تأثرت صناعة النفط في دولة الامارات سنة 2002 بالتطورات الاقليمية والدولية السياسية والاقتصادية وتعاملت الدولة مع هذه التطورات بصورة ايجابية تنطلق من ثوابتها السياسية وخصوصاً سياستها النفطية، من خلال التعاون مع منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك وبما يؤدي الى القيام بدورها في سوق النفط العالمية. وشارك الامارات بوفد رأسه عبيد بن سيف الناصري وزير النفط والثروة المعدنية في اجتماع لجنة التعاون النفطي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في شهر تشرين الاول اكتوبر الماضي في مسقط، ومؤتمر الطاقة العربي السابع الذي عقد في أيار مايو الماضي في القاهرة ومنتدى الطاقة العالمي الثامن الذي عقد في 21 أيلول سبتمبر الماضي في مدينة أوساكا اليابانية. استفادت دولة الامارات من التطورات في أسواق النفط العالمية سنة 2002 والتي تركت تأثيرات ايجابية في الاسعار ليكون المعدل المنتظر عند مستوى يراوح بين 23 و24 دولاراً للبرميل وهو معدل قريب من متوسط الاسعار في عام 2001، الامر الذي يعني حدوث استقرار وتوازن في العائدات النفطية هذه السنة، الامر الذي سينعكس ايجاباً على مختلف القطاعات الاقتصادية في الامارات. التطورات السياسية وفي جانب التطورات السياسية والاقتصادية وانعكاسها على اسعار النفط، أكد الناصري ان اسعار النفط الخام مرشحة للارتفاع في حال تردي التوترات السياسية في المنطقة، موضحاً ان الاسعار الحالية للنفط محملة بعلاوة تزيد على خمسة دولارات للبرميل بسبب التوترات السياسية وان هذا المعدل مرشح للزيادة في حال تردي الوضع، وحرصت دولة الامارات على ابراز موقفها من مجمل التطورات السياسية والاقتصادية والنفطية في مؤتمرات الطاقة العربية والدولية. وأكد وزير النفط والثروة المعدنية ان الامارات تعمل بالتعاون مع الدول المنتجة بفعالية على استقرار الاسعار ومعالجة الخلل في التوازن بين العرض والطلب وتأمين الامدادات النفطية الى الدول المستهلكة بأسعار عادلة. ولعبت التطورات السياسية والاقتصادية دوراً في استقرار الاسعار لسلة نفوط "أوبك" في معظم أوقات السنة، في اطار النطاق السعري الذي حددته "أوبك" بين 22 و28 دولاراً للبرميل وتجاوزه للحد الاعلى لفترات قصيرة، ونجم ذلك عن ارتفاع في الاسعار نتيجة هذه التطورات بمعدل يراوح بين ثلاثة وخمسة دولارات للبرميل عرفت ب"علاوة الحرب". غير ان "أوبك" لعبت دوراً مهماً ايضاً في المحافظة على استقرار الاسعار من خلال تمسكها في ثلاثة اجتماعات عقدتها خلال الشهور التسعة الاولى من سنة 2002 بسقف الانتاج البالغ 21.7 مليون برميل، وان كانت التجاوزات في الانتاج كانت الصفة الغالبة على انتاج معظم الدول الاعضاء لتقارب تجاوزات "أوبك" في فترات محددة من السنة ثلاثة ملايين برميل يومياً. وساهمت دولة الامارات بشكل فاعل في مؤتمرات "أوبك" والتزمت سلسلة من التخفيضات الانتاجية التي أقرتها المنظمة عام 2001 واستمرت عليها في سنة 2002 انطلاقاً من سياستها المؤيدة لوحدة وتماسك "أوبك"، مع استعدادها للمساهمة في امداد السوق النفطية بكميات كافية من النفط اذا تطلبت السوق ذلك لأي اسباب. وتعتمد الامارات في موقفها على وجود طاقة انتاجية فائضة يمكن استخدامها عند الحاجة بالتنسيق مع "أوبك" وفي اطار المحافظة على اسعار عادلة ومقبولة للمنتجين والمستهلكين. وأكدت دولة الامارات هذا الموقف في مؤتمر الطاقة العربي ومنتدى الطاقة العالمي ومؤتمر ابوظبي للنفط والغاز الدولي العاشر أديبيك الذي عقد في تشرين الاول اكتوبر الماضي في أبوظبي. وكان وزير النفط والثروة المعدنية الاماراتي أكد في افتتاح "أديبيك" أمام ممثلي اكثر من 1200 شركة ونحو 500 خبير نفطي عربي وعالمي أن الصناعة النفطية في دولة الامارات شهدت نمواً كبيراً بكافة قطاعاتها، مشيراً الى ان الاحتياطات النفطية المؤكدة تضاعفت مرات عدة منذ السبعينات، اذ ارتفع مستواها من 30 بليون برميل في السبعينات الى نحو 98 بليون برميل حالياً. وفي الاتجاه نفسه، تعاظمت احتياطات الدولة المؤكدة من الغاز الطبيعي من مستوى 626 بليون متر مكعب في السبعينات الى ما يعادل 6000 بليون متر مكعب في الوقت الحاضر. وقال الناصري إن انتاج الامارات شهد أيضاً توسعاً كبيراً، اذ ارتفع متوسط الانتاج من 800 الف برميل يومياً في عام 1970 الى نحو مليوني برميل يومياً حالياً. وأشار الى أن مستوى الانتاج يتأثر سلباً أو أيجاباً بالحصة المقررة من قبل "أوبك" لذلك فإن حصة الدولة ازدادت من نحو مليون برميل في اليوم في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات الى مليوني برميل يومياً في نهاية عام 1999. ونتيجة للزيادات المتلاحقة التي قامت بها المنظمة في عام 2000 لكبح جماح ارتفاع الاسعار ازدادت حصة الامارات في ذلك العام بمقدار 333 الف برميل ليصل سقف الانتاج الى مستوى 2.3 مليون برميل في اليوم. ومنذ عام 2000 وبسبب قرارات التخفيض التي اتخذتها "أوبك" في عام 2001 تراجعت الحصة الانتاجية للامارات بمقدار 440 الف برميل في اليوم لتصل الى مستوى يقارب 1.9 مليون برميل يومياً في الوقت الحاضر. وبالنسبة لانتاج الدولة من الغاز الطبيعي المسوق، أوضح الناصري انه توسع هو الآخر خلال الثلاثين عاماً الماضية بشكل كبير ومضطرد من مستوى يقارب تسعة بلايين متر مكعب في نهاية السبعينات الى ما يقارب 40 بليون متر مكعب حالياً، علماً أن انتاج الغاز الطبيعي للدول الاعضاء في "أوبك" لا يخضع لنظام الحصص كما هي الحالة بالنسبة للنفط الخام. كما توسعت طاقة التكرير وانتاج المشتقات النفطية في الدولة بشكل ملحوظ خلال الفترة نفسها، اذ ازدادت طاقتها من 15 الف برميل يومياً في نهاية السبعينات الى ما يقارب 500 الف برميل في اليوم حالياً وم ازالت آخذة بالتوسع والتطور. كما شهدت بقية القطاعات النفطية الاخرى في الامارات، كقطاع البتروكيماويات وتسييل الغاز الطبيعي وغيرها، تطورات مماثلة واستطاعت أن تحقق مع بقية القطاعات السابقة مردودات اقتصادية كبيرة للدولة. وقال وزير النفط ان الوزارة قامت خلال الفترة من 1975 الى 1985 بإنجاز ثلاث مراحل متعاقبة لاعمال المسح المعدني على مستوى الدولة متضمنة إعداد خرائط جيولوجية بمقاييس مختلفة. وأضاف ان أهم أهداف تلك المراحل كان البحث والتحري عن المعادن بشقيها الفلزي واللافلزي المعادن الصناعية، وان من أبرز نتائج هذه المسوحات اكتشاف العديد من المعادن الفلزية وخصوصاً في الامارات الشمالية وكميات كبيرة من المعادن اللافلزية كالصخور الجيرية وصخور الجبس وغيرها، اذ يتم استغلالها حالياً وأصبحت في حالات كثيرة كافية لتلبية حاجات الدولة كما يصدر قسم منها الى الخارج. وأشار الى انه يتم حالياً تنفيذ مشروع مسح جيولوجي وجيوفيزيائي جديد على مستوى الدولة واعداد خرائط جيولوجية وتكتونية وانه قد تم التعاقد مع شركات عالمية متخصصة في هذا المجال ويستغرق تنفيذه نحو أربع سنوات. وأكد ان المشروع يهدف الى تحديد امكانية ايجاد تجمعات لمواد هيدروكربونية سواء كانت نفطية أو غازية ودرس أماكن تواجد الخامات الاولية من المعادن والتي يمكن استغلالها صناعياً وتجارياً، واستخدام الخرائط الجيولوجية والتكتونية في تحديد مواقع محطات مراقبة ورصد الهزات الارضية ودرس وتحديد مكامن المياه الجوفية العذبة في مناطق الدولة اضافة الى تدريب مجموعة من مواطني الدولة. وزاد ان الوزارة تتابع بشكل مستمر مسألة البيئة وتغير المناخ وتشارك بشكل فعال في المؤتمرات الدولية ذات العلاقة وبالاخص المتعلق منها باتفاقية الاممالمتحدة الاطارية في شأن تغير المناخ. كما تسهم في اللقاءات والمؤتمرات الاقليمية ومنها ما تنظمه دول مجلس التعاون الخليجي أو منظمة الاقطار العربية المصدرة للبترول أوابك وغيرها اضافة الى التعاون والتنسيق في هذا المجال مع الجهات ذات العلاقة داخل الدولة. وقال ان مدخولات الامارات النفطية والغازية نمت بشكل كبير خلال الأعوام الثلاثين الماضية وأصبحت تشكل العمود الفقري لاقتصاد دولة الامارات على رغم الجهود التي تبذل لتنويع مصادر الدخل القومي وعدم الاعتماد على مصدر واحد.