يبدو ان هناك جهداً اضافياً هذه السنة لئلا يُقدم الكتاب وحيداً في معرض بيروت العربي والدولي للكتاب الذي افتتح اول من امس، ويشارك فيه أكثر من مئتي مؤسسة ودار نشر. الكتاب صار يحتاج الى منشطات كي يصبح تسويقه ممكناً. فما أن تدخل قاعة اكسبو بيروت حتى تنتصب امامك العبارة التي اختارتها "دار رياض الريّس" شعاراً لمنصتها "لا تدعوا الكتاب وحيداً"، ثم عبارة اخرى "من نيويورك الى قندهار الرقابة في ازدهار". وزين الريّس رفوف كتبه بملصقات تمثل اغلفة مجلته الأسبوعية "النقاد"، كتنويع على مشهد الكتب المعروضة. في المقابل اختارت دار أخرى للكتب عرض اصداراتها في واجهة تتوسطها دمية كبيرة. وتصاحب هذه الجهود ميول لدى الناشرين لتقديم الكتب بإخراج تُراعى فيه كما يبدو الثقافة البصرية الجديدة: مزيد من الألوان على الأغلفة، أحجام مختلفة ومنشورات تستهدف الفئات الجديدة من القراء. وأحياناً تتصدر الإصدارات كتب تحاكي اذواق المقلين في القراءة، فتغلب عليها الصور والشروحات السريعة. كتب الطبخ مثلاً لم يعد أمر تصدّرها عيباً من عيوب المعارض العربية، فهي صارت في عرف الناشرين مرآة تذوق، وثقافة غذائية متقدمة. الكتب ليست حكراً على الأدب والأفكار والسياسة، كما تقول مسؤولة في إحدى دور النشر، ثم ان الكتاب لم يعد قادراً وحده على النفاد، فهو يحتاج الى مساعدة ومنشطات. فهذه دار الساقي استقدمت للاحتفال بكتاب "خلط مساحات للحرية" كاتبته الهولندية التي ستتولى أمر تقديم كتابها بأكثر من وسيلة. فهو يتحدث عن الأساليب التي استحدثت لاختراق المنع في الموسيقى والأدب والأشكال التعبيرية الأخرى. ستخاطب الكاتبة المهتمين عبر التلفزيون، ثم تتحدث الى طلاب في الجامعة الأميركية عن كتابها، هذا إضافة الى حفلة توقيع الكتاب. وطبعاً، ليست اساليب العرض والتسويق الحديثة غالبة في معرض بيروت للكتاب. فالمتجول في انحاء المعرض لا بد له من الوقوف لحظات متسائلاً امام دور لم تضف عنواناً واحداً، واختارت عرض كتبها متجاورة من دون تخفيف من رتابة العناوين المتجاورة. ثم تأتيك المنصات المخصصة لمنشورات الأحزاب. علم "حزب الله" الأصفر في "جناح المقاومة" وزوبعة الحزب السوري القومي الاجتماعي على منشورات دار الركن التي يتصدرها كتاب "عولمة الرعب"، وبعدها بقليل "دار النسر المحلق" المتخصصة بنشر كتب الدكتور داهش، واللائحة لا تنتهي عند معروضات مركز دراسات الوحدة العربية، المصطفة بألوانها الخضر والصفر والمتمحورة بمعظمها حول تلك الوحدة العربية. المشاركة العربية هذه السنة إضافة الى دور النشر، تمثلت بمشاركة فنانين تشكيليين سعوديين عرضوا لوحاتهم في الفناء الأخير للقاعة. واستمر ايضاً المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الكويتي في تزويد القراء ترجماته للأدب العالمي، ضمن سلسلتي "عالم المعرفة" "وابداعات عالمية"، بأسعاره المخفوضة. ويؤكد أحد الناشرين نجاح فكرة معارض الكتب في العالم العربي، إذ يرى ان ضائقة الكتاب العربي تحتاج الى مناسبات من هذا النوع، ويشير الى ان الوظيفة الغالبة لهذا النوع من المعارض هي تعزيز بيع الكتب، اما وظيفة المعارض في المجتمعات الغربية فهي التعارف بين الكتّاب ودور النشر، والتعريف بالكتب، واختيار الترجمات المقبلة. فالكتاب هناك لا يعاني ضائقة. وأعد النادي الثقافي العربي، وهو الجهة المنظمة للمعرض، ضمن نشاطاته، برنامجاً موازياً يتضمن ندوات وأمسيات فنية وشعرية وعروضاً للأطفال والشباب.