لندن - "الحياة" ألقت الأزمة العراقية بظلها على ندوة مهمة عن "النفط في الخليج والسياسات الدولية ومستقبل أمن الطاقة في الشرق الأوسط". وتفاوتت السيناريوهات التي توقعها المتحدثون بين احتمال توقف امدادات النفط العراقي لفترة وكذلك عدم استقرار في السوق النفطية والارتفاع الحاد والمؤقت في الأسعار اذا ما نشبت حرب العراق. أبرزت الندوة التي نظمها المعهد الملكي للدراسات الدفاعية المعروف باسم "روسي"، وهو مركز ابحاث متخصص ترعاه الحكومة البريطانية، انه على رغم اهتمام الغرب الكبير بمنطقة الخليج واعتماده الرئيس على النفط فيها إلا أن العلاقات التقليدية والتاريخية الوثيقة لدول المنطقة مع العالم الغربي تحقق الفائدة للجانبين وتتعدى النفط. وتحدث مدير "روسى" الأميرال ريتشاردكو بولد عن اهتمام العالم كله بضمان امدادات الطاقة وضمان ذلك على ضوء الأزمة العراقية، ومدى تأثيرات الفترات الصعبة الحالية على العلاقات مع دول المنطقة بعد أحداث 11 ايلول سبتمبر. وتناول هيرمان فرانسين، مدير شركة "بتروليوم ايكو توميكس"، موضوع "اقتصادات النفط الاميركية" فنبّه إلى انه اذا ما لم تخفض منظمة "أوبك"انتاجها في اجتماعها اليوم في فيينا وواصلت انتاج 26.4 مليون برميل يومياً فإن احتياطات النفط الغربية سترتفع الى 45،2 بليون برميل مطلع الربيع المقبل. وهو معدل مرتفع من الناحية التاريخية وقد يؤدي الى زيادة انخفاض اسعار النفط، في حال لم تنشب الحرب ضد العراق. أما اذا وقعت الحرب فإن الاحتياط الاضافي "سيؤمن حماية اضافية وكذلك الوقت أمام وكالة الطاقة الدولية لكي تتصرف إزاء توقف امدادات النفط". وأكد أن دور النفط في الاقتصاد العالمي أصبح أقل في الأعوام الأخيرة، مما يوضح عدم التأثر الكبير "بصدمات اسعار النفط" الحقيقية الراسخة. واتفق اكثر من متحدث خلال الندوة مع الرأي القائل بأن الطلب العالمي على النفط سيتضاءل خلال عام 2002 - 2003 نتيجة سياسات منظمة "أوبك" الأخيرة. ولذلك فإن السعر المتوقع لبرميل النفط سيكون 26 دولاراً، وعلى اسوأ تقدير فإن متوسط السعر قد يصل الى 40 أو 60 دولاراً للبرميل عام 2004 اذا ما أدت الحرب الى توقف رئيس في امدادات النفط العراقية وغيرها. وبين المتحدثين في المؤتمر الذي اختتم أعماله جوزيف بارنز، الباحث في "معهد جيمس بيكر للسياسات العامة" الذي تناولت كلمته "الغرب ونفط الخليج واستقرار المنطقة وأمنها واستراتيجياتها"، والذي نبّه إلى ان الولاياتالمتحدة قامت بعملية اعادة تقويم مستمرة لاعتمادها على نفط الشرق الأوسط بعد احداث 11 ايلول، وإلى ان السعودية ستظل تلعب دوراً حاسماً في اسواق النفط العالمية حتى ولو لم تصدر افتراضاً برميلاً واحداً من النفط الى الولاياتالمتحدة. وبرر ذلك بأن احتياطاتها النفطية بلغت العام الماضي 264 بليون برميل، بينما بلغ احتياط العراق 112 بليوناً، وفنزويلا 78 بليوناً وروسيا 48 بليوناً واميركا 22 بليون برميل. كما لدى السعودية قدرات إنتاج تصميمية متاحة تقدّر بنحو 2.4 - 2.9 مليون برميل يومياً، واكد بارنز ان هذه الحقيقة توضح "العلاقة الخاصة" بين السعودية واميركا. وتوقع أن يؤدي العمل العسكري الاميركي المحتمل ضد العراق الى تأثير درامي على اسواق النفط العالمية، وارتفاع كبير في سعر النفط يستمر لفترة طويلة اذا ما طالت الحرب وأدت الى نتائج عكسية. وناقش المؤتمر ايضاً الاعتماد المستمر للغرب على نفط الخليج والتطورات المقبلة بخاصة ما سمي "عامل العراق" وكذلك امكان اعادة رسم خريطة الطاقة وتنويع مصادرها من خلال الاهتمام بصادرات نفط روسيا، ومنطقة آسيا الوسطى وبحر قزوين.