سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أنان مع تشديد قبضة المفتشين وشيراك لا يرى صلة بين بغداد و"القاعدة". موسكو لن تتراجع عن رفضها مشروع القرار الأميركي وواشنطن تعتبر العراق "جزءاً من الحملة على الإرهاب"
حسمت روسيا موقفها من مشروع القرار الأميركي المتشدد مع العراق، معلنة أنها لن تؤيده، على رغم دعوة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان إلى منح المفتشين "يداً قوية" قبل عودتهم إلى بغداد، واعترافه بالنقاش الساخن بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن. واستبق وزير الخارجية الأميركي كولن باول بدء الجلسات العلنية للمجلس أمس، لمناقشة الأزمة العراقية، بالربط بين العراق و"الحملة العالمية على الإرهاب"، مشدداً على أنه "يشكل جزءاً منها"، فيما حرص الرئيس الفرنسي جاك شيراك على التنبيه إلى عدم وجود صلة مباشرة بين بغداد وتنظيم "القاعدة". تزامن ذلك مع ازدياد عدد البريطانيين المؤيدين لشن حرب على العراق، ومواجهة رئيس الوزراء توني بلير انتقادات جديدة من النواب العماليين. وكان رئيس لجنة التفتيش انموفيك هانز بليكس أبلغ مجلس الأمن في وقت متقدم ليل الثلثاء أن رسالتين بعثت بهما بغداد إلى الأممالمتحدة لا تشكلان "تراجعاً" عن اتفاق فيينا، موضحاً أن النقاط العالقة تشمل قضية استجواب أشخاص واستئناف الطلعات الجدية لطائرات "يو - 2" الأميركية أو "ميراج" الفرنسية. أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن استعداد بلاده لتأييد تبني مجلس الأمن قراراً جديداً في شأن العراق، فيما أكد مسؤول في وزارة الخارجية الروسية أن موسكو "لا يمكنها" تأييد مشروع القرار الأميركي، لكنها تؤيد "بنوداً كثيرة" في المشروع الفرنسي. في الوقت ذاته أكد أحد مستشاري رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، ان موسكوولندن تتبادلان معلومات استخباراتية في شأن أسلحة الدمار الشامل العراقية. وبعد محادثاته مع رئيس الوزراء الايطالي سليفيو بيرلوسكوني في موسكو، قال بوتين للصحافيين إنه كرر خلال اللقاء ما قاله لبلير عن استعداد روسيا لمناقشة "الاتفاق مع أعضاء مجلس الأمن على قرار جديد يضمن عمل" المفتشين في العراق. وأضاف ان "هواجس المجتمع الدولي يجب أن تُزال ويمكن ذلك" من خلال عمل المفتشين، داعياً إلى أن "يتوجهوا بأسرع وقت" إلى بغداد. ونسبت وكالات الأنباء الروسية في وقت لاحق إلى مصدر في الكرملين، أن بوتين يعتقد أن مناقشة القرار الجديد وتبنيه يمكن أن "يخفضا خطر الحرب". وأوضح نائب وزير الخارجية يوري فيدوتوف الموقف الروسي في اجتماعات مجلس الأمن، وقال إن أي مشروع لم يقدم رسمياً بعد، لكنه أضاف: "الصيغة الأميركية لم يطرأ عليها أي تغيير، لذلك لن يكون بإمكان روسيا أن تؤيدها". وتابع ان المشروع الفرنسي يتضمن "بنوداً كثيرة ندعمها"، لافتاً إلى أن روسيا "مستعدة للنظر في مشاريع محتملة وستحدد موقفها في ضوء مضامين هذه المشاريع". بلير: الموقف من العراق ليس ضد المسلمين وفي لندن، أعلن مكتب بلير أمس أن بريطانيا مصرة على نزع سلاح العراق، وان ذلك لن يعرقل الحملة الدولية على الإرهاب. وقال الناطق باسم رئيس الوزراء إن بريطانيا تنفي ما تردد من أن الدول المعارضة للعمل العسكري قد لا تتعاون في الحرب على الإرهاب. وكرر أن "التهديدات لا تزال قائمة ولن تنتظر إلى أن يتم التعامل مع مشاكل أخرى". وشدد على "أحداث 11 أيلول واعتداء بالي تؤكد أنه إذا لم تتعامل مع التهديدات القائمة، يمكن أن تكون مصدر خطر لك". ونبه إلى أن موقف لندن من العراق "ليس معناه وقوفها ضد المسلمين، بل التعامل مع هذا الخطر الحقيقي الذي يهدد أيضاً دول المنطقة". وواجه بلير أمس انتقادات من نواب عماليين لموقفه من الأزمة العراقية، وذلك خلال اجتماع مع الهيئة البرلمانية لحزب العمال الحاكم. وقالت النائبة أليس ماهون إنها سألت رئيس الوزراء هل سينضم إلى تحرك أميركي منفرد ضد بغداد، فكرر أن المهم هو العمل من خلال الأممالمتحدة. واللافت ازدياد عدد البريطانيين المؤيدين لضرب العراق، وذلك بنسبة كبيرة بعد التفجيرات في جزيرة مالي الأندونيسية. مفاوضات مكثفة لإنهاء "المأزق" وكان وزير الخارجية الأميركي أعلن في وقت متقدم ليل الثلثاء ان واشنطن تدرس "أفكاراً" فرنسية جديدة لتعزيز شروط إزالة أسلحة الدمار الشامل العراقية، واخراج الأممالمتحدة من المأزق الذي تواجهه في شأن مسألة اللجوء الى القوة. وقال الوزير بعد لقائه نظيره البريطاني جاك سترو ان فرنسا قدمت الاثنين "بعض الأفكار" التي "سترد" واشنطن عليها، من دون ان يكشف تفاصيل عن مضمونها ومتى ستقدم ادارة بوش الرد. واكتفى باول بالقول: "سنرى كيف تتطور الأمور"، موضحاً انها "عملية تشاور ونحن على اتصال وثيق بالدول الأخرى الأعضاء في مجلس الأمن والمفاوضات مكثفة، وآمل بأن نتوصل الى حل". وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية ريتشارد باوتشر: "نحن والفرنسيون نتولى تسوية كل ذلك لتحقيق النجاح". وأوضح ان واشنطن وباريس تريدان التوصل الى "صيغة يمكن أن تلائم" الدول الأخرى الأعضاء في مجلس الأمن،. وتابع ان مسألة اعتماد قرار أو اثنين ما زالت "موضوع مناقشات". وتزور وزيرة الدفاع الفرنسية ميشال اليو-ماري واشنطن لاجراء محادثات تركز على الملف العراقي، وستلتقي نظيرها الأميركي دونالد رامسفيلد ونائب الرئيس ديك تشيني، ومستشارة الرئيس لشؤون الأمن القومي كوندوليزا رايس وباول. وفي حديث نشرته صحيفة "لوريان لوجور" اللبنانية، لفت الرئيس الفرنسي جاك شيراك الى عدم وجود أي صلة مباشرة بين العراق وتنظيم "القاعدة" أو "على الأقل لم تعلن رسمياً بعد". وزاد: "حتى إذا تمكن بعض الارهابيين من الاحتماء في العراق يجب ألا نخلط الأوراق. ان الهدف الأساسي للمجتمع الدولي في ما يتعلق بهذا البلد هو نزع السلاح" المحظور. ونبه الى ان الأزمة العراقية قد تحرض الجماعات المتشددة على شن هجمات جديدة في أنحاء العالم. وعملت الديبلوماسية البريطانية اثناء لقاءات وزير الخارجية جاك سترو مع المسؤولين في واشنطن، وفي مقدمهم نظيره الاميركي لإقناع اركان الادارة الأميركية بلغة توفيقية مع المواقف الفرنسية التي تمسكت بنهج الخطوتين في معالجة الملف العراقي. كما سارعت بريطانيا الى احتواء غضب الدول العشر المنتخبة لعضوية في مجلس الامن بطلب الاجتماع مع مندوبيها لابلاغهم بما يحدث بين الدول الخمس الكبرى، عشية بدء المناقشة العامة في المجلس أمس. وواصلت واشنطن مقاومة نهج الخطوتين، وبقرارين، ووجدت ان ذلك "يقيّد يديها" بحسب تعبير المصادر. وبدت ملامح تفكير لدى بعض اقطاب الادارة باعتماد اسلوب المواجهة مع الدول الاخرى الدائمة العضوية لتحديها من اجل اتخاذ مواقف حاسمة من مشروع القرار الاميركي على التصويت عليه. لكن مصادر غربية لفتت الى ان هذا لا يعكس تفكير الادارة بكاملها، فيما لمحت فرنسا الى انها قد تطرح مشروعها للتصويت اذا طُرح المشروع الاميركي بالصيغة الحالية من دون تعديلات. وعقد رئيس حركة عدم الانحياز سفير جنوب افريقيا لدى الاممالمتحدة دوميساني كومالو ليل أول من أمس، مؤتمراً صحافياً حض فيه مجلس الامن على السماح للمفتشين بالعودة الى العراق "بأسرع وقت". واشار الى شعور ب"الاحباط" لعدم عودتهم بعد موافقة بغداد واتفاقها مع رئيس "انموفيك". وزاد ان المجلس "على وشك الدخول في متاهات مجهولة" لأنه يتعاطى مع مسائل الامن والسلام الدوليين "في صورة مختلفة"، معتبراً ذلك "سابقة". واضاف: "اذا كان صحيحاً ما سمعناه وقرأناه من ان مشروع القرار الاميركي يعني ان الاممالمتحدة يُطلب منها اعلان حرب على العراق، فهذا يتنافى مع الفقرة الاولى من ميثاق" المنظمة الدولية. واستدرك: "لا نريد حرباً في العراق بل تسوية المسألة سلماً". وطالب بغداد بالامتثال لكل قرارات مجلس الامن "من دون استثناء". بليكس: بغداد لم تتراجع عن اتفاق فيينا وفي وقت لاحق أعلن بليكس انه لا يعتقد ان النقاط التي لا تزال عالقة مع بغداد "من شأنها أن تؤخر انتشار" المفتشين في العراق. وأبلغ الصحافيين بعد جلسة استماع في مجلس الأمن ليل الثلثاء - الاربعاء ان لجنة التفتيش تستطيع أن تبدأ أعمالها في غضون عشرة أيام تلي تبني المجلس قراراً جديداً. وأضاف: "كما قلت في المجلس، ما ننتظره الآن ليس توضيحات يسرنا الحصول عليها، بل قرار جديد. كثير من النقاط أوضحت ولا اعتقد ان الباقية من شأنها أن تؤخر انتشار" المفتشين. وزاد: "يبدأ العد العكسي بالنسبة إلينا بتبني قرار جديد في حال كان يلحظ مهلة من سبعة أيام كي ينال موافقة العراق. اعتقد ان علينا ان ننتظر لنرى ما سيحصل. ولكن بعد ذلك، اعتقد اننا نحتاج مهلة 7-10 أيام لبدء مهمتنا". وجاء في نص الكلمة التي ألقاها أمام مجلس الأمن رئيس "انموفيك" وحصلت وكالة "فرانس برس" على نسخة عنها، ان الرسالتين اللتين بعث بهما العراقيون نهاية الاسبوع الماضي "لا تشكلان تراجعاً" بالنسبة الى الاتفاق المبرم في فيينا مطلع الشهر. لكنه أوضح ان بين النقاط العالقة ان المسؤولين العراقيين "لم يؤكدوا ان لجنة التفتيش تستطيع ان تختار بحرية ترتيبات ومكان استجواب الذين ترغب في استجوابهم". واستدرك: "على الجانب العراقي ابلاغنا انه لا يطلب حضور مراقب في كل استجواب". وقال انه لم يتلق جواباً عن طلب مفاده ان العراق لا يحق له اتلاف وثائق وتجهيزات مرتبطة بالتسلح الا في حضور المراقبين، وأبلغ مجلس الأمن ان بغداد "قد تكون نسيت ببساطة الرد على هذه النقاط".