أثار المسلسل المصري "فارس بلا جواد" المزمع بثّه في بداية شهر رمضان في العشرات من محطات التلفزيون العربية، انزعاج مسؤولين اميركيين واسرائيليين لتناوله "بروتوكولات حكماء صهيون"، واتهمه بعضهم باللاسامية. والمسلسل الذي أخرجه أحمد بدر الدين، تدور احداثه على امتداد 41 حلقة، خلال الفترة بين العام 1850، وتاريخ وعد بلفور بإقامة وطن لليهود في فلسطين العام 1917. ونعيش تلك الأحداث من خلال شخصية البطل الشعبي حافظ نجيب الذي كان معروفاً في عصره. وكان نجيب صديقاً لعبدالله النديم، واكتسب منه قدراته العجيبة في التنكر والتخفي من سلطات الاحتلال. وكان حافظ مضرب الأمثال في هذا التنكر والخداع، حتى اطلق عليه لقب الثعلب أو "أرسين لوبين الشرق". وعلى رغم الاعتراضات الاسرائيلية وسعي اسرائيل بشتى الطرق الى منع عرض المسلسل على الشاشات العربية، أعلن وزير الإعلام المصري صفوت الشريف أن "سياسة الإعلام المصري لا تقبل أن يحمل أي عمل درامي أو تسجيلي او تلفزيوني أي اسقاطات تمس المقدسات الدينية". وقال الشريف إن السياسة الاعلامية المصرية تؤكد احترامنا لكل العقائد السماوية، وأن الانتاج الدرامي المثار حوله الجدل في بعض وسائل الإعلام "لا تتضمن مواقفه الدرامية او حوارياته ما يمكن اعتباره عداءً للسامية". وأضاف الشريف أن الإعلام المصري يقوم على اساس احترام حرية الإبداع والتعبير باعتبارهما حقاً من حقوق الانسان، وأن أي مساس بهذه الحرية يمثل خروجاً عن قيم الديموقراطية، والحقائق تؤكد أن المجتمع المصري يحترم الخصوصية الثقافية للآخر، وىؤمن بمبدأ احترام معتقدات ومقدسات الشعوب. العدو هو العنصري والتقت "الحياة" الفنّان المصري محمّد صبحي الذي كتب المسلسل بالاشتراك مع الكاتب محمد بغدادي، ويقوم ببطولته بالاشتراك مع سيمون وجميل راتب واشرف عبد الغفور وهناء الشوربجي ومها ابو عوف وريهام عبد الغفور ووفاء عامر. وأوضح صبحي أن المسلسل يكشف مخطط الصهيونية للاستيلاء على فلسطين منذ أواسط القرن التاسع عشر، وحتّى صدور وعد بلفور العام 1917. وأضاف: "انني كمواطن عربي، قبل أن أكون فناناً، اتبنّى أي عمل يدافع عن الحق العربي. وأعتقد أن كونه يغضب اعداء العرب يجب ألا يوضع في الحسبان، أو يعار أي اهتمام". وأشار الى أن ما ذكرته بعض الصحف الاسرائيلية يعد "فصلاً جديداً من فصول عنصرية اسرائيل وارهابها الذي تمارسه على الفلسطينيين في الداخل". وأضاف: هكذا تفعل اسرائيل دائماً: ترتكب جرائمها ثم تبدأ بالتباكي، وبالتخفي خلف قناع الضحية. في الحقيقة نحن نعاني من البربرية منذ نصف قرن، ولا يمكن لصاحب القضية العادلة ان يتجنى على أي انسان، حتى لو كان هذا الانسان عدوه وجلاده. وأوضح أن "أي حديث اسرائيلي عن المسلسل تدخل مرفوض في شؤوننا الداخلية". وعبر صبحي عن اندهاشه "لخوف الصهاينة من مجرد مسلسل اذا كان الغرب مدافعاً شرساً عن حرية التعبير، وحرية الفن، فلماذا يمنعنا اليوم ابطال الحرية في بعض وسائل الاعلام الأميركية والاسرائيلية من اعلان موقفنا والتذكير بتاريخ قضيتنا القومية". وأكّد أنّ العمل ليس عنصريّاً، بل العدوّ هو العنصري، وأي برنامج عربي، لا يمكنه، بأي حال، أن يصل الى شراسة العدو الصهيوني كما يتجلّى في دقيقة واحدة من نشرة الأخبار عبر أي محطة في العالم. ولفت صبحي الى أن المسلسل يدين الارهاب ضد المدنيين. ونبّه الى أن حلقات المسلسل تحترم الديانة اليهودية، لكنها في الوقت نفسه تنتقد الحركة الصيهونية، وتجد لها جذوراً في "بروتوكولات حكماء صهيون". وبلغت كلفة انتاج "فارس بلا جواد" 9 ملايين جنيه، وهو من انتاج قناة "دريم"... ويذكر أن المسلسل واجه ايضاً خلافات حادة بين محمد صبحي والتلفزيون المصري الذي تلكّأ في انتاجه. وما كان من صبحي إلا أن توجّه إلى رجل الاعمال المصري أحمد بهجت لإنتاجه من خلال "دريم" التي يملكها، وبعد انتهاء التصوير دخل التلفزيون المصري كشريك في تسويق المسلسل. وأثار "فارس بلا جواد" ايضاً خلافاً بين التلفزيون المصري وقناة "دريم" حول حق العرض الاول، الأمر الذي ادى الى تدخل وزير الاعلام المصري وقرر عرضه في الجهتين على أن تسبق "دريم" التلفزيون الحكومي في التوقيت. وسيعرض المسلسل في الساعة الثانية صباحاً الأمر الذي ادى الى اعتراض صبحي... معاناة الأمة العربية ويتناول المسلسل معاناة الأمة العربية من الاحتلال التركي الى الاحتلال الاسرائيلي، مروراً بالاحتلالين الانكليزي والفرنسي. ويتعرف البطل الشعبي حافظ نجيب، خلال احدى رحلاته، إلى الكونتيسة سيغريس تؤدي دورها سيمون، وهي ابنة لاب اسباني وأم مصرية، وتعشق الارض الزراعية والخيول... وعلى رغم ثرائها الشديد، تقع في غرام الثعلب حافظ، وتقف الى جواره في حربه ضد المستعمرين. وتلعب وفاء عامر شخصية مديرة منزل لدى اسرة انكليزية من اصل يهودي، وتجد لديهم كتاباً يحوي على بروتوكولات حكماء صهيون، فتسرقه وتسلّمه الى حافظ الذي ترتبط معه بقصة حب... ويقوم حافظ بفضح اليهود من خلال هذه البروتوكولات. وعندما تعلم الاسرة بحادث السرقة، تبدأ رحلة تعذيب مديرة المنزل، والاعتداء عليها من قبل اشخاص لا تعرفهم، فتقرر البحث عنهم والانتقام. يذكر أن الحكومة الاسرائيلية وجهت من قبل عشرات الاعتراضات على رسوم كاريكاتورية في صحف قومية، وأيضاً في مقالات رأي واخبار ومتابعات، ولقطات لمسؤولين إسرائيليين في القاهرة... وقد سبق لوسائل الاعلام الاسرائيليّة توجيه تهمة "العداء للسامية" إلى أعمال فنيّة، ومؤلفات ومساهمات اعلاميّة مختلفة، في مصر والعالم العربي.