القاهرة - "الحياة"، أ ف ب، رويترز - يبدو أن العلاقات المصرية - الاميركية في طريقها الى أزمة جديدة، إذ طلبت واشنطن من القاهرة عدم عرض مسلسل تلفزيوني مصري يحمل اسم "فارس بلا جواد" يستند الى كتاب "بروتوكولات حكماء صهيون"، بدعوى أنه يتضمن عناصر من خطاب التيارات المعادية لليهود في القرن التاسع عشر، في حين أكدت مصادر مصرية ل"الحياة" إن المسلسل "سيعرض في شهر رمضان المبارك المقبل بغض النظر عن الاحتجاج الاميركي"، مؤكدة أنه "لا يحوي ما يمثل معاداة للسامية". وجاءت الازمة الجديدة قبل أن تلتئم أزمة "مركز ابن خلدون" التي تفجرت قبل سنتين اثر القبض على مدير المركز الدكتور سعد الدين ابراهيم الذي يحمل الجنسية الاميركية وحكم عليه مرتين من دائرتين منفصلتين تابعتين لمحكمة أمن الدولة العليا، وستنظر محكمة النقض الشهر المقبل في طعن قدمه ابراهيم ضد الحكم بسجنه لمدة سبع سنوات. وكان الناطق باسم الخارجية ريتشارد باوتشر قال إن ديبلوماسيين اميركيين اجروا اتصالات بدول اخرى في الشرق الاوسط حيث يتوقع ان تعرض المسلسل المصري، مشيراً الى انه "مسلسل يتناول مواضيع اخرى لكنه يتضمن او يرتكز إلى بروتوكولات حكماء صهيون". وأضاف: "طرحنا الأمر مع مصر وحكومات اخرى"، رافضاً التعليق على مضمون الرسائل الاميركية، إلا أن مسؤولاً كبيراً في الخارجية الاميركية اكد لاحقاً أن البرنامج "لا يروق لواشنطن التي ترى انه يستند الى مصادر غير موثوق بها وعنصرية". وقال المسؤول للصحافيين "لا نعتقد بأن على محطات التلفزيون الحكومية عرض برامج نراها عنصرية وغير صحية". ويبدو أن انتشار خبر الاحتجاج الاميركي تسبب في تحول تظاهرة حاشدة جرت في الازهر امس لتصب في اتجاه رفض التدخل الاميركي في الشؤون الداخلية المصرية، ورفع المتظاهرون لافتات معادية للولايات المتحدة ورددوا هتافات دانوا فيها السياسات الاميركية ونددوا ب"الهجوم الاميركي على العالمين الاسلامي والعربي" وطالبوا الحكومة المصرية عدم الاعتداد بالاحتجاج الاميركي وعرض المسلسل في موعده. وكان وزير الإعلام المصري السيد صفوت الشريف أعلن الاربعاء الماضي ان المسلسل من 30 حلقة وسيعرض خلال شهر رمضان وانه "لا يشجع على معاداة السامية". وقال الشريف ان "سياسة وسائل الاعلام تقضي باحترام جميع الاديان السماوية". مؤكداً أن الاعلام المصري "يقوم على اساس احترام حرية الابداع والتعبير باعتبارهما حقاً من حقوق الانسانية"، فيما اعتبر بطل المسلسل الفنان محمد صبحي الذي كتبه بالاشتراك مع المؤلف محمد بغدادي "أن كون المسلسل يغضب اعداء العرب امر لا يوضع في الحسبان أو يعار اي اهتمام"، مؤكداً أن المسلسل "يحترم الديانة اليهودية لكنه ينتقد الحركة الصهيونية". وفي رسالة الى وزير الخارجية الاميركي كولن باول وصفت "رابطة مكافحة القدح والذم" للدفاع عن حقوق اليهود ومقرها الولاياتالمتحدة البرامج بأنه "آخر حلقة في مسلسل التحريض على معاداة السامية في وسائل الإعلام المصرية". كما حذرت الرابطة من ان يكون للمسلسل "وقع يتجاوز حدود مصر" نظرا الى أن المحطة الفضائية "دريم تي في" التي ستعرضه يلتقط بثها في جميع انحاء الشرق الاوسط ويتابع عدد كبير من المشاهدين المسلسلات خلال شهر رمضان. وفي 25 تشرين الاول اكتوبر قال كاتب افتتاحية في صحيفة "نيويورك تايمز" انه يبدو أن المسلسل المثير للجدل "يترسخ شيئاً فشيئاً في انحاء العالم العربي". ويذكر أن مسلسل "فارس بلا جواد" يحكي قصة مواطن مصري قاوم الاستعمار البريطاني والحركة الصهيونية في فلسطين في نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. ورفضت ادارة التلفزيون المصري مبررات الاعتراض التي ابدتها كل من الولاياتالمتحدة واسرائيل والمنظمات اليهودية على البرنامج. وكانت صحيفة "يديعوت احرونوت" ذكرت الخميس الماضي ان المسلسل المصري فجّر "ثورة الغضب" لدى المسؤولين الاسرائيليين، والتي وصلت الى حد الدعوة لسحب السفير الاسرائيلي من القاهرة، واتهام مصر بانتهاك معاهدة السلام الموقعة بين البلدين، والتهديد باللجوء الى اللوبي اليهودي القوي في الولاياتالمتحدة للعمل على وقف المساعدات المالية لمصر، حتى يتقرر وقف عرض المسلسل.