يستمر مهرجان استوكهولم الدولي للافلام السينمائية بتسليط الضوء على الحضارات البعيدة. فبعد ان تميز مهرجان العام الماضي بعدد كبير من افلام الهند بولييود تسلط اضواء المهرجان الثالث عشر الذي ينطلق في الرابع عشر من تشرين الثاني نوفمبر الجاري ويستمر حتى الرابع والعشرين منه على الافلام اللاتينية التي تتميز بحضور واسع في المهرجان الذي سيعرض خلاله نحو 140 فيلماً من 40 دولة من بينها 100 فيلم تعرض للمرة الاولى. يفتتح المهرجان بالفيلم المكسيكي "فريدا" الذي تلعب دور البطولة فيه الممثلة المكسيكية سلمى حايك، ويتمحور حول حياة الرسامة المكسيكية فريدا كاهلو وعلاقتها بزوجها الرسام ديغو ريفيرا، وبالرسم. وفريدا هي التي قالت يوماً انها عانت من "حادثين في حياتي، الاول حادث اصطدام الباص والحادث الثاني كان ديغو شخصياً". فحادث اصطدام الباص الذي حصل عندما كانت في سن الثامنة عشرة تسبب بحرمانها من الاولاد طوال حياتها، اما حادث ارتباطها بزوجها ديغو ريفيرا فكان له اثر سلبي كبير في حياتها. فهما تزوجا ثم انفصلا ثم تزوجا، وكان لريفيرا علاقات غرامية متعددة من بينها علاقة بشقيقة فريدا، كريستينا. كما ان فريدا تطرفت في علاقاتها الغرامية التي شملت عدداً من الرجال والنساء معاً من بينهم الروسي ليو تروتسكي. يحكي الفيلم عن تلك التفاصيل الحرجة في حياة فريدا، ومن اجل نقل المشاهد الى البيئة الطبيعية التي تواجدت فيها فريدا، تم تصوير كل مشاهد الفيلم سنة 2001 في المكسيك، كما تستخدم الممثلة حايك ملابس شبيهة بملابس فريدا وتكبر حاجبيها كي تصبح اكثر شبهاً بها وحتى الكلب الذي يرافق الممثلة سلمى حايك والممثل الفرد موليناس طوال فترة الفيلم هو من عائلة الكلب نفسه الذي كان بصحبة فريدا وريفيرا. معلوم ان الممثلة سلمى حايك ابدت رغبة كبيرة منذ وقت طويل في تمثيل دور فريدا وعندما تقدمت بالطلب سنة 1993 حصلت على جواب انها لا تزال صغيرة في عالم التمثيل ويجب عليها الانتظار قليلاً. تعود الآن حايك لتلعب الدور الذي تمنته منذ وقت طويل. أيلول وكما كان متوقعاً تحتل احداث 11 ايلول سبتمبر مكانة واسعة في مهرجان الافلام اذ يعرض فيلم "1-9-11" الذي يتألف من 11 فيلماً مدة الفيلم الواحد 11 دقيقة و9 ثوان ومشهد واحد. وهي ارقام رمزية لاحداث 11 ايلول. معلوم انه بعد ان حصلت الهجمات على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك تأثرت الكثير من الافلام التي كانت تصنع وقتذاك. فيلم الرجل العنكبوت اعيد مونتاجه وافلام اخرى اجبر مخرجوها على حذف مشاهد لبرجي مركز التجارة العالمي. وقتها ولدت فكرة عند المنتج آلان بريغاندس ان يوزع مبلغ 400 الف دولار على 11 مخرجاً من دول مختلفة ليعطي كل مخرج نظرته الشخصية الى احداث 11 ايلول في الدولة التي وجد فيها. ومن بين المخرجين الذين شاركوا في المشروع المصري يوسف شاهين بفيلم "القدر الآخر". يحكي فيلم شاهين عن مخرج عائد للتو من عمل انتاجي بالقرب من برجي التجارة العالمي في نيويورك ويفتح نقاشاً مع اثنين كانا من الاموات ولكنهما قاما مجدداً من البحر. الاول جندي اميركي يجد حبه الاول في بيروت حيث يموت والثاني شاب استشهادي فلسطيني. ولكن شاهين يركز في فيلمه القصير على فترة دراسته في معهد أميركي. ومن المخرجين الآخرين المشتركين في مشروع 11 ايلول هناك المخرجة الايرانية سميرة مخملباف التي تحاول اقناع اطفال افغان يدرسون في مدرسة في مخيم للجوء في ايران، بأن يقفوا دقيقة صمت على ارواح ضحايا 11 ايلول. والمخرج الاسرائيلي اموس غيتاي الذي يقدم فيلماً يتمحور حول مراسلة للتلفزيون الاسرائيلي تتمكن من تصوير عملية استشهادي فلسطيني ولكن قسم التحرير يوقف بث تقريرها بسبب احداث 11 ايلول وتدب المشكلات بين الصحافيين. تكريم جوسفسون يتميز مهرجان العام بتكريم احد اهم وجوه السينما السويدية والعالمية الممثل ارلاند جوسفسون الذي رافق المخرج السويدي انغمار برغمان منذ انطلاقته. ويخصص القيمون على المهرجان مجموعة افلام اشترك فيها جوسفسون يعاد عرضها مجدداً تكريماً له ولأعماله. فهو يقول: "اول دور قمت به مع انغمار برغمان كان في فيلم "انها تمطر على حبنا" سنة 1946، اذ حصلت على دور لا تتجاوز مدته الدقيقة الواحدة كما انه لا يظهر مني الا ظهري". ولكن بعد تلك الدقيقة لمع نجم جوسفسون الذي شارك في اكثر افلام برغمان وأهمها. كما انه اصبح من المع نجوم المسرح السويدي. وإضافة الى تكريم جوسفسون يلقي المهرجان الضوء على بعض الافلام السويدية والفرنسية والآسيوية. والى جانب الافلام المشتركة من القارات الخمس يقدم القيمون على المهرجان حلقات دراسية ومناقشات حول السينما العالمية ودورها في زمن العولمة والتواصل بين الحضارات المختلفة لانتاج الافلام. ويلاحظ ان مهرجان العام يحتل عدداً اكبر من دور السينما في العاصمة السويدية استوكهولم، اذ بعدما كانت المهرجانات السابقة تقتصر على قاعات العرض في وسط العاصمة، تمتد خلال هذا المهرجان لتشمل قاعات سينما خارج وسط العاصمة وفي الضواحي.