بدأ أمس التلفزيون المصري، وقنوات عربية أخرى، ببث حلقات مسلسل "فارس بلا جواد" وسط حملة شعبية مصرية ضد أميركا وإسرائيل، رداً على اعتراض الدولة العبرية على عرض المسلسل واحتجاج الإدارة الاميركية على إصرار الحكومة المصرية على بثه. وعلم أن السفارتين الإسرائيلية والأميركية في القاهرة ستراقبان المسلسل وسترسلان تقارير عن كل حلقة بعد انتهائها على الفور إلى كل من تل أبيب وواشنطن. ونفت مصادر في السفارة الاميركية أن تكون الإدارة طلبت منع بث المسلسل، وأشارت إلى أن الاحتجاج بُني على ما تردد من معلومات عن وصف المسلسل على أفكار معادية للديانة اليهودية. وفي المقابل اعتبرت وكالة "أنباء الشرق الأوسط" المصرية أمس الحملة على المسلسل "تأتي في إطار الموجة المتصاعدة على المسلمين والعرب في أميركا"، معتبرة أن إسرائيل "استغلت الفرصة لأنها كانت في انتظار الضوء الأخضر من واشنطن". وقالت: "إذا كان الموقف الاسرائيلي مفهومًا فإن الامر الذي اثار كثيراً من الدهشة والاستياء في وقت واحد هو الموقف الرسمي الاميركي الذي انساق وراء الحملة الصهيونية ضد عمل لم ير النور بعد. وفي الوقت الذي ترفع فيه اميركا لواء حرية الرأي والتعبير فإن الخارجية الاميركية تنبري للهجوم على العمل الفني الذي يحمل رؤية صانعيه. وفي الوقت نفسه فإن الولاياتالمتحدة تقوم بهذا الاجراء وتنبري للدفاع عن حماية السامية واليهودية في وقت تتجاهل فيه تماماً الانتهاكات الاسرائيلية الصارخة لحكومة آرييل شارون ضد المدنيين بل وصل فيه الامر للرئيس الاميركي جورج بوش لان يصف شارون يوماً بأنه رجل سلام". وفند رئيس الهيئة العامة للاستعلامات السيد نبيل عثمان المزاعم الصهيونية التي تروجها المنظمات الإسرائيلية واليهودية في اميركا حول المسلسل. واكد ان التاريخ يشهد بأن مصر كانت دائماً "بوتقة انصهار" للحضارات والثقافات واتصف شعبها على الدوام بالتسامح والرغبة العميقة في التعايش مع كل الشعوب الاخرى بغض النظر عن دياناتها او عقائدها، كما اكد ان الاعلام المصري يحترم دائما كل الديانات. وقال عثمان، في تعليق له حول الضجة الصهيونية المثارة حول المسلسل، إن المنظمات اليهودية والاسرائيلية مثل رابطة مكافحة التشهير تزعم ان هذا المسلسل مبني على "بروتوكولات حكماء صهيون". واعتبر ان التحامل على عمل فني في صورة مسلسل درامي قبل رؤيته هو "موقف ينطوي على افتقار للنضج والذكاء"، وقال "لا يمكن الحكم على هذا المسلسل قبل بدء عرضه في التلفزيون والا كان ذلك نهجاً يفتقر تماماً للموضوعية تجاه اي عمل فني بل ويرقى لمرتبة الارهاب الفكري والعاطفي الذي يتناقض بشدة مع اي معايير عالمية معترف بها لحرية العمل الفني". وقال عثمان انه "عند تقويم اي عمل فني فلا بد من ان نضع في الاعتبار ان الدولة، اي دولة لا يمكن ولا ينبغي ان تضع اي قيود على الابداع الفني او حرية التعبير والرأي سواء كان قائماً على حقائق أو على خيال باعتبار كليهما من الحقوق الاساسية للانسان"، موضحاً "ان المسلسل انتجته ومولته محطة تلفزيون مصرية خاصة، ورغم ان اتحاد الاذاعة والتلفزيون المصري يمتلك عشرة في المئة من اسهم هذه المحطة الا انه ليست له اي سيطرة على سياساتها في الانتاج او التحرير"، ومؤكداً "ان الاعلام المصري بشقيه الفني والثقافي لم يتبن على مر التاريخ اي موقف معاد لديانة او عقيدة". وتساءل المسؤول المصري: "هل من حق اي شخص الحق الإلهي في اتهام مؤلفي ومخرجي ومنتجي هذه الاعمال الدرامية بمعاداة السامية مع احترامه في الوقت نفسه للابداع الفني؟"، محذراً من "أن تلك المحاولات لكبت الابداع الادبي والفني لا تبشر بخير لنشر ثقافة السلام والمحبة والتسامح".