واشنطن - "الحياة" - حقق الرئيس الاميركي جورج بوش انتصاراً تاريخياً في الانتخابات الاشتراعية النصفية، بعدما مكن حزبه الجمهوري من السيطرة على الكونغرس بمجلسيه، ليفرض بذلك برنامجه الخاص في ما يتعلق بقضايا عدة، أبرزها استحداث وزارة للامن الداخلي وإقرار خفوضات ضرائبية عميقة. ورأى مراقبون ان نتيجة الانتخابات ستعزز وضع البيت الأبيض في التفاوض مع الحلفاء والمواجهة مع الخصوم. وتوقعوا ان يوظف فريق بوش الانتصار الانتخابي للسير قدماً في الخيارات التي بلورها بعد هجمات 11 ايلول سبتمبر واهمها "الحرب على الارهاب" والسعي الى اطاحة نظام الرئيس صدام حسين وان استلزمت قرارات صعبة. واعرب المراقبون عن اعتقادهم ان النتائج التي قد تزيد حظوظ بوش في ولاية ثانية قد تدفع كثيرين في العالم الى استنتاج ضرورة التعاون معه والتعايش مع اسلوبه. وللمرة الاولى منذ عام 1902، نجح الحزب الجمهوري في تحقيق مكاسب على هذا المستوى، خلال تولي أحد رجالاته سدة الرئاسة، كما أنها المرة الاولى منذ 1934 ينجح الحزب الحاكم في تفادي خسارة في مجلس النواب، وهو مؤشر كبير إلى قدرة بوش على حسم المعركة الرئاسية المقبلة عام 2004 لمصلحته، وبقائه في البيت الابيض لولاية ثانية. واستعاد الجمهوريون الغالبية في مجلس الشيوخ حيث خطفوا مقعدين من الديموقراطيين لتصبح 51 مقعداً من أصل مئة تحت سيطرتهم، كما احتفظوا بسيطرتهم على مجلس النواب حيث احتلوا 226 مقعداً في مقابل 204 مقاعد للديموقراطيين. راجع صفحة 7 وعلى رغم ذلك اختلفت الصورة بعض الشيء في ما يتعلق باختيار حكام الولايات، إذ نجح الديموقراطيون في استعادة حاكمية ثلاث ولايات. وارتفعت أسعار الاسهم الاميركية عند الفتح، في مؤشر إلى ترحيب المستثمرين بالانتصار الذي حققه الحزب الجمهوري، في وقت كانوا يتطلعون إلى قرار من مجلس الاحتياط الفيديرالي بخفض أسعار الفائدة. وفسر المعلقون فوز الجمهوريين بعجز الديموقراطيين عن احتواء الحملة الشرسة التي خاضها الرئيس الاميركي وركز فيها على مسألتي الامن القومي والحرب ضد الارهاب، واضعاً ثقله في المعركة. ومرت الانتخابات من دون مشكلات فرز خصوصاً في فلوريدا حيث حقق جيب بوش نصراً على منافسه الديموقراطي واحتفظ بمنصب حاكم الولاية. ووصلت الخسارة إلى عقر دار الديموقراطيين في ولاية ميريلاند حيث هزم مرشح جمهوري كاثلين كينيدي - تاونسيند ابنة روبرت كينيدي ومساعدة حاكم الولاية. وقال الناطق باسم البيت الابيض آري فلايشر إن "الرئيس لعب دوراً بناء جداً" في النتائج التي حققها الجمهوريون. وأضاف أن بوش والحزب الجمهوري "دخلا التاريخ". وفي المقابل، اعتبر الديموقراطيون أن هزيمتهم ناجمة عن أحداث 11 أيلول، متجاهلين بذلك عجزهم عن تطوير سياسة اجتماعية واقتصادية مقنعة. وقال زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ المنتهية ولايته السناتور الديموقراطي توم داشل إن "الرئيس تحدث كثيرًا عن 11 أيلول، وأعتقد أن البلاد ما زالت تحت وطأتها"، مضيفاً أن "البلاد انشغلت بقضايا مثل الحرب في العراق والوضع في كوريا الشمالية، ما حرمنا فرصة فرض مواضيعنا مثل الاقتصاد والتعليم والصحة". وقدم داشل تهانيه إلى الرئيس الاميركي الذي "قاتل بشراسة في الحملة من أجل المرشحين الذين كان يريد فوزهم في جميع أنحاء البلاد". كذلك أكد زعيم الاقلية الديموقراطية في مجلس النواب ديك غيد أن هجمات 11 أيلول "كانت العامل الاكبر في هذه الانتخابات، وكان لها تأثير هائل" على الاقتراع. ورأى غيد النائب عن ميزوري "نحن في مرحلة انتخابية فريدة من نوعها بسبب المشكلات المحيطة ب11 أيلول، والناس مهتمون بما يحدث لبلدنا ومشغولون بالامن القومي ويريدون تقديم دعمهم للرئيس لاسباب مشروعة في الحرب على الارهاب". وقال زعيم الاقلية الجمهورية السابق في مجلس الشيوخ إن "القضايا كانت لمصلحتنا، مثل الحرب على الارهاب والامن الداخلي والسياسة الدفاعية القوية، إضافة إلى نزاهتنا في التعاطي مع الملف الاقتصادي". واعتبر المراقبون أن الرئيس الاميركي "حظي مع اقتراب الحرب على العراق، بتفويض من الشعب الاميركي الذي أراد الالتفاف حوله". ولوحظ ذلك في ارتفاع نسبة الاقبال على الاقتراع إلى 39 في المئة، بعدما كانت 37.5 في المئة في الانتخابات النصفية عام 1998، ما عكس حماسة الاميركيين للادلاء بآرائهم في السياسة.