تزامنت عودة المفتشين إلى بغداد أمس مع تحذيرات جديدة موجهة إلى القيادة العراقية كي تلتزم تعهداتها التعاون الكامل، ومع مفاجأة أميركية تمثلت بطلب تمديد برنامج "النفط للغذاء" لشهر بدلاً من ستة شهور، ما أثار غضب روسيا. وأفادت مجلة "تايم" الأميركية أن واشنطن أجرت اتصالات بمجموعات معارضة عراقية لتشجيعها على تنفيذ أعمال "تخريب" قبل حرب محتملة على العراق. ونقلت عن مسؤول في أجهزة الاستخبارات الأميركية، ان واشنطن "اتصلت بأشخاص يمكنهم التحرك على طريقة المقاومة خلال الحرب العالمية الثانية، لتنفيذ عمليات تخريب للبنى التحتية للاتصالات والقيادة" في العراق، بهدف الإعداد لغزو أميركي. وأوضحت المجلة أن إسرائيل تشارك في مهمات استطلاع في الصحراء العراقية، لتحديد قوة مواقع اطلاق صواريخ "سكود". وتود واشنطن في حصول تعاون مماثل مع إيران لكنها ليست متأكدة من رد فعل طهران. وعلمت "الحياة" من مصادر في المعارضة العراقية أن "الحرس الثوري" الإيراني أكد لقادة في "فيلق بدر" التابع ل"المجلس الأعلى للثورة الإسلامية" بزعامة محمد باقر الحكيم، ضرورة عدم قيام أي تعاون مع القوات الأميركية في حال شن هجوم على العراق. وسيزور وزير الخارجية البريطاني جاك سترو أنقرة بداية الشهر المقبل لمناقشة مشاركة قوات بريطانية في عمل عسكري ضد العراق، والتنسيق مع تركيا في هذا المجال. وفيما حذر رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الرئيس صدام حسين من "المراوغة" مع المفتشين، بدا أنه يواجه "تمرداً" في حزبه في وقت ناقش مجلس العموم مشروع قرار لحكومة بلير يتعلق بدعم البرلمان البريطاني قرار مجلس الأمن. وكرر الرئيس جاك شيراك دعوته بغداد إلى الامتثال للقرار 1441. مشدداً على أن مجلس الأمن هو الجهة الوحيدة المخولة البت في أي انتهاك عراقي، في حين حذر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الذي التقى الرئيس حسني مبارك، من "عواقب وخيمة" للمنطقة كلها إذا لم تتعاون بغداد مع المفتشين. وقال إن استجواب العلماء العراقيين لن يكون قسرياً راجع ص 2 و3 و4. ونفى وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بعد لقائه مبارك أمس تعرض المملكة لضغوط أميركية في ما يتعلق بالمسألة العراقية، معرباً عن أمله بأن يؤدي عمل المفتشين إلى انهاء المشكلة. واذيع في الرياض أن ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بحث مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان في اتصال هاتفي مساء الأحد الوضع في المنطقة، علماً أن أنان ركز في محادثاته مع شيراك أمس على الأزمة العراقية. إلى ذلك، فاجأت الولاياتالمتحدة مجلس الأمن أمس بطلب تمديد برنامج "النفط للغذاء" في العراق لفترة شهر فقط، بعدما كانت وافقت على التمديد للشهور الستة الاعتيادية. وجاء الموقف الأميركي قبل 12 ساعة من انقضاء المرحلة الحالية للبرنامج منتصف ليل الاثنين - الثلثاء. وكان متوقعاً أن تستمر المفاوضات على التمديد حتى اللحظة الأخيرة، علماً أن روسيا عارضته لشهر وواجهت بريطانيا حرجاً، إذ أنها صاحبة مشروع قرار التمديد. وأكد مسؤول أميركي وآخر بريطاني أن "التمديد سيحدث" من دون تحديد الفترة التي قد يُتفق عليها، وقال الأول: "تعليماتي هي الإصرار على 30 يوماً والسبب اننا نريد التدقيق في قائمة السلع القابلة للمراجعة لمنع العراق من الحصول على مواد محظورة". ولوحظ غضب السفير الروسي سيرغي لافروف من مفاجأة واشنطن عندما مر بالمسؤول الأميركي عن ملف العراق وقال: "التمديد لشهر يعني انتهاء المرحلة يوم عيد الميلاد". ووصف السفير العراقي لدى الأممالمتحدة محمد الدوري الموقف الأميركي بأنه "تكتيك ضمن سياسة ايذاء العراق شعباً وحكومة، بالتالي جزء من المخطط النفساني والحربي ضد العراق". وزاد ان تمديد برنامج "النفط للغذاء" ثلاثين يوماً "غير منطقي ومضر، إذ يؤثر في كل الصادرات والواردات ويضاعف قتل البشر. وهذه سياسة لاإنسانية". ودخل البنتاغون طرفاً في تمديد البرنامج، وأفادت مصادر ديبلوماسية أنه اراد أصلاً أن يكون التمديد لثلاثة أشهر فقط، ملمحة إلى أن طلب التمديد لشهر واحد قد يكون بهدف التوصل إلى حل وسط. وتوقعت أن يكون الحل الوسط ربما تمديد البرنامج 3 أشهر على أن تراجع قائمة السلع في غضون 60 يوماً. وبحسب المصادر الأميركية، يريد البنتاغون إضافة سلع جديدة إلى القائمة التي تخضع للجنة المقاطعة في مجلس الأمن. وتتعلق هذه السلع بالأدوية الوقائية من الأسلحة الكيماوية والجرثومية مثل دواء "سيبرو" المستخدم لعلاج مادة "انثراكس"، ومادة انتروبين المستخدمة للوقاية من غاز الأعصاب. وقالت المصادر الأميركية إن ما تسلمته الأممالمتحدة من طلبات عراقية لهذه الأدوية، وبالكميات الواردة في الطلبات، يمثل "مؤشراً إلى خطة خطيرة... هدفها استخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، والحصول على كميات كبيرة من الأدوية يوحي بأنها من أجل وقاية للجنود العراقيين، وليس الشعب العراقي".