«الاستثمار العالمي»: المستثمرون الدوليون تضاعفوا 10 مرات    قيود الامتياز التجاري تقفز 866 % خلال 3 سنوات    رئيسة (WAIPA): رؤية 2030 نموذج يحتذى لتحقيق التنمية    سعود بن مشعل يشهد حفل "المساحة الجيولوجية" بمناسبة مرور 25 عامًا    السد والهلال.. «تحدي الكبار»    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    أمطار على مكة وجدة.. «الأرصاد» ل«عكاظ»: تعليق الدراسة من اختصاص «التعليم»    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    إسماعيل رشيد: صوت أصيل يودّع الحياة    من أجل خير البشرية    وفد من مقاطعة شينجيانغ الصينية للتواصل الثقافي يزور «الرياض»    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    مملكتنا نحو بيئة أكثر استدامة    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    في الشباك    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    قمة مرتقبة تجمع الأهلي والهلال .. في الجولة السادسة من ممتاز الطائرة    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    نائب أمير الشرقية يكرم الفائزين من القطاع الصحي الخاص بجائزة أميز    ألوان الطيف    ضاحية بيروت.. دمار شامل    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    حكايات تُروى لإرث يبقى    جائزة القلم الذهبي تحقق رقماً قياسياً عالمياً بمشاركات من 49 دولة    نقاط شائكة تعصف بهدنة إسرائيل وحزب الله    أهمية قواعد البيانات في البحث الأكاديمي والمعلومات المالية    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    تطوير الموظفين.. دور من ؟    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي    قصر بعظام الإبل في حوراء أملج    كلنا يا سيادة الرئيس!    القتال على عدة جبهات    معارك أم درمان تفضح صراع الجنرالات    الدكتور ضاري    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    صورة العام 2024!    ما قلته وما لم أقله لضيفنا    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    التوصل لعلاج فيروسي للسرطان    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    وزير الخارجية يطالب المجتمع الدولي بالتحرك لوقف النار في غزة ولبنان    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    الوداد لرعاية الأيتام توقع مذكرة تعاون مع الهيئة العامة للإحصاء    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    الأهل والأقارب أولاً    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس السابق لأركان الجيش العراقي فتح ل"الحياة" دفاتر الحاضر والماضي . الخزرجي : تلقى صدام تقريراً خاطئاً فأمر بقصف حلبجة بالسلاح الكيماوي اسلحة الدمار الشامل كانت في عهدة القائد العام وحسين كامل وحدهما 1
نشر في الحياة يوم 28 - 11 - 2002

في برد سوغو، البلدة الدنماركية الهادئة، رجل ستيني يتحرق للعودة إلى بلاده. وقدر هذا الرجل أن يكون من بلاد صعبة خبر أهوال عقودها الماضية، لكن العودة تستلزم ازاحة الرجل الذي يمسك بمصائر كل المقيمين على تلك الأرض. وهي مهمة صعبة أيضاً.
إنه الفريق أول ركن نزار الخزرجي الرئيس السابق لأركان الجيش العراقي.
أسباب كثيرة دفعتني إلى محاولة اشراكه في سلسلة "يتذكر". فهو دخل الكلية العسكرية في 1955، أي في ظل الحكم الملكي وقبل ثلاثة أعوام من ثورة 14 تموز يوليو. وفي صفوف الجيش عاش تلك العقود المضطربة التي راحت تتزايد خطورة حتى اليوم. ارتقى في السلّم العسكري وتولى قيادة فرقة وفيلق، وعلى دوي الحرب العراقية - الإيرانية عين في 1987 رئيساً لأركان الجيش واقترب عدد العاملين تحت امرته من المليون. وفي عهده في رئاسة الأركان توقفت الحرب بفعل تغيير اقترحه في استراتيجية المواجهة. وكان الخزرجي رئيساً للأركان أيضاً حين اجتاحت قوات الحرس الجمهوري الكويت من دون ابلاغه، وسيروي القصة كاملة ومعها كيف اتخذ الرئيس صدام حسين قرار ازاحته من منصبه لأنه قال أمامه في الاجتماع "سنخسر الحرب". وبعد ذلك التاريخ عين مستشاراً عسكرياً لرئيس الجمهورية وعضواً في المكتب العسكري للحزب، لكنه لم يمارس المهمتين ولازم منزله حيث بات في شبه اقامة جبرية. وفي 1996 اتخذ قرار الخروج سراً من العراق، لأنه اعتبر اطاحة نظام صدام شرطاً لإنقاذ البلاد.
منذ شهور يتزايد الهمس عن دور ينتظر الخزرجي وهو أرفع عسكري فر من البلاد. لكن محاولته الحصول على وثيقة سفر لمغادرة الدنمارك إلى شمال العراق ايقظت الشكاوى التي رفعت ضده في كوبنهاغن واتهمته بارتكاب "جرائم حرب" في كردستان، خصوصاً ما يتعلق بقصف حلبجة بالسلاح الكيماوي وحملة الانفال. وحال التحقيق المفتوح دون حصوله على وثيقة السفر وهو ينذر بتحويله "أسيراً" في حين يتطلع عسكريون عراقيون إلى أن يتقدم صفوفهم من شمال العراق إلى بغداد.
في شقته المتواضعة فتح الخزرجي ل"الحياة" دفاتر الحاضر والماضي، وهو يعرف الكثير. تحدث عن الحرب العراقية - الإيرانية والمعارك التي أدت إلى حسمها والاستخدام المتبادل للسلاح الكيماوي. وتوقف عند الفترة الفاصلة بين وقف النار مع إيران وغزو الكويت والتغيير الهائل الذي طرأ على شخصية الرئيس المسكون بهاجس التاريخ والشديد الاعجاب بجوزيف ستالين. روى كيف يدير صدام حسين البلاد والمؤسسة العسكرية، وتوقف عند الأدوار حول الرئيس وحلقة الضعفاء أصحاب الولاء الكامل. وحكى قصة هيئة التصنيع العسكري وأسلحة الدمار الشامل و"المملكة" التي كانت في عهدة رجلين هما صدام حسين وصهره الراحل حسين كامل. وكشف مجموعة انتفاضات خطط لها الجيش لإطاحة النظام الذي رد عليها بسلسلة طويلة من عمليات الإعدام. اعتبر أن الحل للمأزق العراقي يجب أن يكون عراقياً بانتفاض الجيش والشعب مع ضغط أميركي وغربي ودولي. وحذر من أن حرباً على العراق ستؤدي إلى تمزيق الجيش والبلد واطلاق صراعات رهيبة بين القوميات والطوائف والمذاهب.
وهنا نص الحلقة الأولى:
ما هي قصة اسلحة الدمار الشامل؟
- هذا الملف موجود منذ الاساس لدى هيئة التصنيع العسكري المرتبطة مباشرة بالقائد العام اي الرئيس. لم تكن لوزير الدفاع او رئيس الاركان اي علاقة بها. لم تكن لدينا اي فكرة عن مسار البرنامج النووي. ولم نكن على اطلاع على تطوير السلاح الكيماوي او الجرثومي، ولم تكن مثل هذه المسائل تناقش في اجتماعات كبار الضباط ولم يكن احد يشير اليها.
هل تعتقد ان صدام حاول انتاج قنبلة نووية؟
- نعم حاول. لكن نحن نعرف ان المفاعل الرئيسي دمر في 1981 على يد سلاح الجو الاسرائيلي. بعدها لجأ الى وسائل اخرى اقل تطوراً لكن المسألة لم تكن سهلة على رغم شراء بعض التجهيزات وتهريبها من الخارج. اشك في ان يكون قادراً الآن على انتاج قنبلة نووية.
بالنسبة الى السلاح الكيماوي قال سكوت ريتر ان المفتشين دمروا اكثر من 95 في المئة من المنشآت التي انفق صدام مبالغ هائلة في بنائها وشراء تجهيزاتها. اعتقد ان قسماً كبيراً من السلاح الكيماوي دمر. وحتى ولو كان هناك مخزون فان عامل الوقت يجعل هذا المخزون بلا قيمة لانه يفسد. طبعاً السلاح الكيماوي ليس كبير التأثير في الحرب النظامية اي على الجيوش لكنه مرعب للاهالي. ثم انه يجب ان يستخدم بكميات واسعة جداً ويجب ان تحمله اصلاً القوات الجوية. انا اشك في حال حصول حرب جديدة ان تتمكن طائرة من طائرات صدام حسين من التحرك في الاجواء. سلاح الصواريخ دمر عملياً. لهذا اشك في ان يكون قادراً على توجيه ضربات كيماوية فعالة. السلاح الجرثومي مسألة اخرى، يمكن انتاجه في مختبرات خاصة ويمكن ان يكون المختبر صغيراً. لهذا لن يكون غريباً ان يكون لديه سلاح جرثومي. اما السلاح النووي فلا اعتقد ان لديه الامكانات والوقت اللازم لانتاجه كما اشك في ان تكون لديه مخزونات كبيرة من الاسلحة الكيماوية وان يكون قادراً على استخدامها في شكل مؤذ.
طبعاً لا يمكن فصل موضوع اسلحة الدمار الشامل عن تفكير صدام حسين الذي يعتبر ان الكلمة الاخيرة هي للقوة. وهو يعتقد في قرارة نفسه انه قائد استثنائي وان العراق القوي بقيادته قادر على لعب دور كبير في المنطقة. ثم انه رأى ان العراق يجاور دولتين اكبر منه سكانياً احداهما تركيا وهي دولة اطلسية والاخرى ايران وبينها وبين العراق تاريخ طويل. هذه العلاقة يضعها صدام في اطار النزاع بين العرب والفرس. هناك حلم القوة وجاءت الحرب العراقية الايرانية، وحين بدت طويلة انطلقت برامج تطوير اسلحة الدمار الشامل وانفق عليها بلا حساب.
متى استخدم السلاح الكيماوي للمرة الاولى في الحرب العراقية الايرانية؟
- استخدم في النصف الاول من الثمانينات رداً على الموجات الايرانية المتلاحقة. لا اذكر الموعد تحديداً. استخدم في الغالب عن طريق القوة الجوية واحياناً عن طريق سلاح الصواريخ. طبعاً هنا يجب القول ان الجانب الايراني استخدم ايضاً السلاح الكيماوي لكن استخدامه لهذا السلاح كان بدائياً.
هل تجزم ان ايران استخدمت هذا السلاح واين؟
- نعم استخدم الايرانيون السلاح الكيماوي وفي مناطق مختلفة ووقعت اصابات في الجانب العراقي. لكن في تلك الفترة كانت الطائرات العراقية تسيطر على الاجواء فاستخدام الايرانيون وسائل اخرى لم يكن لها تأثير كبير. نعم لقد قتل عراقيون بالسلاح الكيماوي الايراني، لكن استخدام هذا السلاح من جانب العراق كان اكثر تطوراً. اعتقد ان السلاح الكيماوي استخدم للمرة الاولى في 1984. لا اذكر الموعد تحديداً. اعتقد ان العراق كان اول من لجأ الى هذا السلاح.
من يستطيع استخدام السلاح الكيماوي في العراق وما هي الآلية؟
- استخدام هذا السلاح مدرج تحت تسمية "الضربات الخاصة". والامر بتنفيذ هذه الضربات لا يمكن ان يصدر الا عن القائد العام. الاستخدام والتوقيت والسيطرة على العملية امر يعود الى القائد العام. هذه الاسلحة تصنع في هيئة التصنيع العسكري، لكنها تستخدم عبر وسيلتين: القوة الجوية او الاسلحة القاذفة الموجودة لدى الحرس الجمهوري الخاص. وتحريك هذه الاسلحة الكيماوية وشحنها وموعد اطلاقها واستخدامها من شأن القائد العام وحده.
هل يمكن وضع قصف حلبجة في هذا السياق؟
- تعرضت حلبجة لضربة جوية بأمر من القائد العام. الواقع ان ما حصل غريب. كان علي حسن المجيد مسؤولاً عن الشمال واعطى صلاحيات استثنائية كاملة. وكانت هناك هجمات ايرانية في المنطقة. ابلغت عناصر امنية وحزبية علي حسن المجيد ان حلبجة سقطت في يد الايرانيين فاخبر صدام بذلك. عندها امر صدام بتوجيه "ضربة خاصة" الى حلبجة معتقداً انه سيكبد الايرانيين خسائر كبيرة. كانت الضربة جوية. والغريب ان حلبجة ساعة الضربة لم تكن قد سقطت بيد الايرانيين وكان لا يزال فيها عدد من الجنود العراقيين. وقد اكد عدد من القادة الاكراد انهم عثروا بين ضحايا حلبجة على جثث جنود عراقيين. قائد الفرقة التي تتولى مسؤولية الامن في المنطقة لم يكن يعرف بالضربة، ولا قائد الفيلق ولا انا رئيس الاركان ولا وزير الدفاع نائب القائد العام الفريق اول ركن عدنان خير الله. عرفنا بعد حدوث الضربة. قائد الفيلق الاول الفريق كامل ساجد كان يدير المعركة في ذلك القطاع وكانت لديه قطعات في حلبجة. و كانت هناك عناصر حزبية من التوجيه السياسي عسكرية ومدنية لديها اتصال مباشر مع علي حسن المجيد الذي كان مسؤول الحزب ومقره في كركوك. ابلغوه بسقوط حلبجة فاتصل بصدام واقترح توجيه "ضربة خاصة" فأمر صدام القوة الجوية بتنفيذ الضربة. كان ذلك في 16/3/1988 على ما اعتقد. اذكر ان الفريق كامل ساجد اتصل بي وكان لا يعرف شيئاً عن الضربة. وقد اعدمه صدام في 1998.
ألم تثر قصة السلاح الكيماوي في اجتماع لكبار الضباط؟
- هذا الامر كان خارج نطاق الجيش وصلاحياته.
ألم يتحدث صدام معك كرئيس لاركان الجيش عن السلاح الكيماوي؟
- صدام يتحدث مع كل قائد عسكري بما يخص القوات التابعة له. لا يناقش قائد سلاح بما يعني السلاح الآخر. يريد الادوار محدودة ومعرفة القائد محصورة بالسلاح الذي يتولى امرته. لا احد يعرف كل شيء الا القائد العام. هل يصدق احد مثلاً ان عزة ابراهيم الدوري نائب رئيس مجلس قيادة الثورة عرف من الاذاعة ان الفاو حررت في 17/4/1988. للوهلة الاولى يظن الناس ان شخصاً في موقع عزة ابراهيم الدوري يجب ان يكون شريكاً في اضخم معركة في الحرب العراقية الايرانية واذ به يعرف بتحريرها كأي شخص بعيد. انه اسلوب صدام حسين. انا مثلاً كرئيس لاركان الجيش لا استطيع ان اطلب شيئاً من قائد القوة الجوية. لا استطيع ان اصدر أمراً له او لمدير المخابرات.
ما الغرض من هذا الاسلوب؟
- منع اي تكتل بين قادة الاسلحة وربط الجميع مباشرة بالرئيس. قادة سلاح الجو والبحرية ورئيس الاركان ومدير المخابرات والتصنيع العسكري والتوجيه السياسي والحرس الجمهوري والحرس الجمهوري الخاص والاستخبارات العسكرية يعودون الى القائد. وهذا التقسيم سبب لنا خسائر كبيرة بسبب نقص التنسيق بين قادة مختلف الاسلحة.
من كان المسؤول عن البرنامج النووي؟
- كانت هناك هيئة مسؤولة عن البرنامج النووي مرتبطة بالرئيس لكن هذا الملف كان موجوداً ايضاً لدى التصنيع العسكري وحسين كامل.
هذا يعني ان حسين كامل كان مهماً جداً؟
- نعم منذ 1987 اصبح اكثر اهمية من عدنان خير الله نائب القائد العام. وكان عدنان خير الله منزعجاً من ذلك. ذات يوم كان هناك اجتماع عسكري برئاسة نائب القائد العام. ادخلت له ورقة تنص على الحاق كل العلماء في الوزارة وفي غضون 24 ساعة بهيئة التصنيع العسكري.
من يتحمل مسؤولية حلبجة اذاً؟
- ثلاثة. صدام حسين الذي اصدر الامر باستخدام السلاح الكيماوي وحسن علي المجيد الذي نقل المعلومات الخاطئة واقترح الضربة الخاصة وهناك مسؤولية حسين كامل بوصفه المصنّع لهذا السلاح. علي حسن المجيد استخدم الضربات الكيماوية حتى في عمليات الانفال.
وقائد الفيلق؟
- قلت انه لم يكن على علم وقد اكد لي ذلك. ولم يكن من الوارد اشراكه. بعد الضربة مباشرة انقطعت الاتصالات بين العسكريين في حلبجة وقائد الفيلق.
وماذا عن حملة الانفال في كردستان العراق؟
- في 1986 و1987 سجل الايرانيون اختراقات كبيرة في المنطقة الشمالية حيث كان يرابط فيلقان عراقيان الاول والخامس. احتل الايرانيون اجزاء كبيرة من المنطقة الشمالية. صدر امر ان يفرغ الجيش للقتال على المنطقة الحدودية لاخراج الايرانيين واسندت مهمة فرض الامن والاستقرار ومواجهة الحركات الكردية المسلحة الى علي حسن المجيد الذي كان مسؤولاً عن الحزب في المنطقة الشمالية وعضواً في القيادة القطرية. منح علي حسن المجيد بقرار من صدام حسين صلاحيات كاملة بينها صلاحيات مجلس قيادة الثورة ووضع تحت امرته قطعات عسكرية ووحدات من الجيش الشعبي واخرى حزبية وافواج من المتطوعين الاكراد. القطعات العسكرية التي الحقت بالمجيد قطعت علاقتها بالأطر التي كانت تابعة لها سابقاً.
في ضوء هذه الصلاحيات والامكانات بدأ علي حسن المجيد عملية التقتيل والتشريد التي يحاولون الصاق جزء منها بي. لم تكن لرئاسة الاركان اي سلطة على علي حسن المجيد ولم يكن تابعاً لنا وليس لنا حق التدخل. هناك من يقول لماذا لم تستقل إذاً؟ ينسى هؤلاء ان قراراً صدر عن مجلس قيادة الثورة يمنع الموظف من الاستقالة.
قلت إن صدام كان يمول "حزب العمال الكردستاني" بزعامة عبدالله أوجلان؟
- نعم. كان يموله ويسلحه كما كان يمول حزب العمال الشيوعي الكردي ومجموعة كردية صغيرة. سلاح وأموال. ال250 مليون التي عثر عليها الأتراك لدى أوجلان مصدرها العراق. هؤلاء هم اليوم اليد الضاربة لصدام حسين في أوروبا والعالم. كانت مجموعات حزب العمال الشيوعي الكردي موجودة في منطقة السليمانية. شعر جلال طالباني زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني بعلاقاتهم بالنظام فضربهم. هاجر قسم منهم إلى أوروبا والتحق القسم الآخر بالحزب الشيوعي الإيراني. كان صدام يستخدم هؤلاء كورقة ضغط على تركيا وعلى إيران.
كم كان حجم إمكانات هيئة التصنيع العسكري التي ترأسها حسين كامل؟
- قبل حرب الكويت كانت لهيئة التصنيع العسكري موازنة غير محددة برقم أي موازنة مفتوحة. أدار الهيئة حسين كامل وهي كانت موضوعة تحت الاشراف المباشر لصدام حسين. لم يكن لأي جهة أخرى حق التدخل في شؤون هذه الهيئة التي احيطت برامجها بالسرية الكاملة. لم يكن من حق مجلس قيادة الثورة أن يتدخل ولم يكن باستطاعة الحكومة طرح سؤال ولم يكن وزير المال يستطيع أن يسأل عن الانفاق. الحقيقة ان هيئة التصنيع العسكري كانت أشبه بمملكة خاصة لرجلين هما صدام وحسين كامل. لم تكن لوزير الدفاع علاقة بما يدور داخلها وليس من حقه معرفة ماذا تفعل. المخصصات للهيئة تأتي مباشرة من رئاسة الجمهورية. كانت هذه الهيئة معنية بالبرنامج النووي والكيماوي والجرثومي وتطوير الأسلحة خصوصاً الصواريخ.
في بداية الحرب في 1980 كنا نستورد الأسلحة والأعتدة، في منتصف الحرب كانت الهيئة قادرة على انتاج الذخائر وبعض الأسلحة. شهد عملها تطوراً سريعاً بفضل الاستعانة بعلماء وخبراء. صنعوا قنابل وصواريخ وفي آخر الحرب كانوا قد توصلوا إلى انتاج نماذج من دبابات لكنها لم تدخل الحرب.
استخدمت الهيئة الآلاف بينهم جيش من العلماء. انفقت فيها مبالغ هائلة واستخدمت أحياناً وسيلة للاثراء غير المشروع لحسين كامل وعناصر قريبة.
هل تعتقد أن حسين كامل كان الرجل الأخطر قرب صدام حسين؟
- كان حسين كامل قريباً جداً. أحبه صدام ووثق به ثقة مطلقة. ورسخ زواج حسين من ابنة صدام هذه العلاقة. ووصل الأمر إلى حد أن صدام صار يتأثر بكلام حسين كامل.
لماذا خرج حسين كامل؟
- بعد غياب عدنان خيرالله خلت الساحة لحسين كامل. صهر الرئيس وموضع ثقته ومسؤول عن برامج تطوير الأسلحة، وأسلحة الدمار الشامل. وحتى في وجود عدنان خيرالله كان حسين كامل قد نجح في زرع شيء من الشك بين صدام ونائبه وهو ابن خاله وشقيق زوجته.
شعر حسين كامل في التسعينات أن تغييرات تحصل داخل الحلقة الضيقة. نجلا الرئيس، عدي وقصي، يوسعان دائرة نفوذهما. وفي مثل هذه الحال لا بد أن يتم ذلك على حساب مواقع الآخرين في هذه الحلقة. كانت بدايات صعود قصي واضحة. حدثت مشاحنة غير معلنة بين الشقيقين والصهر. خفتت أضواء حسين كامل قليلاً. ومن عادة صدام أن يدفع أشخاصاً إلى المقدمة ثم يضعفهم أو يوقف تقدمهم. تخوف حسين كامل من أن يصل الأمر إلى حد تهميشه أو إلقاء القبض عليه وتحميله تبعات بعض ما حدث في المرحلة السابقة. خرج حسين كامل في صيف 1995 وعاد في الشهر الثاني من السنة التالية.
هل سلّم حسين كامل أسرار النظام للأميركيين؟
- لا اعتقد أنه فعل ذلك. والدليل أنه لم يسقط من حسابه إمكان العودة. قد يكون تحدث في بعض الأشياء لكنني أشك في أن يكون باح بكل ما يعرف. عندما التقى الأميركيين اصيبت السلطة العراقية بارتباك وكشفت عن بعض ما كانت اخفته عن المفتشين وادعت أن حسين كامل كان يخفيها. ما عرفته من مقربين من حسين كامل، خلال اقامته في الأردن، أنه لم يعط الأميركيين معلومات بالغة السرية.
لماذا عاد؟
- بدأ سفير العراق في الأردن آنذاك نوري اللويس حواراً مع حسين كامل وراح يحضه على العودة وطمأنه إلى أن المشكلة قابلة للحل. طلب حسين أن يصدر مجلس قيادة الثورة عفواً رسمياً عنه فصدر العفو. طلب الامان واعطيه. لم يكتف السفير العراقي بالقول إن المشكلة قابلة للحل، بل قال لحسين كامل إن المرحلة صعبة والرئيس يحتاج إليك وقد يسند إليك منصباً مهماً. في هذا الوقت كان حسين كامل يشعر بالخيبة. لم يعد مرتاحاً في اقامته في الأردن ولم تنجح محاولاته استطلاع امكان تزعم المعارضة، واقفلت في وجهه أبواب دول كثيرة. في هذا الجو ومعه اتصالات بين أفراد العائلة، قرر أن يرجع. بقية القصة معروفة. إعلان الطلاق ثم عملية القتل.
أولاد حسين كامل أحياء؟
- نعم.
شاركت في القتال ضد الأكراد؟
- الأكراد يقاتلون الحكومة منذ 40 عاماً. كل عسكري عراقي شارك في هذا القتال في مرحلة من المراحل بسبب تبديل مواقع ألوية الجيش. عندما كنت في المنطقة الشمالية كان الجيش يصطدم مع المسلحين المشاركين في حرب العصابات. أما عمليات الانفال فقد استهدفت المدنيين وهذه لا علاقة لنا بها لا من قريب أو بعيد.
ماذا يفعل ضابط في القوات الجوية إذا تلقى أمراً بتوجيه ضربة كيماوية إلى مكان ما؟
- هناك من اعدم بسبب سوء الأداء، فكيف إذا تعلق الأمر بعصيان أوامر؟
هذا يعني ان هؤلاء العسكريين لا يستحقون المحاكمة؟
- هناك واقع معروف في العراق.
كيف كانت علاقتك مع علي حسن المجيد ابن عم صدام؟
- عرفته عندما صار مسؤولاً في المنطقة الشمالية، والتقينا أكثر من مرة، فقد كان مقره في كركوك حيث كان مقري أيضاً. إنه شخصية مكروهة تجتمع فيها عوامل الأمية ورهانها الوحيد على العنف. يحب البذخ والحمايات والسيطرة على الأراضي والأموال. إنه يستعير قوته من علاقة القربى مع الرئيس.
هل يشكل خطراً على قصي مثلاً؟
- لا. علي حسن المجيد يضمن استمراره بتأدية الأدوار القذرة التي يتردد كثيرون في تأديتها. لا مانع لدى صدام من قيام علي حسن المجيد بهذه الأدوار. قصي مسألة أخرى فهو الوريث. لقد لقبه الناس علي الكيماوي وهو رجل المهمات القذرة.
غداً حلقة ثانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.