الذي أنهى أمس جولة في آسيا، أعرب عن تفاؤله في شأن فرص إقناع كوريا الشمالية بالعدول عن استئناف برنامجها النووي. وقال إن "دول المنطقة، وهي روسيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية، تتفق معنا على ضرورة إيجاد وسيلة لنزع الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية". وأعربت موسكو عن قلقها لرفض كوريا الشمالية تجميد برامجها النووية، ودعت إلى حل المشكلة من طريق الحوار. وشددت الخارجية الروسية على ضرورة فرض رقابة صارمة على منع انتشار الأسلحة النووية وتطبيق الاتفاقات الموقعة في شأن إخلاء شبه الجزيرة الكورية من أسلحة الدمار الشامل. ودعت الأطراف المعنية إلى حل المشكلة عبر الاتفاقات الموقعة في هذا الشأن. ويشكل الإعلان عن إعادة تشغيل المفاعلات المرحلة الأخيرة من المواجهة في شأن الملف النووي بين إدارة بوش وبيونغيانغ منذ شهرين عندما أعلنت الولاياتالمتحدة أن بيونغيانغ اعترفت بأنها واصلت برنامجها العسكري سرًا، على رغم اتفاق 1994، وأقدمت واشنطن بناء على ذلك على تعليق تزويد بيونغيانغ بالفيول الذي يؤمن لها خمس حاجتها من الكهرباء.