الديوان الملكي: وفاة الأمير سلطان بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود بن فيصل آل سعود    استشهاد 11 فلسطينيًّا في إطلاق نار وقصف للاحتلال على قطاع غزة والضفة الغربية    «الربيعة» يحضر لقاء خريجي جامعة كارنيجي ميلون في السعودية    القصبي: إيرادات التجارة الإلكترونية ستتجاوز ربع تريليون ريال حتى 2025    إطلاق برنامج إدارة المخاطر المالية    أمين عسير: القطاع البلدي ممكّن أساسي للاستثمار    وزير الثقافة يلتقي السفير فوق العادة والمفوض الجديد للصين لدى المملكة    الملتقى الدولي للمسؤولية الاجتماعية 2024 "من الالتزام إلى التأثير"    فرع الإفتاء يفعل مبادرة "الشريعة والحياة" في جامعة جازان    إطلاق مبادرة "تكريم وتعليم" بين صندوق الشهداء والبنك العربي الوطني    مدير تعليم البكيرية يرأس اجتماع مديري ومديرات المدارس    «الجوازات»: 23435 قراراً إدارياً بحق مخالفين لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    أمير القصيم يسلم مفاتيح سيارات للأيتام المستفيدين من برنامج سند    HONOR MagicPad 2: جهاز لوحي استثنائي للإنتاجية وإتمام المهام المتعددة    شركة تطوير المربع الجديد تشارك في معرض خطوة للتوظيف    اعتماد تحديثات جديدة على ضوابط تخصيص عقارات الدولة واستردادها    نائب أمير مكة المكرمة يلتقي رئيس مجلس إدارة شركة الزمازمة    مانجا للإنتاج تكشف عن المقطع الترويجي للموسم الثاني من الأنمي السعودي "أساطير في قادم الزمان" وتعرضه في خمس قارات    نائب أمير تبوك يشيد بدور جمعية روافد بالمنطقة    نائب أمير الشرقية يلتقي أعضاء مجلس إدارة نادي النهضة    2.5 مليون وصفة علاجية في "سعود الطبية" خلال 9 أشهر    الهلال الأحمر بالقصيم يختتم مشاركته في ملتقى الجالية المصرية الرابع    "الداخلية" تقدم خدماتها الإلكترونية لزوّار معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2024    تراجع الأسهم الأوروبية مع انخفاض أسهم شركات العقارات والمرافق    هيئة الموسيقى تعلن عن النسخة الرابعة من مهرجان الغناء بالفصحى في الرياض    أمطار رعدية على المناطق الجنوبية تمتد حتى مرتفعات مكة    مركز التنمية الاجتماعية في جازان ينفذ "برنامج اليوم العالمي لكبار السن"    الألعاب السعودية الثالثة : الشريدة يحصد ذهبية رماية الأطباق    «شهية» متروفيتش أمام الأهلي    بيعة سلمان وهموم الأمة    الأخضر الشاب يعسكر في الأحساء استعداداً لمواجهة الصين "وديّاً"    مانشيني يرسم خطة الفوز على اليابان    إعفاء متبادل لتأشيرة الإقامة القصيرة بين السعودية وجزر سليمان    أزمة قلبية تنقل نشوى إلى المستشفى    5 علامات تشير إلى الإصابة بالتوحد    وحدهم الحمقى من ينتظرون نصرة فلسطين بأذرع «صفوية»!    هل خرجت خطة يينون من الأدراج؟    عودة للحديث عن «حلم» جسر أبحر الشمالية والبرج    حريق أقدم مجمع تجارى    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية    المملكة تتصدر دول« العشرين» في نمو عدد السياح    معرض الصقور والصيد    تولى مناصب مهمة ومسؤوليات رفيعة.. الملك سلمان.. حكمة وعطاء وتنمية ورخاء    صباح الفناء يا 7 أكتوبر !    بعد 6 جولات من دوري روشن.. الهلال ينفرد بالقمة والعلامة الكاملة.. والاتحاد والنصر يطاردانه    قراءة في تماس الزمكانية بالمدينة المنورة!    لأكتوبر الوردي جنوده    وزير الإعلام: معرض الكتاب يعزز المفهوم الحقيقي للثقافة    التفكير السطحي وأداء سالم مع المنتخب    ماني.. ضمن أفضل اللاعبين أداء في آسيا    دبَّابات التوصيل    مركز الملك سلمان.. إنسانية متدفقة بالعطاء حول العالم    قطط وكلاب ترث ملايين الدولارات    تطوير أول لقاح في العالم ضد سرطان المبيض    «الفلورايد «في مياه الشرب السُمّ القادم 2-2    البديوي: إنشاء مرصد علمي خليجي لمكافحة التطرف يبرز الصورة الحقيقية للإسلام ومواجهة حملات الكراهية    الاختراق    ما هي الرجولة؟ وكيف نعرف المرجلة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحادية أميركا تضع الأوروبيين والعرب في خانة المهزومين
نشر في الحياة يوم 17 - 11 - 2002


Cordelier Serge & Bژatrice Didiot.
L'Etat du Monde 2003.
وضع العالم 2003
La Decouverte, Paris.
2002.
674 pages.
اذا بدأ العام المقبل بما سينتهي به العام الحالي، فلا شك في ان العام 2003 سيكون عام سيادة "احادية الجانب" بلا منازع.
التعبير هو بحد ذاته جديد.
فحتى مطلع التسعينات من القرن الماضي كان التعبير الذي يفرض نفسه في الحقل التداولي للغة العلاقات الدولية هو "ثنائية القطب" بالاحالة الى الانقسام العضال للعالم الى قطبين، رأسمالي واشتراكي، متعاديين ومتنافسين.
وبعد انهيار جدار برلين وتفكك المعسكر السوفياتي، برز تعبير "احادية القطب" بالاحالة الى انفراد معسكر الغرب الرأسمالي والديموقراطي معاً بالهيمنة بلا منازع على مصائر العالم، الى حد امكن معه لمتفلسف اميركي هو فرنسيس فوكوياما ان يستعير معجم هيغل ليتحدث عن "نهاية التاريخ".
وحتى مطلع القرن الحادي والعشرين بدا العالم، بمجموعاته الجيوبوليتيكية الكبرى، وكأنه يصارع من اجل استعادة توازنه واعادة تأسيس نفسه في تعددية قطبية رباعية: اميركية شمالية واوروبية غربية وروسية وآسيوية شرقية، فضلاً عن قطب خامس صاعد جديد هو الصين التي بدا اقتصادها في آخر عقود القرن العشرين وكأنه يكرر، بنموه المدهش، "المعجزة اليابانية".
ولكن مع اعتداءات 11 ايلول سبتمبر 2001 طرأ انكسار حاد في مسار العالم: فالولايات المتحدة الاميركية التي ضربت في عقر دارها وفي اعز رموزها اندفعت، في ما يشبه ان يكون ثورة بركانية، تضرب حممها على العالم أجمع، وتعطي نفسها الحق في ان تتصرف لا كقوة عظمى، بل كالقوة العظمى الوحيدة في العالم.
أحادية الجانب هي، قاموسياً، المبدأ او المنطق الذي تفرض بموجبه دولة بعينها خياراتها على محيطها الخارجي، من دون تنسيق مع اي شريك آخر ثنائية الجانب، ولا في اطار أية هيئة دولية جماعية تعددية الجانب.
ولئن يكن مفهوماً ان تندفع الولايات المتحدة الاميركية، بعد ضربة 11/9 الزلزالية، الى التعامل مع المحيط الخارجي اندفاع من طاش صوابه، فما هو غير مفهوم على الاطلاق ان تنتاب مجلس الامن الدولي، وهو الذي يفترض فيه ان يمثل الاسرة الدولية بتعدد مجموعاتها الجيوبوليتيكية، سورة انفعالية مماثلة، فيصدر القرار 1368 الذي يقدم للولايات المتحدة، باسم الحق المشروع في الدفاع عن النفس، تغطية شرعية دولية لاندفاعها نحو سلوك احادي الجانب، لا سيما تحت ضغط صقور ادارة بوش الجمهورية الجديدة.
والواقع ان احادية الجانب هذه لم تكن مجرد رد فعل "اهوج" على ضربة 11/9، بل كانت من البداية خياراً استراتيجياً وجد في تلك الضربة ذريعته التبريرية وفرصته التفعيلية.
فإدارة جورج بوش، الراغبة في تمييز نفسها عن "رخاوة" الادارة الديموقراطية السابقة، تصرفت من البداية في مجال العلاقات الدولية وكأن الحرب الباردة لم تنته، وكأن التعبئة ضد القوى الشيطانية في العالم ما زالت مطلوبة، لأن امبراطورية الشر السوفياتية ان تكن قد سقطت، فهي لم تفعل سوى ان اخلت مكانها لامبراطورية جديدة تتمثل في ما سيسمّيه بوش في خطابه عن "وضع الاتحاد الاميركي" في مطلع العام 2002 ب"محور الشر" بدوله الثلاث: ايران والعراق وكوريا الشمالية الممتلكة او المرشحة لأن تمتلك قنبلة نووية قد يكون مآلها، في خاتمة المطاف، الى ايدي جماعات بنلادنية جديدة تحلم بأن تكرر ضربة 11/9، ولكن على نطاق اوسع وأشد أذى بما لا يقاس.
ومن هنا تركيز الوثيقة الرسمية التي نشرها البيت الابيض في 20 أيلول سبتمبر 2002 عن "الاستراتيجية الامنية القومية للولايات المتحدة" على الجمع بين "محور الشر" و"محور الارهاب" في خانة "العدو المشترك" للأمن الاميركي التي هي حسب توصيف الرئيس بوش نفسه "امة مسالمة ولكنها شرسة عندما يثار غضبها".
فمن دون ان تقوم أية أدلة مادية على تحالف ذاتي او موضوعي بين "محور الشر" و"محور الارهاب"، فإن الاستراتيجية الامنية الجديدة للولايات المتحدة تلتزم بمحاربة "الطغاة" و"الارهابيين" في العالم على حد سواء، ودوماً من منطلق أحادي الجانب "اذا دعت الضرورة".
وهذا التقييد الاخير هو في الحقيقة محض تقييد لفظي وشكلي. فالفقرة الاخيرة من "الاستراتيجية الامنية القومية" الجديدة تصوغ في منتهى الوضوح مفهوم السلوك الأحادي الجانب، ليس فقط في مواجهة الاعداء، بل في مواجهة الاصدقاء كذلك: "سوف تحترم قيم وأحكام ومصالح اصدقائنا وشركائنا، لكننا سنكون جاهزين للتصرف منفردين عندما تتطلب مصالحنا ومسؤولياتنا الخاصة ذلك".
والمرعب في هذه العبارة انها تقدم "المصالح" على "المسؤوليات"، وانها تطلق للولايات المتحدة حق التدخل وواجب التدخل في العالم، وهذا حتى من دون ان تحتمي بورقة توت "المبادئ".
فكأن المصالح القومية للولايات المتحدة الاميركية ينبغي ان تكون هي المبادئ الكونية للعالم اجمع.
من هذا المنظور تحديداً فإن النزعة الاحادية الجانب والمنفلتة من عقالها للادارة الاميركية البوشية تبدو وكأنها موجهة بالدرجة الاولى نحو الحليف الاوروبي.
فهذا الحليف لن يبقى "صديقاً" إلا بقدر ما سيكف في الواقع عن ان يكون "شريكاً".
فالنزعة الأحادية الجانب لا تقر بحق الوجود الا للأتباع لا للشركاء.
والمثال النموذجي على هذه التبعية تقدمه حكومة بريطانيا البيليرية.
وفي المقابل، فإن حليفاً مثل المستشار الالماني شرودر، او حتى الرئيس الفرنسي شيراك، مرشح بسهولة لأن يغدو خصماً، او حتى عدواً، بقدر ما قد يصر على ان يتصرف كشريك لا كتابع.
واذا استمرت النزعة الاميركية الأحادية الجانب على انفلاتها من عقالها، فإن العام 2003 سيكون عاماً كارثياً على مشروع الاتحاد الاوروبي.
ففي قلب اوروبا سيتواجه محوران: محور بريطاني - ايطالي ومحور الماني - فرنسي.
وفي مواجهة كهذه، فإن فكرة الوحدة الاوروبية ستكون الخاسر الاول.
وعام الخسائر بالنسبة الى العالم الاوروبي سيكون ايضاً عام الخسائر، وربما على نطاق اوسع، بالنسبة الى العالم العربي.
فالنزعة الاميركية الأحادية الجانب لن تستهدف فقط "اعداء" الولايات المتحدة في المنطقة العربية، بل سترتد آثارها السلبية على "اصدقائها" ايضاً.
فهؤلاء كان يباح لهم حتى الامس القريب ان يحجبوا تبعيتهم خلف ورقة توت رقيقة من الاستقلالية الذاتية.
والحال ان النزعة الأحادية، مثلما لا تعترف بالشراكة، كذلك فإنها لا تعترف بأي درجة من الاستقلال الذاتي.
ففي العلاقات الاميركية - العربية كان يصح، حتى الأمس القريب، القول بأن من لا يعادينا يصلح لأن يكون صديقنا.
لكن الامور انقلبت اليوم ليس فقط الى حد القول: من ليس بصديقنا فهو عدونا، بل كذلك الى حد القول: من ليس بصديقنا مئة في المئة، فهو عدونا مئة في المئة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.